معهد دراسات دولي: مؤسسات موازية تعيق جهود رئيس الحكومة في تقويض الفساد

Monday 13th of July 2020 08:34:24 PM ,
العدد : 4722 (نسخة الكترونية)
الصفحة : سياسية ,

 ترجمة / حامد احمد

اشار تقرير جديد للمعهد الجمهوري الدولي لدراسات الشرق الاوسط، الى انه في الوقت الذي يستأنف فيه العراق مفاوضاته مع الولايات المتحدة حول مستقبل العلاقة الستراتيجية، فان الآمال قد تصاعدت في ان رئيس الوزراء الاصلاحي مصطفى الكاظمي،

قد يتمكن في النهاية في معالجة المشاكل المنهكة التي اعاقت تحول البلد المحاصر الى الديمقراطية الحقيقية. تلك المشاكل بالذات هي الطائفية المتجذرة والنظام السياسي الفاسد المستند الى المحاصصة والمحسوبية الذي يتسبب بهدر موارد مهمة جدا .

حتى خلال مرحلة تفشي وباء كورونا، فان الفساد يعد المشكلة المركزية التي تواجه العراق اليوم. المحتجون الذين اسقطوا الحكومة السابقة العام الماضي استنكروا عدم كفاءة وانعدام شفافية مؤسسات الحكومة التي تديرها النخب الحزبية. كانت هناك مطالب لفرص عمل وتحرك واسع برفض الواقع المرير. الغضب الناجم عن الفساد كان شديدا جدا بحيث ان الرد الوحشي ضده لم يستطع ثني ارادة المحتجين .

الكاظمي حظي بمصادقة حذرة من الحركة الاحتجاجية. لقد اظهر مؤشرات مشجعة في تلبية مطالب رئيسة لهم في الحد من نفوذ ايران واستئصال الفساد ومراجعة سجلات صرف الرواتب لازالة الفضائيين من الموظفين الوهميين والذين يتقاضون اكثر من راتب من الدولة على نحو غير شرعي. وقام ايضا بتنفيذ مداهمة على احد الفصائل المسلحة .

رغم ذلك، يشير التقرير، الى ان الطريق نحو تحقيق اصلاحات جذرية ستكون طويلة وغادرة، وما يدل على ذلك هو الاغتيال الصادم للخبير الامني هشام الهاشمي، الذي ينظر اليه على انه تحد للكاظمي .

بعد ما يقارب على عقدين تقريبا على تغيير النظام من دكتاتوري الى ديمقراطي فان نظام الحكم في العراق ما يزال ضعيفا بسبب تفشي الفساد. رغم ثروة النفط الهائلة التي من الممكن ان يستفاد منها كل المواطنين، فان الدولة العراقية صممت سياستها بالاساس لغسل موارد عوائد النفط عبر قطاع عام مترهل لصالح احزاب سياسية مستندة على المحسوبية مع غياب اي صيغة من صيغ المساءلة والمحاسبة .

وباء كورونا وتدهور اسعار النفط شكلا تحديات جديدة للدولة العراقية، وعرضت مؤسسات عامة للتآكل مثل معاهد طبية ومستشفيات، وهو ناتج عرضي محتم لتبعات هدر الاموال. مستشفيات وعيادات خاصة غمرتها حجم الازمة بالافتقار الى المعدات والتجهيزات الطبية وحتى معدات الوقاية الشخصية لآلاف من اطباء وكوادر تمريضية اخرى. ويقول التقرير ان نظام تقاسم السلطة هو العقبة الاكثر تعقيدا في التعامل معها. الفساد متجذر في نظام المحاصصة الذي اعتمد عليه كاساس في نظام حكم ما بعد 2003 والذي يضع مصالح الحزب في المقام الاول متجاوزا مبدأ كفاءة الاشخاص التكنوقراط. تقسيم سلطات الحكومة بين الاحزاب يعطي اشخاصا متنفذين صلاحية تعيين 800 شخص من اتباعهم في مناصب وظيفية عبر وزارات مختلفة اثناء مفاوضات تشكيل الوزارة .

ومع كل انتخابات، يستغل كل حزب وزارته لتعيين مزيد من اتباعه في وظائف. هذا ادى الى مضاعفة عدد رواتب الموظفين اضعافا مضاعفة لاشخاص موالين لاحزاب معينة، حيث تضخمت قوائم رواتب الموظفين من 850,000 موظف عام 2004 الى اكثر من سبعة ملايين موظف بحلول عام 2016 والمستفيد الاول هم افراد تابعين لاحزاب. ولهذا فان الاحزاب السياسية في العراق هيمنت على مؤسسات حكومية ضمن شبكات محسوبية فاسدة، مشكلة مؤسسات موازية ومحولة عمل المؤسسات العامة لمكاسب شخصية .

وفي الوقت الذي يجب فيه مباركة الكاظمي وفريقه على الاجراءات الشجاعة التي اتخذها، فان حل ومواجهة شبكات الفساد سيحتاجان لمزيد من الجهود. العراق بحاجة الى انتقالة مثالية وادراك بان مثل هكذا مشاكل هي ليست فقط هيكلية بل ثقافية ايضا. بدون تحول عن ثقافة المحسوبية من قبل الدولة متجهة نحو المساءلة، فان اصلاحات الفساد ستجاهد من اجل تحقيق نتائج .

على الاطراف التي تحارب الفساد ان تستفيد ايضا من الاسناد الحكومي الحالي من مسؤولين لانتاج السياسات الضرورية وبناء ثقافة سياسية من مبادرة شخصية. مثل هكذا ثقافة ستقر بحجم كلفة الفساد، وتعيد توجيه المجتمع بعيدا عن الاعتماد الريعي في التمويل تجاه تنوع مصادر الاقتصاد ومسؤولية مالية ومساءلة ومحاسبة سياسية .

للمرة الاولى منذ سنوات، يمكن للمرء ان يثني بحذر على الاجراءات الاخيرة التي اتخذتها الحكومة العراقية لمعالجة المساوئ الكثيرة التي ما تزال تنهك هذا البلد المضطرب. مع ذلك هناك المزيد يجب فعله واتباع كثير من الطرق قبل ان تتمكن الحكومة من ان تكون قريبة من تحقيق الفوز في الحرب على الفساد.

 عن: صحيفة ذي هيل الأميركية