(المدى) تنشر تفاصيل الورقة الإصلاحية: تخفيض 25 % من الرواتب وشمول الكسبة بقانون التقاعد

Tuesday 13th of October 2020 09:24:08 PM ,
العدد : 4789
الصفحة : سياسية ,

 بغداد / محمد صباح

أبدت اللجنة المالية النيابية ملاحظات أولية على بنود وفقرات الورقة البيضاء الإصلاحية التي أرسلتها الحكومة إلى مجلس النواب. وقالت انها بحاجة إلى وقت طويل للانتهاء من تقييمها ودراستها قبل إعادتها مرة أخرى إلى الحكومة.

واعتبرت ان مضمون الورقة البيضاء يتناقض مع ما طالبت به لإيجاد اصلاحات سريعة للازمة الاقتصادية ولتأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين. ووصلت الورقة البيضاء التي اعدتها خلية الطوارئ للإصلاح المالي بهدف ادارة الوضع المالي في ضوء الازمة المالية الراهنة إلى مجلس النواب.وأشرت الورقة ما وصف بانه "مكامن الخلل" ومشاكل الازمة الاقتصادية والمعالجات للخروج من هذه التداعيات في سقف زمني يمتد من (3 إلى 5) سنوات.

وتقترح الورقة البيضاء فرض تخفيض بالأجور والرواتب من 25% من الناتج المحلي الإجمالي يتناقص الى 12.5% خلال ثلاث سنوات، واصلاح صندوق التقاعد بحيث يكون غير مرتبط بالموازنة ويتم صرف رواتب التقاعد مباشرة من الصندوق.

كما دعت ايضا إلى خفض الدعم المالي للشركات المملوكة للدولة بنسبة 30% كل عام لمدة ثلاث سنوات، وتخفيض اجمالي الدعم الحكومي من 13% من الناتج المحلي الإجمالي الى 5% خلال ثلاث سنوات، واعادة هيكلة سلم الرواتب العامة من خلال إيقاف عمليات التوظيف والاستبدال الجديدة في القطاع العام، وتحديد سقف اعلى لرواتب الموظفين بما يحقق العدالة ويقلل الفوارق، وتطبيق ضريبة الدخل على مخصصات الموظفين والحوافز والعلاوات وغيرها.

وقال محمد شياع السوداني، عضو لجنة مراقبة تنفيذ البرنامج الحكومي والتخطيط الستراتيجي النيابية لـ(المدى) إن "الورقة البيضاء الإصلاحية المرسلة من قبل مجلس الوزراء الى البرلمان هي استحقاق نتيجة للتحديات الاقتصادية والمتمثلة بانخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية، وتفشي جائحة كورونا".

ويضيف أن "الحكومة تعهدت لمجلس النواب أثناء التصويت على قانون الاقتراض بتقديم الورقة الإصلاحية البيضاء لمعالجة العديد من المشاكل والأزمات الاقتصادية"، مبينا أن "هذه الورقة ستعرض للنقاش خلال الايام المقبلة في مجلس النواب".

وتضمنت الورقة ايضا مراجعة دعم الوقود لشركات النفط المملوكة للدولة ويجب ان تعود عائدات بيع النفط الأسود الى خزينة الدولة، واصدار سندات وصكوك وطنية وعرضها للتداول العام في سوق العراق للأوراق المالية، فضلا عن دراسة سعر الصرف الحالي للدولار مقابل الدينار والاخذ بنظر الاعتبار متطلبات الاستقرار المالي والنقدي وتحقيق القدرة التنافسية للاقتصاد العراقي.

وفي شهر ايار الماضي كشف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أن حكومته أعدّت ورقة بيضاء لتنفيذ حزمة من الاصلاحات الاقتصادية، واتخذت توصيات أولية يجري النقاش بشأنها قبل المضي قدمًا بها"، لافتا الى "ضرورة التكامل بين الحكومة ومجلس النواب لدعم هذه الإصلاحات".

ويتابع النائب السوداني حديثه قائلا إن "الورقة الإصلاحية تضمن الرؤى والأفكار التي أقرتها الحكومات السابقة لكن لم تنفذ من قبلها"، معتقدا أن "تنفيذ هذه الورقة يتوقف على وجود حكومة قادرة على تطبيق هذه الإصلاحات، وكذلك وجود حاضنة سياسية داعمة لإجراء إصلاحات الحكومة، مع تقبل شعبي لهذه الإصلاحات".

وطالبت الورقة البيضاء بـ"اعادة هيكلة الشركات العامة المملوكة للدولة وتحويلها الى شركات خاصة، واصلاح الخلل في نظام البطاقة التموينية بما يؤمن حماية ذوي الدخل المحدود وحجبها عن الاسر التي يزيد دخلها عن سقف معين".

وشددت الورقة على ضمان شمول كل العاملين في القطاع العام والخاص والمختلط والتعاوني بالاستحقاقات التقاعدية، واستكمال قانون التأمينات الاجتماعية لكي يكون بديلا عن قانوني التقاعد الموحد والتقاعد والضمان الاجتماعي للعمال.

من جانبه، يوضح يحيي العيساوي، عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية أن "الورقة البيضاء تتضمن الخطة الاقتصادية للحكومية التي ستتبعها لإيجاد موارد غير نفطية لتعظيم الاقتصاد والمضي قدما باتجاه تأمين دفع الرواتب".

وكشفت (المدى) في تقرير لها في الثالث والعشرين من شهر حزيران الماضي أن "الورقة البيضاء الاقتصادية مكونة من حزم إصلاحية ستطلق وتنفذ على شكل ثلاثة مراحل؛ الأولى سيطرة الدولة على المنافذ الحدودية والموانئ، والثانية معالجة فساد مزاد العملة وتهريب العملة الصعبة، والثالثة تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث، وحل مشكلة عقارات الدولة".

ويضيف العيساوي أن "الأزمة الاقتصادية تحتم على الحكومة إيجاد بدائل عن النفط لتجاوز كل المشاكل الاقتصادية كتنشيط الصناعة والزراعة"، مشددا على "ضرورة تعديل الأداء على مستوى الاقتصاد العراقي عبر تنفيذ الورقة البيضاء".

وكان وزير المالية علي علاوي قد تعهد بإعداد ورقة الإصلاح أثناء استضافته الأخيرة في مجلس النواب، لكنه اعترف بأن البرنامج الإصلاحي لن يكون سهلا حيث قال إن "برنامج الإصلاح الاقتصادي بحاجة لوقت طويل لأن الوضع الاقتصادي في العراق يمر بفترة حرجة جراء تداعيات سياسات اقتصادية تراكمية سابقة".

ودفعت ظروف الأزمة المالية وانهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية وتداعيات أزمة جائحة فايروس كورونا حكومة مصطفى الكاظمي إلى مراجعة السياسة المالية في العراق من اجل تجاوز الضائقة المالية التي تهدد الاقتصاد العراقي.

ويتابع أن "مجلس النواب سيكون داعما لهذه الورقة البيضاء طالما ستجد الآلية المناسبة لمعالجة المشكلة الاقتصادية العراقية من خلال إيجاد البدائل الواقعية للازمة الراهنة"، موضحا أن "البرلمان سيعرض هذه الورقة للنقاش قريبا".

ويضيف النائب عن كتلة اتحاد القوى العراقية: "بعد قبولها من قبل مجلس النواب سيكون على الحكومة إرسال مشاريع القوانين والقرارات إلى مجلس النواب لتشريعها من اجل دخول الورقة الإصلاحية حيز التنفيذ".

من جانبه، يقول جمال كوجر، عضو اللجنة المالية في مجلس النواب ان "الاتفاق الذي جرى بين رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي ورؤساء الكتل السياسية نص على تخويل اللجنة المالية النيابية ممثلة فيها اغلب الكتل السياسية بمراجعة ودراسة وتقييم الورقة البيضاء وابداء ملاحظاتها وإرسالها إلى الحكومة التي ستقوم بتحويلها إلى فقرات داخل موازنات 2021 و2022 و2023 ".

ويؤكد كوجر في تصريح لـ(المدى) ان "الورقة البيضاء لن تعرض على التصويت لأنها ليست قانونا، بل هي برنامج إصلاحي للحكومة"، مضيفا ان "محتوى الورقة كبير ويتطلب وقتا لمراجعتها وأبداء ملاحظاتنا عليها بشكل كامل". ويشدد على ان "ما يهمنا ترجمة هذه الإصلاحات التي ضُمّنت في الورقة الإصلاحية في قانون موازنة 2021"، موضحا أن "هناك تناقضا بين ما طالبت به اللجنة المالية وبين ما قدمته الحكومة من ورقة بيضاء إصلاحية". ويبين رئيس كتلة الاتحاد الإسلامي الكردستاني أن "الحكومة قدمت رؤية إصلاحية للنظام الاقتصادي في حين طالبت اللجنة المالية النيابية بإيجاد حلول عملية للازمة المالية الراهنة والجارية حاليا"، لافتا إلى ان الورقة الإصلاحية تحتاج بين (3 إلى 5) سنوات لتنفيذها".

واشترطت اللجنة المالية النيابية على حكومة الكاظمي تقديم الورقة الإصلاحية خلال فترة ستين يوما مقابل موافقته على تمريره قانون الاقتراض المحلي والخارجي لسد العجز المالي لعام 2020 الذي صوت عليه مجلس النواب في حزيران الماضي.

ويضيف كوجر أن "ما طلبنا به هو إيجاد موارد مستعجلة لتلافي أزمة رواتب موظفي ومتقاعدي الدولة والرعاية الاجتماعية"، متسائلا "ما هي آليات الحكومة لتوفير المبالغ لسد العجز المالي دون اللجوء إلى الاقتراض الكبير؟".

ويلفت إلى أن "الورقة من الجانب النظري جيدة جدا لكن من الجانب العملي تحتاج إلى تشريع عدد من القوانين، وإعادة رسم جميع مفاصل الدولة وكذلك تحتاج إلى مؤسسات لمتابعتها"، مؤكدا "خلو الورقة البيضاء من التوقيتات المحددة لانجاز وتطبيق خطتها المرسوم لها من قبل الحكومة".

ويتساءل "هل هناك ورقة بيضاء ثانية فيها التوقيتات اللازمة لتنفيذ الخطة الحكومية؟"، مؤكدا ان "اللجنة المالية النيابية ستبدأ بدراسة الورقة البيضاء خلال الايام القليلة المقبلة".

الى ذلك قال عضو اللجنة المالية في البرلمان حنين قدو، امس، إن "الايام المقبلة سوف تشهد اجتماعات ومناقشات موسعة بين اللجان النيابية المختصة لدراسة فقرات الورقة البيضاء بشكل دقيق جدًا، حتى نمنع اية نتائج سلبية قد تؤدي لها بعض بنود الورقة، ونحن داعمون لأية خطوة اصلاحية".

وبين قدو ان "اللجان النيابية سوف تعمل على تعديل أو اضافة فقرات في الورقة البيضاء وفق الصلاحيات التي يملكها البرلمان، وسيكون ذلك بالتنسيق مع الجهات التنفيذية المختصة والمسؤولة عن هذه الورقة الإصلاحية المالية".

الى ذلك، أعلن نائب رئيس اللجنة المالية، مثنى السامرائي، الشروع بتدقيق ورقة الإصلاح الاقتصادي، وذلك بعد تسلمها من وزير المالية علي عبد الأمير علاوي.

وذكر مكتب السامرائي، في بيان تلقت (المدى) نسخة منه، أن "اللجنة المالية النيابية ممثلةً بنائب رئيسها مثنى عبد الصمد السامرائي، تسلمت ورقة الإصلاح الاقتصادي التي اصطلح عليها بـ(الورقة البيضاء) من وزير المالية علي عبد الأمير علاوي لعرضها على اللجنة المالية وتدقيقها وابداء الملاحظات حولها ومراجعتها مع وزارتي المالية والتخطيط تمهيدا لعرضها على البرلمان".

وقال السامرائي إن "اللجنة المالية ستعكف على دراسة الورقة الإصلاحية وستعمل على دعم أية توجهات واقعية تصب في خدمة الاقتصاد العراقي وتسهم في إيجاد حلول عاجلة للأزمة الاقتصادية مع ضرورة الاهتمام بالحلول الجذرية التي تضع اقتصاد البلاد على سكة آمنة توفر للأجيال القادمة مناخًا قابلًا للتطور والتقدم".