الوطنية الديمقراطية والطائفية السياسية

Sunday 9th of February 2020 08:00:34 PM ,
العدد : 4607
الصفحة : آراء وأفكار ,

لطفي حاتم

يواجه مشروع الوطنية الديمقراطية تحديات كبيرة في المرحلة الراهنة من التوسع الرأسمالي المتسم بميول تخريبية تتناغم معها هيمنة أيديولوجيا الطبقات الفرعية في التشكيلات الاجتماعية في الدول الوطنية.

-- استناداً الى ذلك التوصيف المكثف أحاول التعرض الى الفكر السياسي الناظم لتياري الوطنية الديمقراطية والطائفية السياسية ولكن قبل هذا دعونا نشير الى سمات العولمة الرأسمالية في المرحلة الراهنة من تطورها وتأثيراتها على بناء الدول الوطنية وتشكيلاتها الاجتماعية.

-- بسبب تدويل رأس المال العالمي تسعى الدول الرأسمالية المعولمة الى الهيمنة الدولية على الدول الوطنية وثرواتها الاقتصادية وتحديد مسار تطورها الوطني اللاحق. 

-- تهدف الدول الرأسمالية المعولمة الى الحاق الدول الوطنية بمسار حركة احتكاراتها الدولية وما ينتجه ذلك من مخاطر تهميش الدول الوطنية وطبقاتها الاجتماعية.

-- تسعى الرأسمالية المعولمة الى مساندة الطبقات الفرعية باعتبارها حليفاً (وطنياً) بهدف تحجيم نمو وفعالية الطبقات الاجتماعية في التشكيلة الاجتماعية الوطنية.

استناداً الى السمات العامة لنهوج الرأسمالية المعولمة السياسية - الاقتصادية إزاء الدول الوطنية نتعرض الى مشروع الوطنية الديمقراطية باعتباره مشروع وطني للطبقات الاجتماعية الفاعلة في التشكيلات الاجتماعية الوطنية ومشروع الطائفية السياسية كونها الحامل الأيديولوجي للطبقات الاجتماعية الفرعية.

– المساند الفكرية لمشروع الوطنية الديمقراطية.

يرتكز الفكر السياسي الناظم لمشروع الوطنية الديمقراطية على الموضوعات الفكرية – السياسية التالية--

- بناء الدولة الوطنية المناهضة للتبعية والتهميش

1- بناء الدولة الوطنية الديمقراطية يرتكز على تحالفات القوى الطبقية الفاعلة في التشكيلة الاجتماعية وضمان مصالحها الوطنية.

2- تسعى القوى الطبقية الفاعلة في التشكيلة الاجتماعية الى إقامة تحالفات سياسية - طبقية مرتكزة على برامج وطنية - ديمقراطية هادفة الى صيانة الدولة الوطنية من التبعية والتهميش.

3-- تعمل الدولة الوطنية على ضمان نشاط الأحزاب الوطنية المرتكزة على الشرعية الديمقراطية لبناء السلطة السياسية العاملة على مكافحة الإرهاب والتخريب.

–سياسة وطنية مناهضة للاحتكارات الدولية تهدف إلى --

1– إقامة اقتصاد وطني يعمل على تلبية المصالح الأساسية للطبقات الاجتماعية الناشطة في الدورة الإنتاجية والمناهضة للتبعية والتهميش.

2– بناء اقتصاد وطني متنامي متلازم ومصالح طبقات التشكيلة الاجتماعية وتطور دولتها الوطنية.

3– اعتماد سوق اجتماعي للدولة الوطنية يحدده مسار التوازنات الطبقية.

4– تلبي السوق الاجتماعية الحاجات الأساسية للطبقات الاجتماعية الفاعلة في التشكيلة الاجتماعية الوطنية ويعمل على تكريس الضمانات الاجتماعية للطبقات الفاعلة في قوانين وتشريعات وطني.

-- يعتمد برنامج الوطنية الديمقراطية على ركيزتين أساسيتين أولتهما صيانة الدولة الوطنية من التبعية والتهميش التي يحملها الراس المال المعولم, وثانيتهما تكريس التوازنات الطبقية التي تكفلها الدولة الوطنية عبر تطوير سوقها الاجتماعي.

-- الركائز الفكرية للطائفية السياسية.

بداية لابد من تأكيد موضوعة مفادها أن مشروع الطائفية السياسية هو مشروع مناهض للوطنية الديمقراطية وعاجز عن بناء دولة وطنية مستقلة.

تفكيك مضامين الموضوعة المشار إليها يشترط تحديد الرؤى الأيديولوجية للطائفة السياسية المتمثلة ب-- 

أ -- توزيع الدولة الوطنية على أقاليم طائفية.

-- بسبب عجزها عن تمثيل القوى الاجتماعية الوطنية والدفاع عن مصالح طبقات تشكيلتها الاجتماعية تسعى الطائية السياسية الى توزيع سلطات الدولة الوطنية على سلطات إقليمية طائفية خاضعة لهيمنتها السياسية عاجزة عن مقاومة التبعية والتهميش.

-- عجز الطائفية السياسية عن بناء دولة وطنية مستقلة يقودها الى نسج تحالفات سياسية مع الوافد الأجنبي لتأمين مصالح قواها الطبقية المتمثلة ب – البرجوازية الكمبورادورية وبعض الشرائح المالية والبيروقراطية في أجهزة الدولة الأساسية. 

ب – سيادة النزعة الإرهابية 

-- بسبب ضيق قاعدتها الاجتماعية تعمد الطائفية السياسية الى إثارة النزاعات الاجتماعية ومحاربة القوى الديمقراطية فضلاً عن تشجيع الإرهاب ضد النزعة الوطنية.

-- تتغنى الأيديولوجيا الطائفية بالمقدسات التاريخية بهدف مباركة نهوجها الانقسامية.

-- تهدف الطائفية السياسية الى بناء مواقع طبقية هامة في الاقتصادات الوطنية تتمتع بحماية أجنبية.

إن الاختلافات الفكرية والسياسية بين مشروعي الوطنية الديمقراطية والطائفة السياسية تنعكس على العلاقات بين القوى السياسية الوطنية ويتجلى ذلك في الحقول التالية –

-- تسعى الطائفية السياسية الى استبدال الدولة الوطنية المستقلة بالأقاليم الطائفية التابعة وبهذا تجد الرأسمالية المعولمة في الطائفية السياسية حليفا (وطنيا) يتجاوب وميول التبعية والتهميش.

-- تسعى الطائفية السياسية الى التصدي للاحتجاجات الشعبية بمختلف الأساليب السلمية والعنيفة لغرض صيانة مصالحها الطبقية وما يتطلبه ذلك من سيادة الاقصاء والإبعاد للقوى الوطنية الاخرى.

--يفضي غياب الركائز السياسية والفكرية المشتركة بين المشرعين الوطني الديمقراطي والمشروع الطائفي الى انتشار النزعة الإرهابية عند القوى الإرهابية المباركة من الخارج الدولي. 

إزاء هذه الوقائع السياسية والتعارضات الفكرية -السياسية بين المشروع الوطني الديمقراطي والطائفة السياسية تواجهنا الأسئلة التالية – 

ما هي أساليب التصدي لمشروع الطبقات الاجتماعية الفرعية؟. 

وما هي أساليب التصدي لسياسة التشظي الوطني والتبعية التي تنتهجها الطائفة السياسية.

محاولة الإجابة على التساؤلات المثارة نحاول التوقف عند العناوين التالية –

أ –بناء الشرعية الديمقراطية وإدامة التنمية الوطنية. 

يتمتع بناء الدولة الوطنية المستقلة بأهمية كبيرة في مفصلين أساسيين أولهما اعتماد الشرعية الديمقراطية السياسية في بناء الدولة وسلطتها السياسية. وثانيهما حماية الشرعية الديمقراطية المبنية على البرامج الوطنية لتحقيق التنمية الوطنية المستدامة. 

ب- التوازن الطبقي

بناء التشكيلة الاجتماعية على أساس توازن مصالح طبقاتها الاجتماعية عبر بناء شبكة الضمانات الاجتماعية الضامنة لمصالح الطبقات الاجتماعية الناشطة في تشكيلة البلاد الاقتصادية. 

ج– علاقات دولية متوازنة 

اعتماد سياسية التوازنات الدولية المرتكزة على صيانة المصالح الوطنية ومكافحة ميول الهيمنة والتخريب التي تسلكها الطبقات الفرعية المسندة من المراكز الرأسمالية المعولمة.

د – صيانة المصالح الوطنية 

تشترط موازنة المصالح الطبقية وصيانة المصالح الوطنية الاصطفاف مع الدول المستقلة المناهضة للهيمنة والتدخلات الخارجية في الشؤون الوطنية.

إن الدالات الفكرية والسياسية قادرة كما ازعم على الحد من تخريب الطبقات الفرعية ومحاولات الخارج المعولم للتدخل في الشؤون الداخلية بهدف ربط الدولة الوطنية وتطورها بالاحتكارات الدولية.