عراقيون يودعون حكومة عبد المهدي بالسخرية من مشهد الحقائب ويطالبون بمحاكمة قتلة المتظاهرين

Saturday 9th of May 2020 09:14:43 PM ,
العدد : 4668
الصفحة : اخبار وتقارير ,

 بغداد/ المدى

سخر عراقيون من "سيناريو" حقائب الاوراق الذي ابتدعته حكومة المستقيل عادل عبد المهدي، في حفل استلام وتسلم الوزارة الجديدة، فيما اطلقت دعوات لمحاكمة الاخير بسبب اعمال القتل والعنف التي رافقت احتجاجات تشرين.

 

وتوقع مغردون، وناشطون، تحسن الاوضاع السياسية والامنية والاقتصادية وحتى الصحية في البلاد، بزوال حقبة عبد المهدي، التي وصفت بـ"المشؤومة" والتي شهد عهدها انخفاض اسعار النفط وانتشار "فايروس كورونا"، واخيرا عودة هجمات داعش.

بدأ عبد المهدي مشواره في الحكومة -التي انتهت آخر الاسبوع الماضي- على رماد نيران البصرة التي كانت قد اشتعلت في صيف 2018، على اثر تردي الخدمات وقلة المياه العذبة، وكان اختياره حينها بمثابة "ثورة" على تقاليد الحكم بعد 2003، إذ لم يكن حزبيا بالمعنى المعروف ولم يدخل الانتخابات.

اثار عبد المهدي الاعجاب في بداية مشواره بعد ان نقل مكتبه خارج المنطقة الخضراء، وفتح الطرق المغلقة منذ 12 عاما، على الرغم من الموقف "الخاضع للأحزاب" الذي ظهر فيه اثناء جلسة منحه الثقة في تشرين الاول 2018، والذي ترجم الصورة التي اشتهرت قبل ذلك الموعد باقل من شهر (لحظة تكليفه) وهو محاصر بين نصار الربيعي، واحمد الاسدي القياديان في التيار الصدري وتحالف الفتح (المظلة السياسية للحشد الشعبي).

في اول 6 اشهر من اعمال الحكومة، فجر تقرير اصدره مكتب عبد المهدي، موجة من الانتقادات، بسبب نسب الانجاز العالية التي ذكرت في التقرير، والتي تجاوزت الـ80%. قال النائب حسن فدعم، عن تيار الحكمة التي كانت معارضة آنذاك، عن التقرير انه "مضحك ومخيّب للآمال".

في تقيم مجلس النواب لحكومة عبد المهدي، في الاشهر الاولى، رفضت ثورة الحلفي، وهي عضوة في لجنة متابعة برنامج الحكومة في البرلمان اعتبار "رفع الكتل الكونكريتية وفتح الطرق" إنجازًا. وقالت ان "الإنجاز هو الخدمات، ماء وكهرباء وتعليم وخدمات طبية".

بعد اندلاع احتجاجات تشرين العام الماضي، ظلت القوتان السياسيتان الاكبر في البرلمان "سائرون، والفتح" تناوران لصالح حكومة عبد المهدي. وفيما هاجم تحالف العامري بشكل صريح التظاهرات، واعتبرها مؤامرة، بقي الصدريون محايدون حتى انخرطوا بعد شهر في الاحتجاجات، ووصف الصدر المتظاهرين حينها بـ"الثوار".

حاول تحالف الفتح، الدفاع عن عبد المهدي، بالحديث عن فوائد "صفقة الصين"، والتي تتضمن اعطاء النفط مقابل الاعمار. تم تجاهلها لاحقا بعد ان كانت احد الشروط الاساسية التي فرضها التحالف للقبول باي مرشح بديل عن عبد المهدي الذي استقال نهاية تشرين الثاني الماضي، بعد اشارات من مرجعية النجف.

حمل متظاهرون ومنظمات حقوقية، حكومة عبد المهدي، مقتل نحو 700 محتج – نحو 150 منهم في اول اسبوع بحسب تقرير رسمي صدر عن الحكومة في نهاية تشرين الاول الماضي- وقال المكلف السابق لرئاسة الوزراء عدنان الزرفي تعليقا على اختيار الكاظمي، ان "ماراثون ادارة البلد يبدأ من تحقيق مطالب ثوار تشرين ومحاكمة قاتليهم".

من يحاسب من؟

تقول مصادر سياسية لـ(المدى) ان محاسبة السياسيين على الجرائم في العراق "ضرب من الخيال"، وان عملية التنازل عن الحكومة دائما تسبقها اشتراطات بعدم الملاحقة القضائية.

في 2014، عندما حل رئيس الحكومة الاسبق حيدر العبادي مكان نوري المالكي في رئاسة الحكومة، توقع الجميع ان الاخير سيحاسب على سقوط الموصل، وهو امر لم يحصل حتى الان، على الرغم من وجود تقرير برلماني دان الاخير الى جانب 24 شخصية سياسية وعسكرية، بالتسبب في دخول داعش، والذي ادى الى مقتل 50 الف شخص ودمار في المدن قدرت اعادة بنائه بـ100 مليار دولار .

كذلك لم يتضح حتى الان، مصير 47 ضابطا اتهمهم البرلمان في اب 2014، بالتسبب بـ"مجزرة سبايكر" التي ذهب ضحيتها 1700 طالب عسكري، بالإضافة الى المسؤولين في انفجار الكرادة عام 2016، حيث اوصت لجنة الامن في البرلمان حينها بمعاقبة 40 عسكريا، لتسببهم بمقتل واصابة نحو 500 شخص في الحادث.

انتهت حكومة عبد المهدي، بعاصفة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب مشاهد تبادل "حقائب الاوراق" في حفل تسلم الوزارات، في مشهد رمزي للتبادل السلمي للسلطة، على الرغم من ان القوى السياسية الداعمة لحكومة عبد المهدي، قد ماطلت 7 اشهر قبل ان تتقبل فكرة استبدال الاخير بحكومة مصطفى الكاظمي.

حرب الهاشتاكات

مغردون وناشطون مع استبدال الحكومة، اطلقوا حملات "هاشتاكات" على منصات التواصل الاجتماعي، تطالب بـ"محاكمة عبد المهدي" لقتله المتظاهرين، مع استعداد متظاهرين لاستئناف الاحتجاجات بشكل تدريجي، للضغط على الوزارة الجديدة من أجل إجراء انتخابات مبكرة بإشراف اممي.

اسعد الناصري، الناشط والصدري المنشق في الناصرية، يقول في تغريدة على توتير "معيار الوطنية والشجاعة والمقبولية لرئيس الوزراء الجديد هو تقديم القتلة والفاسدين إلى العدالة"، مشيرا الى ان "العمل الحقيقي والجاد هو الانتخابات المبكرة بعد تشكيل مفوضية نزيهة وقانون انتخابات منصف".

ناشطون قالوا ان عبد المهدي، هو أسوأ رئيس وزراء "منذ 2003"، لأنه "اعطى الضوء الاخضر للميليشيات لقتل العراقيين والسيطرة على النفط والمنافذ الحدودية"، متوعدين بـ"محاسبة عسيرة" لتلك الجرائم.

كما توقع مدونون، ان يغادر "الحظ العاثر" العراق، بالتزامن مع مغادرة عبد المهدي الحكم، والذي شهدت فيه البلاد ازمة مالية هي الاكبر بعد 2003، وتفشي وباء "كورونا" وتصاعد هجمات داعش بعد عامين من التحرير.

مقابل ذلك رد مؤديون لرئيس الوزراء السابق، بـ"هاشتاك" شكرا عبد المهدي، واعتبروا الاخير حقق انجازات، في فتح الطرق و"انصاف الحشد"، ومواجهة التدخل الاميركي في البلاد، كما دافع المؤديون عن عمليات العنف في ساحات الاحتجاجات، وقالوا انها كانت موجهة لـ"البعثية" و"المخربين".

وكانت الحكومة والبرلمان، شكلا قرابة الـ10 لجان للتحقيق بتلك الحوادث – لم تنه أية لجنة منها اعمالها باستثناء الاولى التي كانت بطلب من النجف- ويقول سعد مايع، عضو لجنة الامن في البرلمان لـ(المدى) ان "عمل تلك اللجان يحتاج الى وقت طويل لأنها تتعامل مع قضايا حساسة". وتوقع مايع في وقت سابق ان "التحقيقات ستتكفل بها الحكومة الجديدة".