اتفاقية أربيل لتسوية خلاف الانتخابات تدخل كرتنا في نفق مجهول!

Sunday 19th of January 2020 07:43:08 PM ,
العدد : 4592
الصفحة : رياضة ,

 غياب القرار القضائي الرياضي ينتهك المادة 14 من النظام الأساسي للفيفا

 لا قيمة لأي توافق دون تصويت العامة على الاستقالة وتشكيلها المؤقتة

متابعة / إياد الصالحي

أسدل الستار على اتفاق أربيل الكروي المبرم يوم الجمعة الموافق 17 كانون الثاني 2019 بين طرفي المكتب التنفيذي لاتحاد كرة القدم والكابتن عدنان درجال لتسوية خلاف انتخابات 31 أيار 2018 إدارياً وقضائياً

تحت إشراف مسؤولي الحكومة وزير الشباب والرياضة د.أحمد رياض ومستشار رئيس مجلس الوزراء إياد بنيان ورئيس لجنة الشباب والرياضة عباس عليوي ، بهدف إبعاد شبح العقوبات الدولية عن الكرة العراقية والتي حذّر منها أكثر من مراقب للأزمة في ظل تعنّت المكتب التنفيذي بعدم تقديم الاستقالة الجماعية إلا متأخراً للمضي ببناء منظومة اللعبة وفقاً لنظام اساسي جديد مع توسعة الهيئة العامة لتضم جميع العناصر الفاعلة والطامحة لتطوير كل ما يتصل باللجان العاملة أملاً بمستقبل يعيد كرتنا الى تصنيف أفضل بين عموم الاتحادات الدولية.

وبرزت مسألتان مهمّتان في مشهد اتفاق أربيل الكروي ، الأولى كيف سينظر الاتحاد الدولي لكرة القدم الى قبول استقالة رئيس واعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد مقابل تنازل الكابتن عدنان درجال عن قضية مرفوعة للقضاء بحق رئيس الاتحاد عبدالخالق مسعود ونائبه علي جبار عن شبهة تزوير النظام الاساسي للاتحاد ، وسبق له أن اصطحب فريقه المشتكي الى محكمة كاس الدولية حاملاً معه كل دلائل خروق الانتخابات بانتظار قرارها الحاسم ، وكذلك توجّهه للتنازل عن شكواه بحق د.صباح محمد رضا أمين السر العام ورئيس لجنة الاستئناف السابق ستار زوير وغلق ملف زميلهما وليد طبرة دون الجزم بتبعات الحق العام ، والثانية مَنْ المسؤول عن اختيار رئيس واعضاء الهيئة المؤقتة لإدارة شؤون الاتحاد في حالة موافقة الفيفا على استقالة رئيس واعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد؟

(المدى) استطلعت رأيين محايدين في المشهد الكروي العراقي لبيان مدى شرعية الاجراءات التي أتخذت على هامش اتفاق أربيل .

قضاء الدولة والنزاع الرياضي 

المحامي والمستشار في القانون الرياضي الدولي السعودي يعقوب المطير، أكد أن "اصداء القضية العراقية أخذت تثير تكهّنات عديدة بشأن ما جرى قبل وأثناء اتفاق طرفي الأزمة في أربيل ، وما يهمّنا هنا سلامة الإجراءات القانونية عند حدوث أزمة في أي اتحاد وطني معتمد لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم ، فالاتحادات العربية تشهد هكذا قضايا وتتعامل وفقاً للوصايا التي يؤكد عليها الفيفا في لائحته ونظامه المحدّثين بين الحين والآخر".

وأضاف "من المفترض أن لا تتدخل الحكومة العراقية والقضاء في نزاع رياضي مهما كان سببه (تزوير أو تلاعب في أوراق تخص انتخابات ذات صلة باتحاد رياضي) فالفيفا يمنع التدخل الحكومي في هكذا نزاع رياضي وإذا ما تأكد له فأنه يعرّض اللعبة الى العقوبات وتصل الى تجميد الاتحاد".

وأشار إلى أن "لا بدّ أن تأخذ لجنة النزاهة والقيم في اتحاد كرة القدم العراقي إن وجدت دورها الفاعل في هذا النزاع منذ أول ورقة يقدمها المشتكي عدنان درجال في ملف التلاعب بالنظام الاساسي أو تزوير في قرار انضباطي حرمه من دخول الانتخابات كما يزعم ، فهذا نزاع رياضي بحت يفترض أن لا يُبت به من قبل قضاء الدولة ومحاكمة والاجهزة المختصة الأخرى ، الصحيح أن القضاء الرياضي يجب أن يُفصَل به أولاً من خلال لجنة النزاهة المنوّه عنها التي تدرس أسباب النزاع وإذا ما أوصت بوجود شبهة تلاعب في النظام الاساسي أو شبهة جنائية في قرار الانضباط عندها يمكن رفعها الى قضاء الدولة حسب الاختصاص".

وأكد المطير "هناك ما يسمى بـ(وحدة النزاهة) لدى الاتحادين الدولي والآسيوي لكرة القدم تفصل في خروق الفساد والتزوير والشق الجنائي وهي مَنْ نظرتْ في قضية فساد مسؤولي الاتحاد الدولي برئاسة رئيسه السابق جوزيف بلاتر ورئيس الاتحاد الأوروبي ميشيل بلاتيني واتخذت قراراً في الموضوع وأحالت الأوراق الى القضاء السويسري لاستدراج الخصوم واظهار بعض الأدلة وتحليلها بوسائل مختصّة قد لا تتوفر لدى القضاء الرياضي".

وتابع "عندما يتم تثبيت الحكم الجنائي في اتهامات مخلّة بالشرف والأمانة من قبل قضاء الدولة يتم بعدها تنفيذ الحكم في الشق الرياضي أي يصدر الفيفا قراره بحرمان المسؤول من مزاولة النشاط الرياضي مدى الحياة أو سنين محدّدة يتم تكييفها حسب حجم المخالفة".

وبيّن المطير "للدلالة على أهمية اتخاذ القرار القضائي الرياضي ، أصدرت لجنة الانضباط والأخلاق في الاتحاد السعودي لكرة القدم قراراً بإيقاف الحكم فهد المرداسي مدى الحياة على خلفية اتهامه بطلب رشوة ذات صلة بمباراة الاتحاد والفيصلي في نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين 12 أيار 2018 وأوصت بشطبه من قائمة حكام مونديال روسيا العام ذاته ، وأحالتْ أوراقه الى المباحث الإدارية للتحقيق معه ، وجاء تعليق الفيفا حينها أنه طلب معلومات اضافية حول اسباب إيقاف الحكم مدى الحياة ، وبعدها أعلن الفيفا في بيان إعلامي عن استبعاد المرداسي من قائمة حكام المونديال بصورة رسمية ، واعتبرت لجنة الحكام التابعة له أن شروط الاختيار لم يتم استيفاؤها فقرّرتْ سحب الاختيار بصورة فورية ، وليس هذا فحسب فقد قرّرت استبعاد الحكام المساعدين محمد العبكري وعبدالله الشلوي تماشياً مع الفلسفة العامة للجنة التي تقضي بتعيين حكام المباريات بشكل جماعي كفريق مؤلف من ثلاثة عناصر خلال الفترة التحضيرية".

وذكّر المطير بخطاب أمين عام الاتحاد الدولي لكرة القدم فاطمة سامورا الموجّه الى وزير الشباب والرياضة السابق عبدالحسين عبطان يوم 24 أيار 2018 وقال :" في هذا الخطاب تحذير صريح للفيفا أنه (سيتابع عن قرب انتخابات الاتحاد العراقي لكرة القدم والتطوّرات ذات الصلة بجلسة الاجتماع أمام محكمة الجنايات لهيئة النزاهة ، وإذا ما تعرّض الاتحاد العراقي لكرة القدم لأي تدخّل يخالف المادة ١٤ والفقرة ١ من المادة ١٩ من النظام الداخلي للفيفا فإن ذلك سيؤدي إلى تجميد وحرمان الاتحاد العراقي لكرة القدم كما هو منصوص عليه في المواد ١و٣و١٤ من النظام الداخلي للفيفا) أي إذا ثبت لدى الفيفا وجود تدخل حكومي في عمل الاتحاد المحلي يخرق المادة 14 من نظامه الاساسي فهذه دلالة صريحة على وجود انتهاك وخرق ومخالفة لنص المادة الرابعة عشرة من النظام الأساسي للفيفا ، وبالتالي يتعرّض الاتحاد العراقي الى عقوبات صارمة قد تصل الى تجميد عمله".

وأختتم يعقوب المطير حديثه:" في حال طلب الفيفا معلومات اضافية عن اسباب تقديم الاتحاد العراقي لكرة القدم الاستقالة وتأكّد له وجود تدخل حكومي وقضائي في موضوع ذي صلة بانتخاباته في أيار 2018 والتي حذّر منها في خطاب أمينه العام فأنه سيجمّد عمل الاتحاد مع إيقاف كرته في أي نشاط كتصفيات كأس العالم 2022 وكأس آسيا 2023 وغيرها".

تشكيل الهيئة المؤقتة

وبدوره قال حسين الحربي أمين عام مؤسسة ما بين النهرين الرياضية ينبغي معرفة الجهة صاحبة القرار في اختيار وتحديد شخوص الهيئة المؤقتة المزمع تشكيلها لاتحاد الكرة العراقي حال اصدار الاتحاد الدولي لكرة القدم موافقته على استقالة المكتب التنفيذي للحيلولة دون خضوع الموضوع للاجتهادات.

وأضاف :"استناداً الى لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا وأبرزها النظام الأساس فإن الجهة الوحيد صاحبة القرار في اختيار الهيئة المؤقتة هي الهيئة العامة للاتحاد العراقي لكرة القدم وذلك استناداً الى المادة 19 الخاصة باستقلالية الاتحادات الأعضاء وهيئاتها من نظام الفيفا الأساس في آخر إصدار له للعام 2018 والتي تنص على كل اتحاد عضو إدارة شؤونه بشكل مستقل وبدون تأثير لا ضرورة له من أطراف ثالثة".

وأضاف :" تنتخب هيئات أي اتحاد عضو أو تُعيّن في ذلك الاتحاد بموجب النظام الأساسي للاتحاد بديمقراطية الإجراءات التي تضمن الاستقلال الكامل للانتخابات أو التعيين ، وكذلك أن هيئات أي اتحاد عضو لم يتم انتخابها أو تعيينها دون الالتزام بأحكام ما سبق حتى على أساس مؤقت ، لا يكون معترف بها من قبل الفيفا . ولفت النظام الاساس للفيفا أيضاً الى أن القرارات الصادرة عن الهيئات التي لم يتم انتخابها أو تعيينها دون الالتزام بالأحكام اعلاه لا يعترف الاتحاد الدولي لكرة القدم."

وأكد الحربي "من خلال ما ورد في نص لوائح الفيفا يتضح عدم وجود قيمة قانونية لأي اتفاق يُبرم دون وجود الهيئة العامة للاتحاد لعدم اعتراف الاتحاد الدولي بأي قرار يصدر بلا علمها مع تقديرنا لجميع الجهود النبيلة والخيّرة التي سعت وما تزال لإصلاح واقعنا الكروي والنهوض به" .

ونبّه إلى "ضرورة اشتراط تصويت الهيئة العامة على تغيير جدول أعمال اجتماعها وتضمينه فقرة قبول استقالة رئيس وأعضاء إدارة الاتحاد وذلك استناداً الى المادة 28 (جدول اعمال المؤتمر العادي) الفقرة 4 منها والتي تنص على أنه (يجوز تغيير جدول أعمال المؤتمر في حالة موافقة ثلاثة ارباع (4/3) من الأعضاء الحاضرين والذين يحقّ لهم التصويت( ".

وتمنى الحربي في ختام حديثه " أن تكلل مساعي الجميع لخدمة العراق ورياضته بجهود أبنائه المخلصين وحرصهم الشديد على مراعاة الالتزام بالتفاصيل الدقيقة للّوائح لأن هنالك من يبحث عن أية ثغرة لتعطيل عملية الإصلاح ".