الفنان صادق السعدي..مهارة يدوية تجسد حقبة من تاريخ العراق عبر تصميم السيارات

Sunday 24th of May 2020 10:45:41 PM ,
العدد : 4679 (نسخة الكترونية)
الصفحة : عام ,

ماس القيسي

شغف وحب التراث وبالأخص صناعة السيارات دفع بصادق السعدي، مواليد عام 1977، من مدينة كربلاء والحاصل على شهادة الدبلوم في الميكانيك،

الى التفكير بتصميم نماذج مصغرة من السيارات القديمة التي كانت تجوب شوارع العراق في العقد المنصرم، اذ يقول: "حبي لصناعة السيارات القديمة وعدم وجود نماذج مصنعة سابقا كان السبب وراء انطلاقي".

ابتدع صادق فكرة صناعة نماذج السيارات المصغرة يدويا بمفرده وبإمكانات بسيط منزلية في حجرة جهزها خصيصا كاستديو للعمل في منزله في بابل. مستندا الى الطرق والادوات التي تدرب عليها في مجال دراسته الاكاديمية بعلوم الميكانيك في الجامعة، وعن طريقة صناعتها يوضح لنا: "طرق صناعة النماذج تعتمد تسلسلا معينا مشابها لطرق التصميم بالمصانع، لكنه يتم بطريقة يدوية، اذ ابدأ من اختيار الموديل وعمل الرسومات واختيار الحجم المراد تنفيذه، واختيار الخامات التي نستخدمها لتنفيذ النموذج الاولي، مثلا، الفوم والفلين والطين لنحت النموذج، وبعدها نصنع قالب سيلكون لصنع نسخة من الفايبر كلاس، واخيرا مرحلة التلوين بأصباغ السيارات الاعتيادية، بواسطة جهاز الايربش".

في خضم التضخم الهائل من الصناعات التكنولوجية الحديثة والقطع والمنحوتات الفنية المصنعة آليا، والتي لها جمهور قد يفضل اقتناء ما هو جاهز وسريع!، هل تلقى تلك الاعمال اليدوية رواجا في مجتمع الشباب العراقي؟، يجيب السعدي قائلا: "الاعمال التي انفذها هي للعرض فقط وقد البي بعض طلبات البيع لتسديد التكاليف، وهي تلاقي رواجا واسعا في العراق لكن للأسف لا يمكن تغطية الطلب بسبب طول الوقت المستغرق لتنفيذ النموذج الواحد الذي قد يصل لمدة شهر او أكثر".

الاعمال الفنية الفردية تحتاج لدعم متواصل في سبيل استمرارها وبلوغها الهدف المرجو في تطوير الرؤى البصرية، ومنها صناعة وتشكيل القطع والتحف التي تجسد حقبة تاريخية ومرحلة تراثية للمدن والاوطان، ما يضفي توثيقا من نوع آخر لمسيرة التاريخ لابد له ان يحظى باهتمام بارز لاسيما من قبل ذوي الاختصاص، وعن هذا الشأن يعقب السعدي قائلا: "ما انفذه من نماذج أقوم بعرضه في احد المتاحف العراقية المهتمة بالتراث، لأني اطمح لإنشاء متحف المصغرات العراقي، الذي يشمل مدنا مصغرة لعدة حقب زمنية ليكون وجهة سياحية وفنية وتثقيفية لكن يؤسفني القول اني لم احصل على دعم من الحكومة العراقية او الجهات المختصة بهذا المجال".

بعد الانفتاح السريع الحاصل في الآونة الأخيرة وسرعة تناقل المعلومات والتجارب الإنسانية عبر العالم من خلال الشبكة العنكبوتية ومنصات التواصل، يلاقي بعض الشباب ضالتهم في التعبير عن اهتماماتهم وبالأخص التي تمثل التراكم المعرفي والادبي والفني بكل اطيافه، وكل تجربة سواء كانت مسبوقة او مستحدثة قد تترك اثرا لدى الجيل المعاصر، وبهذا الصدد يقول السعدي مستأنفا: "في الفترة الأخيرة بدأت تظهر بعض المواهب الشبابية المهتمة بصناعة المصغرات ولدينا تجمعات من خلال كروبات على وسائل التواصل الاجتماعي لنتبادل الخبرات والمعلومات باستمرار".