قوائم ملاحقة الناشطين تعود إلى الواجهة: مجهولون أحيوا أربعينية الهاشمي بعمليات اغتيال في الناصرية والبصرة

Saturday 15th of August 2020 07:32:19 PM ,
العدد : 4750
الصفحة : سياسية ,

 بغداد/ المدى

شيع بصريون ناشط قتله مجهولون باكثر من 20 رصاصة، بعد انتقادات وجهها لجماعات متشددة ومسؤولين في المدينة الجنوبية. وعقب الحادث توجه عشرات المحتجين الغاضبين الى مبنى محافظة البصرة للمطالبة بكشف هوية القتلة، في وقت تعرض فيه ناشط آخر الى الشمال من البصرة لمحاولة اغتيال.

ويحمل ناشطون في العراق، ارقاما ضمن "قائمة اغتيالات" طويلة لدى بعض الجماعات المسلحة، تحدث بيناتها بشكل دائم، قبل ان يقع الاختيار على احدهم لتصفيته.

وكان هشام داود مستشار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، قد اعلن رسميا نهاية تموز الماضي، ان عدد قتلى احتجاجات تشرين بلغ نحو "560 شهيدا".

واكد داود ان معظم الضحايا هم من الشباب والشابات ونصفهم من بغداد، وان الحكومة اعتبرتهم "جميعا من الشهداء، لهم ولعائلاتهم حقوق".

مساء الجمعة، اطلق مجهولون الرصاص على الناشط في تظاهرات البصرة تحسين الشحماني، ليردوه قتيلًا بعدما اقتحموا شركة خاصة به.

واكدت مصادر (المدى) في البصرة ان "ملثمين اقتحموا مكان عمل الشحماني في شارع البهو وسط مدينة البصرة، واطلقوا عليه 21 رصاصة من قبل ان يلذوا بالفرار". وفي تظاهرة تشرين الاخيرة، قتل نحو 30 ناشطا في عمليات اغتيال في بغداد ومدن الجنوب، فيما لم يكشف حتى الان عن هوية الجناة.

وتقول المصادر ان الناشط الشحماني، كان قد وجه انتقادات لاذعة الى جهات مسلحة، ومسؤولين وقادة عسكريين في البصرة قبل مقتله.

ونشر الشحماني في وقت سابق، صورة لمسدس كاتم للصوت، وكتب اسفل الصورة "يوما ما كلنا سنذبح على الطريقة الاسلامية"، في اشارة الى تورط جماعات دينية متشددة في عمليات الاغتيال.

وقتل في البصرة، في ذروة احتجاجات تشرين، اكثر من 50 متظاهرا وناشطا، بالرصاص الحي وبعبوات الدخان وبنادق الصيد، فيما اصيب اكثر من 1000 آخرين.

وكتب الشحماني قبل اغتياله سلسلة من المنشورات، انتقد فيها استمرار رشيد فليح قائد شرطة البصرة – المتهم باستخدام العنف ضد متظاهري البصرة- في منصبه، رغم تغيير قيادات اخرى.

وكانت الحكومة الجديدة، قد عزلت قائد عمليات البصرة قاسم نزال، وعلي مشاري من منصب قيادة افواج البصرة وحل قوات "الصدمة".

وقال الشحماني في تدويناته ان "رشيد فليح اول من سن سنة استخدام بنادق الصيد لقمع المتظاهرين (...) واتهم المتظاهرين بالعمالة لاسرائيل والامارات".

وكان ناشطون قد نشروا مقاطع فيديو، بالتزامن مع مقتل الشحماني، تظهر نجل رشيد فليح، وهو يقوم بإطلاق الرصاص في الهواء من داخل سيارته في شوارع البصرة.

واستلم فليح منصبه كقائد لشرطة البصرة في ايلول 2018، حين عينه رئيس الوزراء الاسبق حيدر العبادي، على خلفية تظاهرات صيف 2018، والتي شهدت اعمال عنف.

وشيع امس محتجون الشحماني، فيما كانوا في مساء الجمعة، قد نددوا بمقتل الناشطين في البصرة من امام مبنى المحافظة.

في أربعينية الهاشمي

الناشط الشحماني، كان قد رثى قبل مقتله الخبير الامني هشام الهاشمي -الذي اغتيل قبل اكثر من شهر من مجهولين- كعادة اغلب المدونين على مواقع التواصل الاجتماعي منذ انطلاق احتجاجات تشرين.

والخبير الامني، هشام الهاشمي- الذي مر اكثر من 40 يوما على مقتله- كان آخر من تعرض الى عملية اغتيال من قبل مجهولين في بغداد.

ولم تكشف السلطات حتى الآن، عن الجهة المسؤولة عن عمليات الاغتيال المباشرة للناشطين، والتي يعتقد بان "احزاب" متورطة في تلك الحوادث.

وعقب شهر من مقتل الهاشمي، أكد المتحدث باسم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أحمد ملا طلال، أن قضية اغتيال الهاشمي "معقدة وخيوطها متشابكة". وكشفت مفوضية حقوق الإنسان، نهاية العام الماضي، أن 29 حالة اغتيال طالت ناشطين منذ انطلاق التظاهرات من مطلع تشرين الأول الماضي. وقال علي البياتي، عضو المفوضية في تصريحات سابقة، إن "29 حالة اغتيال طالت ناشطين منذ انطلاق موجة الاحتجاجات، وثلاث محاولات اخرى غير ناجحة". وأضاف، أن "في بغداد وحدها 13 حالة".

وتعهد الكاظمي قبل اكثر من شهر، بمحاسبة قتلة الهاشمي. وأقال على وجه السرعة قائد الشرطة في المنطقة التي اغتيل فيها الخبير الامني، لكن النتائج لم تظهر حتى الآن.

ولم تعلن أي جهة على الفور مسؤوليتها عن اغتيال الهاشمي، لكن مقربين من الهاشمي قالوا ان الاخير تلقى "تهديدات من فصائل شيعية مسلحة".

وفي اواخر عام 2019، بـ"سيناريو" مشابه لاغتيال الهاشمي، قتل مسلحون يستقلون دراجة نارية الناشط فاهم الطائي في كربلاء.

واغتال مسلحون مجهولون يستقلون دراجتين ناريتين الهاشمي (47 عامًا) في السادس من تموز الماضي، أمام منزله في شرقي بغداد، في هجوم أثار موجة غضب وتنديد في العراق وخارجه.

وفي بداية عمل الحكومة الجديدة، اعلن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، تشكيل لجنة لتقصي اعمال القتل والعنف ضد المتظاهرين، وهي لجنة اعقبت 9 لجان سابقة برلمانية وحكومية.

قوائم القتل

مصدر امني في بغداد يقول لـ(المدى) ان "هناك قوائم اغتيال ضد ناشطين في عدة مدن، يتم تحديث اسمائها بشكل دوري".

المصدر الذي يعمل في جهة استخبارية، يؤكد مشترطا عدم نشر اسمه، انه "ثم العثور في اكثر من مرة على تلك القوائم التي تعود لجهات مسلحة – رفض ذكر اسمها".

وبين المصدر ان "كل ناشط او شخصية معروفة يتم اعطاؤه رقما معينا في القائمة، وبحسب تسلسله يتم استهدافه لكن هناك احيانا استثناءات ويتم تجاوز بعض الارقام".

ولا يعرف المصدر حتى الان طبيعة تلك الاستثناءات وسببها، لكنه يرجح ان يكون تعطيل عمليات القتل "وراءه ملاحقة الاستخبارات لنشاط الجماعات او اكتفاء المسلحين بتهديد بعض الاسماء".

وفي احتجاجات صيف 2018، كشفت لجنة تحقيقية بحوادث اغتيال نساء في البصرة، لـ(المدى) بان "جماعات مسلحة تغطي على اعمال غير شرعية باستهداف بعض النساء الناشطات تحت عنوان (التصفية الأخلاقية) لإضاعة الهدف الرئيس من عملية القتل". واكدت اللجنة حينها، بان هذه الجماعات كانت تقوم بـ"عمليات تصفية عبر قائمة اغتيالات عثرنا عليها، عقب حادثة اقتحام وحرق السفارة الايرانية في البصرة".

وأمر رئيس الوزراء الاسبق حيدر العبادي، نهاية أيلول 2018، بالتحقيق في عمليات اغتيال واختطاف، وصفها بـ"المنظمة"، وقعت في بغداد ومحافظة البصرة.

وعلى طريقة "خلايا الدراجات"- وهي مجاميع مجهولة تنفذ عمليات قتل ناشطين باستخدام الدراجات النارية- تعرض ناشط واعلامي في ذي قار الى محاولة اغتيال بعد ساعات من مقتل الشحماني.

وقال مصطفى اللامي، ناشط في ذي قار لـ(المدى) ان "وسام الذهبي المؤيد والمدافع عن احتجاجات تشرين، تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة في المدينة من قبل مسلحين على دراجة نارية قرب منزله".

وكانت عدة عمليات قتل جرت باستخدام الدراجات النارية، اشهرها عملية اغتيال الموديل تارة فارس في 2018.

وقال وزير الداخلية السابق قاسم الأعرجي (مستشار الامن الوطني حاليا)، عقب تلك الحوادث، إن "متشددين معروفين ينتمون إلى المذهب الشيعي هم من قتلوا تارة فارس".

واكد خلال مقابلة تلفزيونية أنه كان يشك بتواطؤ أحد ضباط الشرطة مع القتلة. وأوضح أن "بعض الضباط يتعاونون مع المتشددين الذين قتلوا أكثر من شخص، وحاولوا الوصول إلى آخرين لقتلهم".

وجرى استهداف الناشط وسام الذهبي، عقب ايام قليلة من لقاء رئيس الوزراء، مع عدد من جرحى متظاهري تشرين، وتعهد الاخير بعلاج بعضهم خارج العراق.

وبحسب جهات حقوقية، فان اكثر من 100 شخص قتل في ذروة الاحتجاجات في ذي قار، مقابل نحو 2000 جريح.