صوتُ المرأةِ الصّامتةْ

Tuesday 30th of June 2020 06:28:28 PM ,
العدد : 4711
الصفحة : عام ,

صادق الطريحي

لصوتِكِ ترنيمَةُ الرّافدين

نِداءُ اليَمامةِ قُربَ الإلهِ..

ببابلَ، في دَيرِ عَشتارَ..

حيثُ تقيمُ اللغاتُ سَواسيةً مُطمئنّاتْ

وحيثُ تنوحُ اليَمامةُ..

ـ أختاهُ.. أختاهُ.. أختاهْ

رأيتُكِ قائمةً تُصلّين

تقولينَ: " صلّو" لِردّ الغزاة.

لتنّوركِ الرّافدانيّ هَسْهَسَةُ اللغةِ الغائبةْ

سمعتُكِ إذْ تَقرئينَ الكتابَ

مرتّلةً سُورةَ العمّةِ الطّيّبةْ.

لصوتِكِ رائِحةُ القَمحِ..

إنّ الإلهَ يُحبّ الرّغيفَ الذي تَخبزينْ

وإنّي أحبّكِ، أنتِ الرّغيفُ الذي..

يَمنَحُ النّاسَ طَعمَ الأمانْ

وإنّي أحبّكِ، أنتِ الأمانْ.

لصوتِكِ لُثْغةُ قارئةٍ للرّقيمْ

تقولينَ " تالو" وتعنينَ نَخْلًا

سيمتدُّ، يمتدُّ من نقطةِ البحرِ حتّى السّديمْ

ولكنّما الحربُ تأكلُ هذا النّخيلَ 

بطَرفةِ عينْ،

ولنْ تَعلمي.

تقولينَ " شيرو " وتعنينَ النّشيدَ الذي تَسمعونَ، 

ألا فانصتوا!!

لصوتِكِ لُثغةُ سيّدةٍ في السّواد

تقولينَ " شَيْقلْ " 

وتعنينَ وَزنَ السّوارِ الذي..

سوفَ يسرقُهُ الجُندُ منكِ صباحَ الفِتوحْ.

تقولينَ " دقرو" 

وتعنينَ قِدْرَ الطّعامِ الذي..

يأكلُ النّاسُ منهُ الثّريدَ غداةَ الوباءْ.

تقولين " رَقْ رَقْ " 

وتعنينَ طيرًا يُعَشْعشُ فوقَ المَنارةِ..

إنّ اللقالقَ طارتْ، 

وطارتْ، 

وطارتْ.

لصوتِكِ لُثغةُ فلّاحةٍ في حقولِ الشّلِبْ

تقولينَ " قمحو " وأكتبُ " قيمو"

وتعنينَ قمحَ السّوادِ الذي..

كانَ يكفي السّوادَ

فلا نشتري.

تقولينَ " سوقو " و " سيلا "

وتعنينَ سوقَ المدينةِ..

حيثُ أبيعُ البواطي لجمهرةِ العارفين.

لصوتِكِ لُثغةُ راهبةٍ (أمَةٍ) ..

تعزفُ العُودَ في ثُكْنةِ العَسَسِ الإنقلابيْ

تقولينَ "صبرا " وتعنينَ صبرَ الأميراتِ..

في دَيرِ بغدادَ، في الليلةِ القاتلةْ.

لصوتِكِ بُحةُ راهبةٍ مُجهدةْ

تقولينَ "برتو " وتعنينَ قلعةَ تَكريتَ..

والمَجمعَ البابويّ، 

وسلسلةَ الرّاهباتِ الجميلاتِ يقرأنَ سِفرَ السّلامْ.

لصوتِكِ أجنحةُ الوزّ..

إنّ الإوزَّ العراقيَّ عالٍ

يحاولُ قهرَ الغزاةْ

تحاولُ أمّكِ أنْ تختفي

يحاولُ طفلُكِ أنْ يختفي

أحاول أنْ أكتبَ المرأةَ الصّامتةْ

أحاولُ أنْ أكتبَ الصّوتَ..

إنّ الكتابةَ تعني القبولَ بكلّ اللغاتِ

وإنّ الكتابةَ تعني الأمانْ.

• الكلماتُ المنصّصةُ هي مفرداتٌ من اللغتين: السّومرية، و (البابليّة ـ الآشوريّة)

25 ـ 27 / 6/ 2020