بعبارة أخرى: سامي عبد الحميد .. ناقداً كرويا!!

Tuesday 29th of September 2020 07:20:09 PM ,
العدد : 4781
الصفحة : الأعمدة , علي رياح

علي رياح  

قال لي بتدفق إلقائه الشهير الذي يصعب على الوصف : أنت يا علي بهذا تجعلني (أرتكب) حواراً كروياً لم يكن في دائرة توقعي!

وقلت له : كثير من الناس قد اطلع على فنك وعلى تجاربك المسرحية والتلفزيونية ومحظوظون أولئك الذين أدركوا زمنك وأنت تلقي دروسا غاية في الروعة على مدارج أكاديمية الفنون ، لكن (الكرة) أو الحديث في الكرة يبقى حلقة مفقودة دعني استدرجك إليها ، لعلنا نعثر على كنز دفين لم يكن في الوارد أو الحسبان!

ثم دار حواري في مطلع تموز من عام 2002 مع فناننا الكبير سامي عبد الحميد لمجلة (الصقر) القطرية الخالدة تحت ترويسة (عكس الاتجاه) ، ما يعني أننا سندخل في غير المألوف من القضايا مع ضيفنا .. كانت رحى نهائيات مونديال كوريا واليابان قد توقفت للتو حين أجريت اللقاء ، فكان لابد أن يكون سؤالي الشائك .. الشائك على رجل المسرح سامي عبد الحميد : ما الذي لفت انتباهك من ظواهر المونديال الأخير؟

- لقد كان غياب زين الدين زيدان القسري سبباً في اندحار القوة الكروية الفرنسية التي كانت مرشحة للاحتفاظ باللقب .. ودعني أقول إن الأهمية الاستثنائية للاعب مثل زيدان لم تكن مبرراً لما حدث لزملائه لأنهم يؤلفون فريقا بطلا لأوروبا والعالم ولا يجب أن يتوقف النجاح والفشل على لاعب واحد!

كانت إجابة الفنان الكبير أكبر وأروع من سؤالي ، ثم جاءت الأسئلة الأخرى تترى : هل كان هذا الدرس الوحيد الذي قدمه المونديال لعشاق الكرة في العالم؟!

- بالطبع كلا .. ثمّة دروس بليغة وربما قاسية أخرى ومنها أن الفوارق بدأت تذوب بين ما كنا نراه منتخبات قوية ومنتخبات أقل شأنا.. أنظر ماذا فعلت السنغال وتأمّل ما قدّمه الكوريون .. وأنا اتمنى أن نستفيد من التجربة الكورية سواء في الانفتاح على المدارس العالمية أو في استقطاب المدربين الأجانب أو في زيادة جرعات الاحتكاك ..

* كانت إجابات الأستاذ سامي عبد الحميد مؤثرة وكانت مُغرية لي للخوض في الكثير من المسائل الكروية ..  هل تتذكر كم مرّة ذهبتَ إلى الملعب لمتابعة لقاء كروي؟

- كنت مواظباً على حضور المباريات خصوصا حين يتعلق الأمر بالمنتخب العراقي صاحب الأمجاد المشهودة خلال العقد الستيني.. أما الآن ، فأنا وللأسف متابع جيد للمباريات عبر التلفاز!

* ثم كان قراري أن امتحن فناننا الكبير بأسئلة سريعة : ما الفرق بين كرة المنضدة وتنس الطاولة؟

 -كالفرق بين مفردتي (فوتبول) و(سوكر) ، إذ أن كلتيهما تؤديان إلى معنى واحد!!

*  هل تتذكر آخر إنجاز كروي حققه العراق؟

-  الفوز ببطولة شباب آسيا في طهران عام 2000.

 * ثم كان السؤال الذي حرّك فيه نفسه المواجع: وهل تعني عبارة (الرياضة في أسبوع) شيئا لديك؟!

شعرت للمرة الأولى خلال اللقاء أن صوت سامي عبد الحميد المدوّي على المسرح وقد تراجع وتعثر تأثراً ، قال : الله! ما أجملها من عبارة .. إنها عنوان البرنامج الخالد الذي قدمه الأستاذ مؤيد البدري على مدى ثلاثين سنة .. إننا نفتقد هذا البرنامج مثلما نفتقد البدري!

*        *       *

بعد الحوار الطويل الذي لم أنشر سوى جانب منه ، لملمت أوراقي وغادرت كافيتريا مسرح الرشيد حيث كانت (المباراة الصحفية) تجري مع قامة فنية ثقافية سامقة لا يمكن أن يجود بمثلها الزمن .. أستعيد كل محاور اللقاء ومنعطفاته اليوم وذكرى رحيل الاستاذ سامي عبد الحميد تمرُّ علينا اليوم الثلاثاء .. رحمه الله .. هكذا عرفته ، لديه المنطق والحضور والإجابة حتى في كرة القدم .. بعد ذلك اللقاء قال إنني ورطته في غير ميدانه ، أما أنا فقد ازددت يقينا بأن الرجل – الموسوعة هزمني ودحر اسئلتي حين أغلق في وجهي كل منافذ الفوز عليه .. كروياً!!