العمود الثامن: توابيت الحكومة

Wednesday 22nd of January 2020 09:30:57 PM ,
العدد : 4595
الصفحة : الأعمدة ,

 علي حسين

لا قيمة لأي حديث عن الجنة الموعودة التي ستمنحنا إياه الصين بينما الدم لا يزال يسيل فى شوارع بغداد والبصرة والحلة والناصرية والديوانية وكربلاء والنجف..

لا معنى للحديث عن دافوس، بينما الجنازات تدور في شوارع العراق حاملة جثامين شباب توهموا أن هذه الدولة ستفتح لهم أذرعها، فإذا بها تفتح عليهم أبواب الموت، وتمنحهم بدلا من الأمل بالمستقبل، قنابل غاز منتهية الصلاحية ورصاصات في الرأس أو حفلة تعذيب فى وكر أو دائرة أمنية.

إن الحديث عن الاتفاقية الصينية وطرد القوات الأجنبية من العراق لا يساوي دمعة أم ثكلى ، وقد اعترف رئيس الجمهورية أمس وأمام وكالات الأنباء العالمية أن عدد الشهداء اكثر من 600 ، وهم من المتظاهرين الشباب السلميين.

منذ الأول من تشرين الأول بدأت سلطة عادل عبد المهدي بإبداء توحشها تجاه المتظاهرين ومارست شتى أنواع القمع المجنون ضد المحتجين عمومًا، حتى بدت هذه الانتهاكات وكأنها مسلك منهجي، المقصود منه مزيدا من الترويع الموجه إلى المجتمع، لقتل أي تفكير في الاعتراض والاحتجاج.

روايات القتل والخطف تثبت أننا نعيش أشد أنواع الانحطاط السياسي في التعامل مع المواطن، وتؤكّد الوقائع أن الأمر ليس اجتهادات شخصية من قوات أمنية أو جماعات مسلحة، بل هو تعبير عن سياسات عادل عبد المهدي، الذي يشهر، هذه الأيام، كاتم الصوت بوجه كل رافضي السرقة والظلم والاستبداد والانتهازية السياسية.

لقد كان أول هتاف جرى على لسان المتظاهرين هو : "نريد وطن" وبالتالي فقد هتف العراقيون من أجل عراق آمن مستقر مزدهر يحقق الجميع فيه أحلامهم، ولم يكن يدور بخلدهم أن حكومة عادل عبد المهدي ستواجه هذا الشعار بالرصاص الحي والخطف والتعذيب وقتل النساء بدم بارد.. وكان آخر الجرائم التي يندى لها الجبين مقتل السيدة البصراوية "جنان ماذي"، جريمتها الوحيدة أنها تتعاطف مع شباب الاحتجاجات وتوفر لهم بعضا من الطعام، وفي سيرتها نقرأ أنها كانت تعمل على رعاية الأيتام، وتعليم الأرامل وأنها إضافة إلى ذلك "مسؤولة عن عدة عوائل متعففة في البصرة، وكافلة لـ500 يتيم تجمع لهم التبرعات والمساعدات شهريًا".

وقد يقول البعض إن هذه السيدة ربما قتلتها جماعات مسلحة، وإنها دفعت حياتها ثمنا للخلافات السياسية، ، وهذا ربما صحيح ، غير أن الثابت أن المسؤولية الأكبر عن هذه الجريمة تقع على عاتق الحكومة وأجهزتها الأمنية، التي نجدها مثل الذئب المفترس أمام شباب الاحتجاجات ، لكنها تتحول إلى نعجة خانعة في مواجهة الجماعات المسلحة .

يحاولون إرهابك باتهامك إن طرحت الأسئلة، وأشرت بإصبعٍ إلى المسؤول عن إراقة الدماء ، فقل لهم إن مسؤولا لم يهتزّ له رمش، بعد مقتل اكثر من 600 متظاهر ، لا يمكن أن يحب هذه البلاد ولا ينتمي لها .