الرأسمالية المعولمة والتحالفات الوطنية

Tuesday 24th of March 2020 07:23:57 PM ,
العدد : 4633
الصفحة : آراء وأفكار ,

لطفي حاتم

تشترط المرحلة الجديدة من التوسع الرأسمالي الهيمنة الاقتصادية -السياسية على تطور مستويات التشكيلة الرأسمالية العالمية الثلاث المتمثلة ب– دول الرأسمالية المعولمة, الدول الرأسمالية الاحتكارية,

الدول الوطنية – واعتماداً على ذلك التطور تتبدل برامج ومضامين كفاح الأحزاب السياسية المتجاوبة وتبدل العلاقات الدولية الناشئة بعد انهيار خيار التطور الاشتراكي وأساليب تدخل الدول الرأسمالية المعولمة في إتجاهات تطور الدول الرأسمالية المتطورة منها والدول الوطنية.

انطلاقاً من ذلك المدخل النظري العام نحاول التوقف عند سمات العلاقات الدولية الجديدة التي أفرزتها العولمة الرأسمالية المتسمة ب—

أولا -- الرأسمالية المعولمة والعلاقات الدولية

-- ترتكز العلاقات الدولية المعاصرة على وحدانية أسلوب الانتاج الرأسمالي وتحكمه في تطور مستويات الدول الرأسمالية الأخرى وما يحمله ذلك التحكم من تناقضات دولية تشترطها ميول الهيمنة وتعظيم الربح الرأسمالي المتحكم في مضامين التغيرات الجديدة.

-- تزايد مساحة الافقار والابعاد بمستويات عدة منها إعاقة تطور الدول الوطنية وتهميش دورها في العلاقات الدولية ومنها افقار طبقاتها الوطنية وتحجيم تطور بنيتها الاجتماعية.

-- إبطاء نمو وتطور اقتصادات الدول الوطنية وما يفرزه ذلك من انحسار فعالية الدولة الوطنية الهادفة الى صيانة سيادتها الوطنية وتطور وتشكيلاتها الاجتماعية.

ان التقديرات السياسية والفكرية المشار اليها تنطلق من تحديد الفوارق الفعلية بين المرحلتين -الكمبورادورية التي ساهمت في بناء الدول الوطنية وتطور الطبقات الاجتماعية ناهيك عن فعالية أحزابها السياسية والرأسمالية المعولمة التي تحاول الحاق الدول النامية واقتصاداتها الوطنية   بنمو وتطور احتكاراتها الدولية.

ان الرؤية المشار اليه تسمح بتحديد طبيعة التناقضات الحاكمة في العلاقات الدولية والتي يمكن وسمها بالتناقضات الرئيسية بين الدول الرأسمالية المتطورة الحاضنة لعولمة رأس المال وبين الدول الوطنية التي تسعى الى تنمية تشكيلتها الاجتماعية انطلاقا من كفاحها المناهض للتبعية والتهميش.

استنادا الى مضامين التناقضات العامة في التشكيلة الرأسمالية العالمية نتوقف عند أهمية التحالفات السياسية بين القوى الوطنية اليسارية والديمقراطية في الطور الحالي من العولمة الرأسمالية وتأثيراته على مستقبل بناء الدولة الوطنية وتطور تشكيلتها الاجتماعية.

ثانيا --الرأسمالية المعولمة والتحالفات الدولية.

تسود العلاقات الدولية حزمة من التناقضات الرئيسية والفرعية المتحكمة في مسار تطور الدول الوطنية يمكن رصدها بالأشكال التالية –

1 -- التناقض بين الرأسمالية المعولمة والتبعية والتهميش.

تسعى الرأسمالية المعولمة الى جر البلدان الرأسمالية المتطورة والدول الوطنية الى الاندماج باحتكارات الدولية ومنع تطورها المستقل وما ينتجه ذلك من تأثيرات تخريبيه على تطور بنيتها الطبقية وتشكيلتها الاجتماعية.

2 – التناقض بين النظم الديمقراطية والنظم الاستبدادية.

الطابقان المتمثلان بدول الرأسمالية المتطورة والبلدان الوطنية تعملان على مقاومة ميول الرأسمالية المعولمة واحتكاراتها الدولية الهادفة الى إعاقة تطور البنى الاقتصادية وما يشترطه ذلك من إعاقة نمو وتطور التشكيلات الاجتماعية وبهذا السياق تحاول الدول الرأسمالية المتطورة والدول الوطنية التصدي لهجوم الرأسمالية المعولمة المتعدد الانساق والمتمثل ب --

أ –مساندة الطبقات الفرعية --البرجوازية الكمبورادورية والشرائح المالية الربوية --والاعتماد عليها في حركتها السياسية والاقتصادية وما ينتجه ذلك من إعاقة نمو وتطور الدول الوطنية وطبقات تشكيلتها الاجتماعية.

ب – تقوية ومساندة النظم السياسية الاستبدادية ومباركة أنشطتها القمعية ضد الأحزاب والقوى الديمقراطية واليسارية وتحجيم أنشطتها الكفاحية المناهضة للهيمنة الأجنبية.

ج –تقليص الديمقراطية السياسية والتعويل على الطغم الاستبدادية الحاكمة في مستويات التشكيلة الاجتماعية الرأسمالية العالمية.

د—استبدال القوانين الدولية بقوانين دول الرأسمالية المعولمة وما يفرزه ذلك من فرض الحصارات الدبلوماسية والاقتصادية وما ينتج عنه من اعاقة نمو الدول الوطنية الرافضة للهينة الدولية.

ه– بناء تحالفات إقليمية –دولية عسكرية لغرض معاقبة الدول المستقلة بهدف إعاقة تطور منظومتها السياسية فضلا عن مباركة النزعة الارهابية.

انطلاقا من السمات الهجومية للرأسمالية المعولمة يواجهنا السؤال التالي - ماهي الوسائل الكفاحية - السياسية -الاقتصادية- القادرة على مناهضة نهوج التبعية والتهميش؟.

محاولة الإحاطة بالتساؤل المذكور نحاول التعرض الى بعض الموضوعات التي أجدها هامة لترصين الاجابة والمتمثلة ب –

الوطنية الديمقراطية بديلا عن الثورة الوطنية الديمقراطية

أ-- لم يعد انجاز برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية والانتقال الى الثورة الاشتراكية ملائما لظروفنا التاريخية المعاصرة لهذا بات ضرورياً التفكير باستبداله بمشروع الوطنية --الديمقراطية.

ب-- استبدال برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية بمشروع الوطنية الديمقراطية الهادف الى بناء الدولة الوطنية على أساس التحالفات السياسية والطبقية بين القوى اليسارية والديمقراطية.

ج- يرتكز برنامج الوطنية الديمقراطية على التعايش الطبقي بين الطبقات الأساسية في التشكيلة الرأسمالية الوطنية مستبعدا الاحتكار والاقصاء والإبعاد وعاملا على بناء الدولة الوطنية الديمقراطية المناهضة للتبعية والتهميش.

د-- استبدال التناحرات الطبقية المرتكزة على الأهداف الاستراتيجية الكبرى المتمثلة ببناء الاشتراكية من جهة واصرار الأحزاب البرجوازية على هيمنتها السياسية والتنمية الرأسمالية من جهة أخرى ببرنامج التوافقات الطبقية المبنية على مشروع الوطنية الديمقراطية والهادف الى --

1 - البناء الديمقراطي لسلطة الدولة الوطنية ومناهضة التبعية والتهميش.

2 – التعايش الطبقي عبر الاحتكام لمبادئ التداول السلمي للسلطة السياسية والشرعية الديمقراطية الانتخابية.

3 – تطوير نظام التعايش الطبقي المستند على بناء شبكة الضمانات الاجتماعية والتكافل الاجتماعي الوطني لصيانة الحقوق المتبادلة للطبقات الاجتماعية بضمانات واقعية ترعاها الدولة الوطنية.

4 - الشراكة الوطنية بين القطاعات الاقتصادية الخاصة والعامة انطلاقا من مبدأ تطوير الدولة الوطنية ورفاهية طبقات تشكيلتها الاجتماعية.

5 – الابتعاد عن التحالفات العسكرية الدولية –الاقليمية --الهادفة الى محاربة دول وطنية أخرى والتركيز على التعاون الإقليمي المناهض للهيمنة والتبعية.

ان الموضوعات المارة الذكر الساندة للتعايش الوطني بين الطبقات الاجتماعية الفاعلة يرتكز على بناء تحالفات وطنية وطبقية ساعية الى –

أولاً – اعتماد برامج التحالف الوطني باعتباره المؤسسة الوطنية القادرة على احداث التغيرات السياسية – الاقتصادية في سلطة الدولة الوطنية وصيانتها من التبعية والتهميش

ثانياً – استبدال التناقضات التناحرية بين القوى السياسية الهادفة الى الابعاد والاقصاء بالتعارضات الطبقية الرامية الى تعزيز دور الدولة الوطنية ومكانتها السياسية القادرة على تطوير تشكيلتها الوطنية وصيانة مصالح طبقاتها الاجتماعية.

ثالثاً – تحجيم فعالية الطبقات الفرعية الكمبورادورية والشرائح المالية الربوية ومناهضة دورها كوكيل وطني حارس لمصالح للاحتكارات الدولية.

رابعاً – بناء التعاون الإقليمي -- الدولي على اساس موازنة المصالح ومناهضة نهوج الرأسمالية الهادفة الى ربط الدول الوطنية بمصالح احتكاراتها الدولية.

ان الموضوعات والآراء المثارة اجدها دالات سياسية للعمل الوطني - الديمقراطي المبني على التعايش الطبقي بين القوى الوطنية الفاعلة والمناهض لسياسة التبعية والالحاق.