العمود الثامن: عبير موسى و نادبات العراق

Wednesday 15th of July 2020 09:16:22 PM ,
العدد : 4724 (نسخة الكترونية)
الصفحة : الأعمدة , علي حسين

 علي حسين

تحولت صفحات الفيسبوك إلى ساحة صراع تاريخي بين عشاق الملكية وأنصار الجمهورية.. واختفت أزمة الكهرباء والخدمات واكتشفنا أن السبب في ما جرى خلال الأربعة عشر سنة الماضية هو ماحدث قبل 62 عامًا.. ولم نلتفت إلى ما فعلته عديلة حمود قبل سنوات قليلة من خراب في القطاع الصحي.. ونسينا ما نهب من أموال ، لننشغل بسؤال أيهما كان أنفع للعراق الملكية أم الجمهورية؟ 

الذين يقلبون صفحات التاريخ، لا يريدون أن يلتفتوا للحاضر قليلًا . في بلد يمتلك ثروات هائلة يكتب عراقي على الفيسبوك مثل هذه الجملة المؤلمة والمضحكة : "أفضل يوم وطني للعراقيين، هو اليوم الذي يتم فيه إصلاح الكهرباء، وليصبح اليوم الوطني ونحتفل به! " في الوقت الذي صمت فيه البرلمان عن سرقة أموال الكهرباء لأكثر من خمسة عشر عامًا، وليصحو اليوم أعضاؤه وهم يصرخون : 

"وا كهرباه".. برلمان يعجز عن محاسبة وزير فاسد، ويتحزم أعضاؤه لإقالة وزير مشكلته أن النائبة عالية نصيف لا تطيقه.. هل يمكن أن نسمي هذا برلمانًا منتخبًا من الشعب؟.. منذ أسابيع تدور في تونس معركة برلمانية بين رئيس البرلمان راشد الغنوشي وهو رئيس حزب النهضة ، وبين النائبة المحامية عبير موسى التي قررت أن تحول البرلمان إلى قاعة محكمة تحاكم فيها رئيس البرلمان .. النائبة الشجاعة تذكر الشعب التونسي بأن رئيس برلمانهم زار تركيا والتقى أردوغان، دون أن يكون البرلمان على علم، ولا حتى الرئيس التونسي.. وكانت تسأله عن السبب الذي دعاه للوقوف إلى جانب تركيا في الصراع الليبي.. لتقدم هذه السيدة درسا لكل نائب في أصول الانتماء إلى الوطن. وأنا أتابع فيديوهات المحامية عبير موسى تذكرت كيف عقد محمد الحلبوسي حوارًا مع بعض النواب ، ولم يكن المكان قبة البرلمان وإنما إحدى القاعات في الدوحة، وكيف أن المجلس الأعلى أرسل نوابه إلى طهران لحل مشكلة الحزب.. وكيف أن الأخوة التركمان عقدوا اجتماعًا في أنقرة برعاية أردوغان قبل أن يدخلوا قبة البرلمان العراقي ! .

منذ سنوات على ونواب في تونس ، يصرون على إعادة الاعتبار للدولة المدنية وإجبار حزب النهضة الأخواني على عدم المساس بالقرارت التي أصدرها الراحل بورقيبة في مجال حقوق المرأة والتعليم ، وهذه القرارات تشكل صداعًا دائمًا للأخوان المسلمين، مثلما شكل قانون الأحوال الشخصية الذي أقره عبد الكريم قاسم صداعًا لأحزابنا "المؤمنة" فقررت التخلص منه. 

بالتأكيد أن نائمات مجلس نوابناب سيشتعلن غيظًا وغضبًا، من امرأة قررت أن تتخذ موقفًا شجاعًا، اسمها عبير موسى، لكن من حسن حظ الناس أن حبل الخداع والانتهازية قصير، ففي نهاية الأمر على النائب أن يختار في أي معسكر يقف.. وتلك هي المشكلة التي تواجه معظم نوابنا، لأنهم يلعبون على كل الحبال.