أسبوع ساخن ينتظر الحكومة: درجات حرارة فوق الـ50 والمحافظات تحتج بسبب انقطاع الكهرباء

Thursday 23rd of July 2020 08:41:34 PM ,
العدد : 4731 (نسخة الكترونية)
الصفحة : سياسية ,

 بغداد/ المدى

من المتوقع ان تتصاعد حدة الاحتجاجات الاسبوع المقبل، مع تسجيل درجات حرارة غير مسبوقة تتجاوز نصف درجة الغليان.

واحتج العراقيون طوال الـ10 سنوات الماضية، على سوء تجهيز الطاقة الكهربائية، فيما كانت الحكومات المتعاقبة قد انفقت اكثر من 60 مليار دولار على ملف الطاقة دون نتائج.

ولاحقت فضائح اهدار المال العام، والصفقات المشبوهة في تلك الاعوام كل وزراء الكهرباء، واغلب نواب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة. واقال البرلمان والحكومة في تلك الفترة 3 وزراء كهرباء بسبب تصاعد الاحتجاجات واتهامات بالفساد، فيما قدم رابع استقالته. ووافق البرلمان مطلع تموز العام 2019، على فتح تحقيق مع 6 وزراء تولوا إدارة الوزارة للفترة من 2006 إلى 2019، إضافة إلى نائبين سابقين لرئيس الوزراء. وأعلن عضو لجنة النزاهة النيابية صباح الساعدي، تقديم طلب إلى رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، للتحقيق في عقود الكهرباء منذ عام 2006.

وأضاف في مؤتمر صحفي عقده آنذاك بمبنى البرلمان، ان الوزراء هم "محسن شلاش وكريم وحيد ورعد شلال وكريم عفتان وقاسم الفهداوي ولؤي الخطيب"، كما يشمل التحقيق نائبي رئيس الوزراء لشؤون الطاقة السابقين، حسين الشهرستاني وثامر الغضبان.

وتظاهر مساء امس، العشرات في منطقة القبلة بمحافظة البصرة للمطالبة بتحسين الكهرباء في المحافظة . وقال احمد المالكي، ناشط في البصرة لـ(المدى)، ان أهالي المنطقة الغاضبين "أضرموا النار في إطارات سيارات وقطعوا أحد الشوارع بسبب تواصل انقطاع الكهرباء لساعات طويلة".

ويتهم سكان البصرة، الحكومات والوزراء السابقين، في عدم تنفيذ الوعود بتحسين الكهرباء في المدينة الغنية بالنفط.

أول وزير كهرباء

وكان ايهم السامرائي، وهو اول وزير كهرباء بعد 2003، قد هرب من السجن بعد الحكم عليه في عام 2016 بعامين بسبب "اهدار المال العام". وقضت المحكمة الجنائية بعد ذلك بعام، بالحكم على السامرائي بالسجن الغيابي لمدة 7 اعوام. وواجه السامرائي، الذي ادار وزارة الكهرباء في اول حكومة تشكلت بعد سقوط نظام صدام برئاسة اياد علاوي، فيما واجه 13 تهمة فساد واخفاء نحو ملياري دولار مخصصة للطاقة في العراق. كذلك كانت قد وجهت النزاهة اتهامات بالفساد الى وزير الكهرباء في عهد رئيس الوزراء الاسبق ابراهيم الجعفري، محسن شلاش.

وكان شلاش يعيش في كندا قبل تعيينه وزيرا للكهرباء في ايار عام 2005. وتولى مسؤولية وزارة الكهرباء لمدة عام واحد.

وتوقع احمد المالكي الناشط في البصرة "تصاعد التظاهرات في الايام المقبلة، بسبب ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الاحمال على الكهرباء". وتوقعت هيئة الأنواء الجوية تجاوز درجات الحرارة الخمسين مئوية في 11 محافظة خلال الاسبوع المقبل.

ونشرت الهيئة توقعاتها للطقس، وقالت ان درجات الحرارة العظمى ستصل الى "53 درجة مئوية يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين" في محافظتي البصرة وواسط.

وتسجل باقي المحافظات الوسطى والجنوبية التسعة، من بينها بغداد، درجات حرارة تتراوح بين الـ50 والـ52 المئوية. ومنذ عام 2009، بدأت التظاهرات تتصاعد في العراق في كل موسم، ضد الحكومة ووزراء الكهرباء.

اندلاع الاحتجاجات

وفي 2010 قدم وزير الكهرباء كريم وحيد، استقالته من حكومة نوري المالكي، عقب اندلاع تظاهرات في الناصرية، بسبب سوء تجهيز الطاقة. وبعد 5 سنوات من استقالته، اصدرت المحكمة الجنائية، امرا باعتقال وحيد، بتهم تتعلق بقضايا الفساد. وخلال اليومين السابقين، بدأ سكان قضاء الإصلاح التابع لمحافظة ذي قار تظاهرات ليلية ضد سوء تجهيز الكهرباء، ملوحين بالتصعيد وتحويل التظاهرات إلى اعتصام مفتوح. وقطع عشرات المتظاهرين الجسر الرئيس في اليومين الماضيين، وسط القضاء بالاطارات المحترقِة فيما قطع محتجون آخرون الطريق العام الذي يربط مدينتي الناصرية والعمارة لعدم استجابة السلطات المحلية لمطالبهم.

وكان في ذروة تظاهرات 2011 ضد اداء حكومة نوري المالكي، قد اقال البرلمان بطلب من الحكومة رعد شلال، الذي تولى وزارة الكهرباء بعد كريم وحيد. وفي ايلول من نفس العام، اعتقلت القوات الامنية، شلال في حديثة غربي الانبار، بسبب اتهامات من هيئة النزاهة للاخير بابرام عقود مع شركات وهمية. وتظاهر يوم الاربعاء الفائت، العشرات أمام المنطقة الخضراء وسط بغداد، احتجاجا على سوء الخدمات وملف الكهرباء. واحتشد المحتجون قرب الجسر المعلق أحد مداخل المنطقة الخضراء، بدعوة وجهها "تجمع أهالي منطقة الكرادة"، وهو تجمع مدني مهتم بمتابعة أوضاع أهالي المنطقة، ورددوا هتافات تطالب بتحسين التيار الكهربائي وإحالة الفاسدين بملف الطاقة إلى القضاء. وحمل بعض المتظاهرين لافتات كتبت عليها عبارة "الفاسدون يواصلون سرقات قوت الشعب".

وقرر رئيس الوزراء الاسبق الذي كانت حكومته تواجه احتجاجات منح مهلة 100 يوم لتحسين الاداء الحكومي من دون تحقيق شيء. وفي 2015 اصدرت هيئة النزاهة امرا باعتقال وزير الكهرباء عبد الكريم عفتان الجميلي.

وقال رئيس الهيئة السابق حسن الياسري، حينها، ان مذكرة اعتقال الجميلي "تشمل ايضا منعه من السفر الى خارج العراق".

وتسلم الجميلي وزارة الكهرباء في تشرين الاول عام 2011، فيما قالت لجنة للطاقة في البرلمان حينها، عام 2015، ان الاخير متورط بــ27 مخالفة دستورية وفساد اداري ومالي وتجاوز على الصلاحيات.

وفي مطلع الاسبوع الحالي تناقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو يظهر اقتحام العشرات من المتظاهرين محطة كهرباء البتيرة في ميسان احتجاجا على الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي. وفي حزيران الماضي، قررت الحكومة تخويل وزير المالية صلاحية التفاوض وتوقيع قروض مالية تصل الى أكثر من مليار يورو (1.126 مليار دولار)، لتمويل مشاريع الطاقة الكهربائية في البلاد. يقول الناشط في البصرة: "سمعنا عن مليارات سابقة ولم تتحسن الطاقة، ولم يعد امام العراقيين غير الخروج الى الشوارع".

"قاسم كيزر"! 

في 2015 كان وزير الكهرباء السابق قاسم الفهداوي قد اشعل فتيل التظاهرات، بعد اتهام العراقيين بتشغيل الكيزرات (سخانات الماء) في الصيف، فيما كانت درجات الحرارة حينها تسجل 50 مئوية. واقال رئيس الوزراء آنذاك حيدر العبادي فيما عرف بـ"حزم الاصلاح" عقب التظاهرات، 4 وزراء و3 نواب لرئيس الجمهورية، فضلا عن نوابه (العبادي) إلا ان ما عرف بـ"حزمة الاصلاحات" لم يشمل الفهداوي.

وبعد اكثر من 3 سنوات من ذلك الحادث، قرر العبادي تجميد صلاحية وزير الكهرباء، بعد موجة غضب شعبية في صيف 2018، انتهت باعمال عنف في البصرة.

وكانت الحكومة قد وقعت العام الماضي عقدًا بقيمة 15.68 مليار دولار مع شركة سيمنز الألمانية لتطوير قطاع الطاقة الكهربائية في البلاد. وفي منتصف تموز الحالي، قال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، إن الوزارة السابقة "لم تقم بالمشاريع الخاصة بصيانة الكهرباء، الأمر الذي فاقم من مشكلة الكهرباء". بالمقابل رد وزير الكهرباء السابق لؤي الخطيب في تغريدة على "توتير"، قائلا ان "الوزارة السابقة هي نفسها الحالية ولم يخرج منها سوى الوزير".

وفي الاسبوع الماضي، وجه الكاظمي، بتفعيل مشاريع الكهرباء المتوقفة وتزويد الوقود مجانًا للمولدات الأهلية مقابل تخفيض سعر الامبير وزيادة ساعات تجهيز كهرباء المولدات. ويحتاج العراق إلى أكثر من 23 ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية لتلبية احتياجات السكان والمؤسسات دون انقطاع بينما يبلغ إنتاج العراق وفقا لوزارة الكهرباء 13500 ميغاواط.