رحيل شاعر العمارة

Saturday 11th of April 2020 05:36:47 PM ,
العدد : 4646 (نسخة الكترونية)
الصفحة : عام ,

علاء المفرجي

رحل المعمار رفعة الجادرجي عن دنيانا، تاركاً منجزاً معمارياً كبيراً، وسيرة زاخرة بالتجارب والأحداث. 

والجادرجي اسم يتماهى وصورة بغداد الحديثة.. فبأعماله المعمارية في أرجائها، كان اسماً مضيئاً استطاع أن يختصر شيئاً من تاريخها العظيم بأفكاره التي تجسدت فيما بعد بتكوينات معمارية توزعت في خريطتها، وهي مدينته الي شهدت صرخته الأولى واندفاعته في بواكير حياته.

منذ صغره استطاع أن يفلت من مكانة وحضور أبيه الطاغي في المشهد السيايسي العراقي، (كامل الجادرجي) الذي لعب دوراً بارزاً في السياسة العراقية خلال عهديها الملكي والجمهوري، من خلال الطريق الذي اختاره في الحياة وشهرته هو أيضا كواحد من أشهر المعماريين العراقيين في تاريخ بغداد المعاصر.

ولد في بغداد رفعة الجادرجي في6 كانون الأول 1926، هو أحد الشركاء في مكتب الاستشاري العراقي الشهير في بغداد. ومن أعماله مبنى الاتحاد العام للصناعات ومبنى نقابة العمال والبدالة الرئيسة في السنك وقصر المؤتمرات ابان حكم صدام. وله أعمال فنية أخرى فهو المصمم للقاعدة التي علق عليها الفنان جواد سليم نصب الحرية في ساحة التحرير ببغداد كما أنه قام بتصميم نصب الجندي المجهول الأول في الستينيات من القرن العشرين في ساحة الفردوس. رفعة الجادرجي صمم أيضاً العلم العراقي الأزرق المثير للجدل لأنه يشبه علم الكيان الصهيوني والذي لم يتم اعتماده.

اعتقل من قبل مخابرات النظام العراقي السابق ، بعد وشاية افتعلها النظام السابق؛ عند عودته من فيينّا بعد القاء محاضرات عن تطويره العمارة في العراق، منتزعاً التصفيق الحاد من طلبة جامعتي فيينا وانز بروك النمساويتين، والتي حاضر فيهما ، وفي نفس الوقت كانت فيه الصحف النمساوية تشيد به بوصفه معمارياً متميزاً ومشهوداً له على نطاق عالمي. وقد وثقت زوجته بلقيس شرارة هذه التجربة في كتاب حمل عنوان (جدار بين ظلمتين) ، وفيه تصف معاناة الناس في العراق.حيث كان يفصل الزوجين جدار غير قابل للاختراق، جعل كلاً منهما في ظلمة بمعزل عن الآخر. لذا قررا أن يكتب كل منهما من موقعه من ذلك الجدار الذي فصلهما. فكتبت بلقيس شرارة ما كان يجري من أحداث ووقائع ومحن وإحباطات في ظلمة الجهة الخارجية من الجدار، وكان رفعة الجادرجي بدوره يكتب ما كان يجري في ظلمة الجهة الداخلية منه، من غير أن يسعيا إلى ربط أحداثهما.

تأثرت أعمال رفعة المعمارية بحركة الحداثة في العمارة ولكنهُ حاول أيضاً أن يضيف إليها نكهة عراقية إسلامية. معظم واجهات المباني التي صممها مغلفة بالطابوق الطيني العراقي وعليها أشكال تجريدية تشبه الشناشيل وغيرها من العناصر التقليدية.

للجادرجي العديد من الكتب حول العمارة ومعظم كتاباته في التنظير المعماري وقد حاول النظر إلى التركيبة الاجتماعية – العمرانية في العالم العربي. من كتبه “شارع طه وهامر سيمث” و”الأخيضر والقصر البلوري” و”جدار بين ضفتين”. وهومقيم في لندن.