العمود الثامن: لا تهمنا كورونا .. ولا القناصة

Wednesday 11th of March 2020 10:00:03 PM ,
العدد : 4630
الصفحة : الأعمدة , علي حسين

 علي حسين

يقول دريد لحام في مسلسل سنعود بعد قليل لأحد أصدقائه القدامى: "لا تهتم للمصائب. تعودنا على قبول كل شيء"، تذكرت هذه الجملة وأنا أرى حالة التبلد التي أصابت مسؤولينا خلال الأشهر الماضية..

لم يعد مهما كم عدد الضحايا، ولا حجم الخراب الذي نعوم فيه، فماذا يعني أن يزداد عدد الضحايا، ما دام البرلمان – مشكورا – قرر أن ينام ، استشهد أكثر من 600 متظاهر، وجرح الآلاف.. وتحول الخطف والقتل بالكواتم إلى طقس يومي نعيشه.. ومع هذا، الأمر لايحتاج إلى عجالة.. ما دام هناك فاصل من الراحة لنوابنا الأعزاء يعودون بعده أكثر حيوية ونشاطا في مناقشة أحقية النائب بالراتب التقاعدي ومخصصات السكن والمصفحة التي تحافظ على حياته التي هي ثروة لا يجوز التفريط بها.

يريد أن يقول لنا مجلس النواب، أن ذبح الناس في الشوارع ليس مهما جدا، وأن الجريمة فقط في عدم الاتفاق على توزيع الهيئات المستقلة والمستشارين. فالمسألة هنا ليست عدد الضحايا التي يتسبب بها قناصة الحكومة، بل سمعة العراق التي يمكن أن تهبط إلى الحضيض لو أننا اتبعنا قرارات منظمة الصحة العالمية حول وباء الكورونا.. فهل يعقل ياسادة أن شعبا مؤمنا مثل شعبنا يمكن أن يصاب بالفايروسات؟.

علينا كشعب أن نتعود على منظر السيارات المظللة وهي تخطف المواطنين، وإن وجدت نفسها مستعجلة فالكاتم جاهز، فالأمر عادي لا يستحق مؤتمرا صحفيا لوزير الداخلية الذي يبدو أنه يرفع شعار لا أرى .. لا أسمع .. لا أتكلم.

فيا أيها المواطن العراقي المسكين، لماذا تريد من ساسة "سنعود بعد قليل" أن ينظروا إليك باعتبارك أخاً وشريكاً في الوطن والمصير، وليس تابعا؟، لماذا تريد أن تصبح "مواطنا" في بلد يعتقد ساسته أن التقدم يعني الحصول على مزيد من المكاسب والمنافع الشخصية؟.. وأن السياسة هي فن الخداع، والاحتفاء بالأكاذيب، والتهالك على الغنائم، مسؤولون يجعلون الخطأ صحيحاً، والحق جريمة، يعِدون ولا يفون، يبنون لك قصورا من الرمال، لا يكترثوا لحق، ولا يلتمسوا لحقيقة، السياسة في عرفهم سعي محموم وراء الأطماع وتعاون مع الإثم وتحالف ضد الصدق، ثروتهم الضلالة، سياسيون يرفعون شعارات طائفية مقيتة ويرون في كل من يعارضهم عميلا أو واجهة لقوى أجنبية، وكل معارضة لا تسمع ولا تطيع فهي مأجورة وتعمل ضد مصالح البلد.

أيها المواطن: ستظل مخدوعا حين تتصور أن الديمقراطية قدمت إليك ساسة يسعون إلى بناء مؤسسات حديثة، وسيبدعون في الإعمار وإدارة شؤون البلاد أكثر من إبداعهم في فنون السرقة واللعب على الحبال.

منذ 17 عاما نعيش مع نفس العقلية التي تقتل المتظاهرين في ساحات الاحتجاج، ثم تصدر بيانات بأن قوات الأمن لا تمتلك قناصة، ولا طلقات رصاص حي، أو قنابل غاز قاتلة.