باختصار ديمقراطي: الموازنة والرياضة النوعية

Sunday 12th of July 2020 07:35:10 PM ,
العدد : 4721
الصفحة : الأعمدة , رعد العراقي

 رعد العراقي

طيلة السنوات الماضية والرياضة العراقية تسجل تراجعاً على مستوى النتائج الخارجية، وانحسار في قاعدة المواهب، وضعف مُزمن في نوعية وحداثة البنى التحتية، بينما الأرقام تشير الى وفرة غير مسبوقة بعدد الأندية الرياضية المسجّلة بعموم البلاد، والتي تكاد تشكّل ترهلاً ضمن وصف (إن حضرَ لا يُعد.. وإن غابَ لا يفتقد) !

ومع غياب الأسس التي من المفترض أن تُحدّد صفة (النادي) وشروط منح الموافقة على تأسيسه باتت تلك الأندية تمثّل كيانات تتبع جهة التمويل المالي التي تعتمد هي الأخرى على تخصيصات موازنة الدولة العامة، وبالتالي فإن الأموال المخصّصة تذهب للإنفاق غير المسترد والمحدّد بين رواتب ونفقات سفر، وعقود لاعبين وغيرها، بينما تغيب خطط الاستثمار والتطوير وبناء المنشآت الحديثة بعد أن تعكّزت تلك الأندية على قلّة التخصيصات مقارنة مع انفاقها العام.

تلك الثغرة الإدارية خلقت تفاوتاً كبيراً في الإمكانيات المادية بين نادٍ يمتلك خزينة مُتخمة بالأموال تبعاً لجهة تمويله وينفق الملايين على استقطاب اللاعبين، وبين آخر لا يجد ما يُسيّر أموره البسيطة برغم أن الناديين تجدهم يتنافسان في دوري النخبة! فكيف سنخلق المنافسة وتتحقّق فرص متوازنة يمكن أن تساهم في ظهور مواهب ترفد المنتخبات الوطنية.

النتائج السلبية للثغرة الإدارية التي أشرنا اليها لم تتوقف عند حدود اختلاف الإمكانيات المادية، بل ذهبت نحو إهمال العديد من الألعاب وأصبحت الكثير من الأندية توجّه كل الأموال في دعم كرة القدم دون غيرها حتى أصبحت أقرب الى التخصّصية أكثر من كونها حاضنة لجميع الألعاب، وسبّبت في تراجع خطير لألعاب كان العراق يمثل فيها الثقل الأكبر في أي منافسة على المستوى العربي والآسيوي.

لابد من الإشارة والتذكير، بأن تلك المعضلة سبق وأن تم تشخيصها ضمنياً وعُرضت من قبل وزارة الشباب والرياضة على أنظار مجلس الوزراء، حسب ما ورد بتصريح الوزير الأسبق عبدالحسين عبطان بتاريخ 22 حزيران 2016 واستحصال الموافقة على الإجراءات التي تصب في خدمة الشباب والرياضة في العراق، ومنها أن تكون الأولوية في الدعم المقدّم من الوزارات والمؤسّسات الحكومية الى الأندية للمنشآت الرياضية وتأهيلها وادامتها واعتبار عام 2016 عام تأهيل المنشآت الرياضية إضافة الى قرار خضوع عقود اللاعبين للشفافية ورقابة الوزارات والمؤسسات الداعمة في مرحلتي التفاوض وتوقيع العقود.

وهنا لا بدّ أن نتساءل:أليس من المفترض أن تكون قرارات مجلس الوزراء نافذة قانوناً وواجبة التطبيق حتى وإن حصل تغيير وزاري لحين صدور قرار بإلغائها؟ وبالتالي فإن الجهات الحكومية الداعمة مطالبة بعرض تفاصيل الأموال التي تم تخصيصها للأندية التابعة لها وكيفية الانفاق ونسبة تأهيل منشآتها الرياضية منذ عام 2016 ولحد الآن إضافة الى إجراءاتها بخصوص عقود اللاعبين وكيفية الموافقة عليها؟ وبخلافه فإن الجهات الداعمة والأندية ستكون مطالبة بتوضيح موقفها القانوني من عدم تنفيذها لقرار مجلس الوزراء.

باختصار.. إن أمام وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية مسؤولية البحث في الأدراج المغلقة عن كل القرارات والضوابط النافذة بأثر رجعي، ومتابعتها وإلزام الأندية بتنفيذها، ووضع سياقات جديدة تستهدف ضبط التخصيصات المالية وفق كل لعبة، وضمان عدم مداورتها لألعاب أخرى، مع المطالبة بكشوفات لما تم إنفاقه لعمليات التطوير والتأهيل لمنشآتها الرياضية التي مازالت تئنّ تحت وطأة الإهمال، وتسبّبت في عزوف آلاف الموهوبين الذين لم يجدوا الحاضنة لممارسة رياضاتهم المفضّلة، وهو جواب لكل من استغرب تراجع الرياضة العراقية طيلة السنوات الماضية!