نهاية العالم ..كما يراها المخرج البلغاري تيودور أوشيف

Wednesday 22nd of July 2020 06:37:14 PM ,
العدد : 4730 (نسخة الكترونية)
الصفحة : سينما ,

ترجمة : عدوية الهلالي

هنالك أفلام قوية عديدة تتناسب مع عصرها تماماً ، وفيلم " فيزياء الحزن " هو واحد من هذه الأفلام ..وهو يمثل أحدث أعمال المخرج السينمائي البلغاري الكبير تيودور أوشيف الذي يقيم في مونتريال ..

" فيزياء الحزن" المأخوذ عن رواية بنفس الاسم للكاتب البلغاري غيورغي غوسبودينوف ، هو فيلم غزير ومثير وفيه إبداع رائع لكنه حميمي للغاية أيضاً ، الأمر الذي يجعله مؤثراً أكثر ، وكذلك كانت الرواية التي فازت بالجائزة الوطنية لأفضل رواية لعام 2013 وتم ترجمتها لعدة لغات ..

يتناول هذا الفيلم القصير هاجس نهاية العالم ، كما يتوقع أيضاً نهاية مرحلة من حياة تيودور أوشيف الذي يغوص في ذاكرته ليعمل على تطهيرها من كل ماقوض سكونها لفترة طويلة ..وكان أوشيف قد أخرج فيلم (فانيشا العمياء ) في عام 2017 عن رواية لنفس المؤلف والذي حظي بنجاح كبير حيث تم ترشيحه لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم رسوم متحركة قصير في حفل توزيع جوائز الأوسكار التاسع والثمانين ، وكان يتناول أسطورة مثيرة للدهشة حول فتاة شابة قادرة على رؤية الماضي بعين ، والمستقبل بالعين الأخرى ..أما فيلم " فيزياء الحزن " فيقدم دعوة لايقاظ الخيال والوهم متناولاً قصة رجل يغمره الحزن وهو يتجول في أماكن ذكريات شبابه في بلغاريا : 

في حوار أجرته معه صحيفة لاكروا الفرنسية ، دار هذا الحديث :

 كان فيلم ( فايشا العمياء) أسطورة حول عدم قدرتنا على العيش في الوقت الحاضر ، ونزوعنا الى إضفاء المثالية على الماضي أو ممارسة التخيل الوهمي بشأن المستقبل ، لكن ( فيزياء الحزن ) ، وعلى العكس من ذلك ، عمل مشبع بالحنين الى الماضي ..هل هو تيودور أوشيف نفسه الذي أخرج هذين الفيلمين ؟

-نعم ، إنه جانب آخر من شخصيتي ..لقد تصورت أحداث الفيلمين في الوقت ذاته ، فهما لاينفصلان لدي ، لكن ( فيزياء الحزن ) أخذ مني 7-8 سنوات لأنجازه وهو أطول من فيلم ( فايشا العمياء ) ، مايربط الفيلمين هو ( الزمن) إذ يبدو الأمر كما لو أن المستقبل قد توقف عن الوجود ، وكما لو أن فايشا قد قررت حجب العين التي ترى المستقبل ..وهنا تكون ذاكرتنا هي المسار الوحيد الآمن فمن خلالها نعود الى ( كبسولتنا ) الزمنية الداخلية ..أنا أرى ( فيزياء الحزن) كتنبؤ لما حدث في حياتي وفي العالم ، فقد رأيت المستقبل كما في الفيلم ومنذ سنوات ، لأنني وعندما توفي والدي ، شعرت بأننا اقتربنا من نهاية العالم ، وكأنني حدست ماسيجري ..

 تم اقتباس الفيلمين من نصوص لمواطنك غيورغي غوسبودينوف ..هل بقيت وفياً لرواية ( فيزياء الحزن ) أم خضعت لرؤيتك الخاصة ؟

-كلا ، البناء مختلف جدا ، فرواية غوسبودينوف هي حكاية شعرية ومتاهة تتداخل فيها القصص ..لقد احتفظت بفكرة وجود كبسولة زمنية لكل منا ، ولعبت على أوتار الذاكرة ..

 ماهي العلاقة التي تربط بين مخلوق (المينوتور ) في المثيولوجيا الإغريقية وبين مسار شخصيتك ؟

-انه معاقب عن خطأ لم يقترفه وهو كونه ابناً لثور ، لذا يتجول في متاهة يخشى الخروج منها بل إنه مرتاح فيها ، فالجميع يصنعون كما يبدو متاهة ليشعروا فيها بالسعادة وبأنهم بخير ..فيما يخصني ، لم أكن مذنباً أيضاً لأنني نشأت في عرين بلد شيوعي أو لأن والدي كان فناناً ..لقد ساعدني في انجاز فيلمي وتوفي بينما كنت أقوم بالمونتاج ..كان الأمر مؤلماً جداً ، لكنه ساعدني على تطهير ذاكرتي وذهني وكأنه كان علاجاً ..نهاية العالم تعني أيضا فقدان شخص نحبه !!

 لماذا استخدمت تقنية خاصة وقديمة في الفيلم ؟

-استخدمت تقنية ( الرسم الشمعي ) التي اخترعها المصريون ولم يتم استخدامها قط في ارسوم المتحركة ، لكني وجدتها مناسبة لوجود علاقة أثرية بين هذه التقنية وقصة الفيلم ، إذ يمكننا القفز من الماضي الى الحاضر بسهولة عن طريق تحريك وتغيير مواضع طبقات الشمع الملونة .

 ماهي مشاريعك ؟

-لدي عدة مشاريع لأفلام منها فيلم طويل مأخوذ من رؤية واقعية للحياة في بلغاريا ، وفيلم للرسوم المتحركة مقتبس من قصة كلاسيكية من الأدب الروسي في القرن العشرين اضافة الى فيلم روائي طويل ، ولأن فيلم ( فيزياء الحزن) قد تنبأ بالكثير من الأحداث السيئة وتحققت ، فقد نصحني منتج الفيلم بأن أكون حذراً بشأن فيلمي التالي !!!