ثم ماذا

Saturday 8th of February 2020 06:55:42 PM ,
العدد : 4606
الصفحة : آراء وأفكار ,

 د. أثير ناظم الجاسور

بعد هذه السنوات الطويلة وما حملته من نكبات ومعاناة وخذلان وانكسارات وهبوط بسرعة البرق على كافة المستويات نحو المنطقة الرمادية متوجهين لتلك المنطقة السوداء التي يراها الجميع من خلال الأداء والأسلوب المتبع من قبل الأحزاب الحاكمة،

ولا زلنا نتساءل عن ما مدى إمكانية هذه الأخيرة من أن تصل إلى حلول تُنجي بلادنا من الأزمات التي تمر بها ؟ والتي هي بشكل أو بأخر من صنع أيدي هذه الأحزاب، فالواقع يخبرنا أن المجتمع العراقي أمام تحدٍ كبير على اعتبار أن المرحلة التي يمر بها العراق من أصعب المراحل وأكثرها تعقيداً بعد أن أصبح ساحة صراع للعديد من القوى التي تحاول بشتى الطرق أن تثبت وجودها وبمختلف الوسائل، فبعد سنوات من الأزمات والتحديات والصعاب قد يكون المجتمع العراقي يبحث عن خلاص من الأوضاع المزرية التي يمر بها بعد أن فقد كل الأمل من أن يحقق أبسط متطلبات الحياة الانسانية وفقد الأمل في أن يكون مساهماً في خلق أجواء طبيعة لحكم العراق.

معطيات الواقع تؤشر على أن الاحزاب السياسية فاقدة السيطرة على مدخلات ومخرجات العمل السياسي بعد أن تكشف للجميع أنها لا تجيد السياسة او كما يسميها المختصون لعبة السياسة، فكل صراعاتهم صفرية منذ اليوم الأول من خلق العملية السياسية على يد الامريكان بعد أن تم توزيع المهام وفق الطائفة والدين والقومية، المسألة الثانية أن القرار السياسي المتخذ من قبل الأحزاب لا يتناسب مع مزاج المجتمع على اعتباره قرار جاهز وغير قابل للتغيير أي أنه فاقد المرونة لأنه وبشكل واضح يصب بمصلحة القوى الاقليمية والدولية وبعيد عن المصلحة الوطنية، الأهم من ذلك أن الاحزاب غير قادرة على التخطيط والإدارة وهذا بحد ذاته يجعلهم متخبطين في التطبيق لأن التخطيط انحصر فيما يخص المكاسب وتعزيز السلطة وترسيخها عند جمهورهم الذي بات وقود صراعاتهم وتنافسهم، بالتالي فان المفاهيم التي يحاول المجتمع أن يرسخها في الذهن من حرية وتعاون وتشارك وتداول سلمي للسلطة الخ.. من المفاهيم صعبة التنفيذ لأنها وببساطة غريبة عن منهاج وتفكير الاحزاب الحاكمة التي بُنيت على أسس ونظريات لا تقبل الاعتراض والمناقشة والتدقيق، فالاضطلاع بالمسؤوليات هو واحد من الأمور التي تفتقر لها هذه الأحزاب ولا تدرك لا الآليات ولا الاجراءات التي ترفع عن المواطن معاناته.

إن الحديث عن تضحيات ودماء وشهداء وجرحى سواء في جبهات القتال أو في ساحات التظاهر هذه المسألة في تفكير الأحزاب هي مسألة ضرورية وطبيعية في ذات الوقت لاستمرارهم وتوطيد سلطتهم لأسباب عدة يعلمها الجميع، فهم في هذه الوقت الذي يصرون فيه على أن يكونوا أنداداً للغرب والولايات المتحدة تحديداً لكنهم مصرون على اتباع ذات المنهج الذي تتبعه الاخيرة في مبدأ ( من ليس معي فهو ضدي ) بعد أن يتم تصنيف العدو والصديق من خلال الولاء لهم ومقدار هذا الولاء يقاس من خلال تلبية مطالبهم حتى وإن كلف هذا حياة من يواليهم، بالنتيجة هم لا يكترثون إلى عدد الشهداء والجرحى والمفقودين والمهاجرين والمهجرين لأنها أرقام لا قيمة لها في تفكيرهم ولا رقم لها في جدول أعمالهم فمهما حدث ويحدث ضروري بالنسبة لهم طالما تساعد على استمرارهم.