مصارحة حرة: حقيقة الشباب المُزعجة!

Saturday 5th of September 2020 06:55:25 PM ,
العدد : 4763
الصفحة : الأعمدة , اياد الصالحي

 إياد الصالحي

يمكن لصاحب الرغبة الجامحة أن ينير ظُلمة الطريق ولو بشمعة ما لم تخنه الظروف على إطفاء شعلتها قبل الوصول الى مبتغاه! حقيقة موجعة لكثير من الطامحين في رؤية نهايات ظلماتهم بعدما جزعوا من مخادعة أنفسهم أن الفجر قريب!

هكذا حال آلاف الشباب العراقيين الذين تخلّت عنهم الحكومات السابقة دون استثناء ولم تنتشلهم من مأساة الحروب الطاحنة التي خطفت أولياء أمورهم "آباء وأعمام وأخوال وأشقاء" وزاد من بؤسهم حدّ انحرافهم عن السلوك السَّوِيّ انعدام فرص العمل التي تؤمّن لهم قوت يوم أسرهم، فراح بعضهم ينخرط في أعمال خارجة عن القانون ودفعوا الثمن صرعى تحت حبال المشانق أو خلف قضبان أبدية!

ترى ما مُبرّر وجود وزارة تعنى بالشباب مناصفة بالرياضة ما بعد عام 2003 إذا ما سلّمنا أنها تحرّرت كما يفترض من أجندات النظام السابق في برامجها وهيكلياتها، وواقع الشباب بات أسوأ ممّا مضى ويُنذر بخطر فادح ما لم تكرّس الحكومة الحالية جهودها وتستبق أي انفلات مجتمعي بحزمة من الإجراءات الصارمة وتقدّم قبلها مشروع احتواء أكبر عدد منهم بعقود مجزية في الدوائر الحكومية وما توفّره بنود الاستثمار من فرص تشغيلية داخل القطاعات الخاصة التي تستفيد من مشاريع وزارة الشباب دون أن تحتوي الشباب عملياً ولوجستياً.

مضى أكثر من 100 يوم على استيزار الكابتن عدنان درجال، دون أن يقدّم رؤيته وخلاصة معايشته شجون الشباب مثلما كانوا يؤرقونه أيام مشاوراته مع المقرّبين له من الرياضيين والإعلاميين قبيل اتخاذ قرار إنهاء مدة فُرجته على وطنه من نافذة غربة طالت أكثر من 14 عاماً، وقبوله مسك حقيبة الشباب والرياضة لإحداث تغيير جوهري في سياسة التدخّل بواقع الشباب الأليم برغم إيمانه أن الزمن المتبقّي لبدء الانتخابات البرلمانية في السادس من حزيران 2021 أو ما يحدث من مفاجآت سياسية قبل هذا التاريخ لن يحول دون وضعه حجر الأساس أو كتابة مسودّة مشروع يُطمئِن شبابنا بمستقبل ضامن لأمنهم الأسري من مورد مالي وسلامة صحية ورفاه نفسي.

الحقيقة التي أزعجت وزراء الشباب والرياضة الخمسة السابقين وربما ينضم درجال إليهم، أن مفهوم اندماج الشباب مع الرياضة ليس لأنهم يلعبون كرة القدم أو المصارعة أو ألعاب القوى وغيرها، بل لأنهم المولّد البشري للطاقات في كل ميادين العمل، وهُم سرّ الخير لطرد قوى الشر، وحُرّاس أوفياء على سياج بيت العراق، وأعطف الناس على كبار السِن، وهُم عقول لا تثمّن بجواهر الأرض تبتكر وتبني وتُصلِح وتحتاط، والشباب رُسل الصداقة مع الجيران والغرباء وهم جنود حفظ السيادة في السلم والحرب.

المُنجز الأنجع إذا ما أراد عدنان درجال خدمة الشباب به بعد غلق باب الوزارة خلفه أن يفكّر بتروٍ مع معاونيه ويشرع بكتابة مسودة استقلاليتهم عن الرياضة في وزارة تحافظ على شؤونها المالية والإدارية وتفرَّغ ملاكاتها فعلياً لخدمتهم وتخصّص البرامج النوعية لانتشالهم ويشعروا جدّياً بأن لهم مؤسّسة حكومية قوية تدافع عن حقوقهم بدلاً من مديريات ومنتديات ومراكز موهبة ومدارس تخصّصية يشعر درجال نفسه مثلما نُقل عنه أثناء زياراته الميدانية في عموم المحافظات أن بعضها شبه وهمية أو لا تمارس واجباتها كما ينبغي مُعلّلة تقاعسها بضعف الميزانية ونقص الملاك وتضارب الصلاحيات وانعدام آليات العمل، لكن لن يستطيع درجال القول أن أغلب الموجودين في هذه الكيانات من الباحثين عن فرص للعمل ولا يمتلكون الدراية في شؤون اقسامها!

ودون استقلالية الشباب عن الرياضة ستبقى مليارات الانفاق ضائعة ما بين رواتب تشغيلية لكيانات تفتقد الانتاجية وما بين ورش وندوات وفعاليات ومؤتمرات تثير اللغط والتندّر لعموم الشباب الهارب من نيران ظروفه العصيبة نحو ملجأ حكومي يعتاش أساساً على الرياضة من أجل إحياء وجوده العليل .. وغير المتفاعل !