العمود الثامن: أُريد حزب!

Tuesday 27th of October 2020 09:18:32 PM ,
العدد : 4799
الصفحة : الأعمدة , علي حسين

 علي حسين

حتمًا، ستتضمن الطبعة الجديدة من كتاب غينيس للأرقام القياسية رقمًا قياسيًا يضاف للأرقام التي يسجلها هذا الكتاب الشهير منذ أن صدرت طبعته الأولى عام 1955، والرقم الجديد سيحصل عليه العراق بجدارة، بعد أن أعلن مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات الدكتور عبد الحسين الهنداوي، أن عدد الأحزاب المسجلة بلغ نحو 230 حزبًا، وبانتظار أحزاب جديدة.

لاشك أنّ خبرًا مثل هذا سيثير "طمع" بعض المواطنين الذين سيقررون تأسيس أحزاب تحت شعار "مفيش حد أحسن من حد". 

الخبر الذي سبقه منذ سنوات مزاد للمناصب، شارك فيه الجميع، لكن خبر عدد الأحزاب الذي أعلن عنه أمس،أثار طمع العبد الفقير لله، فالمزاد هذه المرة أوسع وأكبر، إنه فرصة الحصول على حزب جديد. هكذا نبدأ المرحلة الجديدة تحت شعار "أريد حزب"، التي تهدف إلى توعية المواطنين بالديمقراطية العراقية الجديدة التي من علاماتها ان البرلمان يريد ان يرفع سيف "قانون جرائم المعلوماتية" في وجه من ينتقد الخراب، ويعتبر الحديث عن الفساد والمفسدين رجسًا من عمل الشيطان؟

هناك فرْق بين حملة من أجل منع الناس من حق لهم، وحملة من أجل المطالبة بحق، تمامًا كالفرق بين حملة "أريد حزب"، وحملة "الكفاءة أولًا"، فالأولى مضحكة، بينما الثانية مطلب لايزال المواطن ينتظره منذ 17 عامًا. فالواقع يقول إن الأحزاب القديمة وفروعها الجديدة جميعها تحت ولاية أولياء الأمور من قادة الكتل السياسية، لا شك بأن أحزاب السلطة ستحتل البرلمان من جديد مهما بلغ عدد الأحزاب التي أعلن عنها، وعندما ينتخب العراقيون في العام المقبل أو في أي وقت آخر سوف يعرفون جيدا أن النتائج تسبقهم إلى صناديق الاقتراع ، مثل كل انتخابات، وأن الذي يقرر هو سلطة الأحزاب وليس الناخب.

لا أحد منا يشكك في حبّ ساستنا للبلاد، لكن ما يسترعي الانتباه أنّ حبّ الوطن انتقل من شعارات الإصلاح ونصوص الشفافية والنزاهة، إلى معركة على تاسيس احزاب ، ليصبح التعبير عن هذا الحب غوصًا في كرسيّ الحزب، ويتحوّل الوطن، إلى إعلان عن مزاد لمن يستطيع أن يفرض مرشحه ولو بإرادة من خارج الحدود!

ملخص الحالة الآن أن احزاب السلطة قرّرت إضافة احزاب جديدة إلى اساليبها في الضحك على المواطن .

والآن عزيزي القارئ أرجوك أن لا تسخر من "جنابي" الذي يطمع في أن يحصل ولو على قطعة من الحزب، بعد أن فشل في الحصول على قطعة من الديمقراطية الجديدة. لنكون بصدد فقرة ساخرة، يقهقه فيها التاريخ عاليًا، وهو يتفرج، باستمتاع، على أحزاب تخرج من بطن أحزاب أخرى وجميعها ترفع شعار المدنية، والذي سيصبح بعد الانتخابات رجس من عمل الشيطان.