العمود الثامن: فيديو الخاطر وتخاريف الصالحي

Monday 13th of July 2020 08:57:00 PM ,
العدد : 4722 (نسخة الكترونية)
الصفحة : الأعمدة , علي حسين

 علي حسين

تأمّلوا الفيديوات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي للشاب محمد الخاطر الذي يعمل مساعد مختبر في مستشفى البصرة.. 

دقّقوا جيدًا في هذه اللحظة التي يواسي فيها محمد الخاطر مرضاه المصابين بفايروس كورونا، والاغنيات التي يشدو بها لتخفيف معاناتهم، ومساعدتهم على تجاوز محنتهم، تلك هي اللحظة التي يحتاج إليها العراق، وينبغي أن نبحث عنها ونثبّتها ونجذّرها في أعماق الجميع.

محمد الخاطر الذي قرر مساعدة المرضى بعد أن شاهد أمه تموت بين يديه بمرض السرطان بسبب تأخر أخذ العلاج وانتهاء دوام المستشفى يقول: "قررت أن أكون مختبريًا وأغير كل ما أستطيع تغييره، وما زلت إلى هذا اليوم أطمح للتغيير أكثر". 

الشاب الذي يقدم صورة ناصعة للعراق الحقيقي يشير إلى أن هناك طاقة إيجابية بداخل الإنسان عليه أن يوظفها لتكون حياته خالية من التعقيدات.

الفايروس ضرب العراقيين جميعًا، والضحايا هم أهلنا جميعًا، ومن ثم فنحن الآن أمام موقف وطني واجتماعي، في لحظة تبدو مواتية للغاية لكي تتصالح هذه البلاد مع نفسها، وتستردّ شخصيتها التي أراد لها البعض أن تضيع وتنمحي بفعل سلسلة من الجرائم السياسية التي يريد لنا ذلك البعض أن ننساها.

خلال اليومين الماضيين ومن خلال ظهور مكثّف على الفضائيات، أخبرنا النائب أرشد الصالحي الذي يتقاضى راتبًا من الدولة العراقية مع رواتب حمايات ومرافقين يسهرون على راحته أن: التدخل العسكري التركي في العراق دفاع مشروع عن النفس" وأعلن سيادته دعمه الكامل لما تقوم به الجارة "العزيزة تركيا".

ليس من الضروري إطلاقًا أن نتذكّر الماضي، ولكن من المهم أن نُذكِّر باستمرار أنّ السيد ارشد الصالحي كان قبل سنوات قد أجلس جميع أعضاء الجبهة التركمانية أمام أردوغان ليتلقوا منه النصائح في المشاركة بالعملية السياسية. 

وأعتذر للبعض الذين يعتقدون أنني أتصيّد "هفوات" السياسيين، لكن ياسادة ماذا نفعل لمن يريدون أن يطمسوا الحقائق، ولم يدركوا جيدًا أنهم أساؤوا للوطن والوطنية بأفعال بالغة القسوة والإساءة؟، لقد تعرّض العراق إلى جروح كبيرة من قبل الساسة أنفسهم، وقد اختار الكثير من مسؤولينا في السنوات السابقة، وأصرّوا على أن يُفقدوه مكانه ومكانته، من دون أن يشرح أحد لنا، لماذا .

إنّ أسوأ ما فعله الساسة أنهم، أطاحوا بالوطنية العراقية، فصار حديث النواب عن العلاقات مع دول الجوار أسهل كثيرًا من الكلام في شؤون الطبخ وآخر صيحات الأزياء.

في مستشفى البصرة شاهدنا العراق الحقيقي يمشي على قدميه ويصرخ طلبًا للخلاص من كل شيء فاسد وباطل.

لا يمكنك أن تعرف من هو الوطني في العراق، ومع مَن، ولا لماذا، ولا إلى متى! في أميركا ودول أوروبا "الكافرة" ينسحب مرشح من معركة الرئاسة،عندما يُكتشف أنه غشّ في دراسته الثانوية، وليس في التحريض على بلاده !