بعبارة أخرى: التجريب .. والتخريب!

Monday 16th of November 2020 07:25:27 PM ,
العدد : 4812
الصفحة : الأعمدة , علي رياح

 علي رياح

يُقبل منتخبنا الكروي على وديته الثانية أمام أوزباكستان ، وهو مُحاط بكل هذه الآراء والتعليقات والمطالبات والانتقادات التي تشكل كمّا جارفاً من رجع الصدى لما قدمه في وديته الأولى أمام الأردن .

ولست هنا في معرض الخوض في النوايا وحتى الخنادق والضغوط التي أوجدتها وسائل التواصل الاجتماعي تحديداً ، فهنالك الكثير مما يصح ويصلح منها ، كما أن هنالك الكثير من المواقف الجاهزة التي كانت ومازالت تنتظر عثرة من المنتخب أو من مدربه كاتانيتش كي تصفي الحساب! 

وفي يقيني أن مجرد توصيف مباراتنا الأولى مع الأردن ثم الثانية أمام أوزباكستان بـ (الودية) أو (التجريبية) يمنح كل راض أو ساخط على المنتخب فرصة للمراجعة ، فنحن على الضفة وفي طور الإعداد ولسنا في مباريات رسمية .. ثم نصل إلى النقطة التي تثار عن جدوى التغيير في ملامح المنتخب برغم كل هذا التوقف الذي كانت عليه الأنشطة الكروية طوال شهور كثيرة بسبب جائحة كورونا! 

لا جدال في أن للتغيير حسنات لا تخفى ، وهي لا تعد ولا تحصى .. لن أنسى أبداً ما أحدثه عدنان حمد من (ثورة) إصلاحية في منتخب العراق عام 2003 حين كان قائداً للمنتخب الأولمبي الذي ذهب إلى السعودية في أول مهمة لمنتخب عراقي بعد الاحتلال .. كنت خلال الرحلة أسأل الرجل عمّا تركه في بغداد من ردود أفعال حين تحدث عن أن المنتخب الذي ذهب به الألماني ستانج إلى تصفيات آسيا لم يعد صالحاً كله للاستمرار ، فلابد من إحداث التغيير ولو في بعض مراكز اللعب .. ولم تتأخر الإجابة على الأرض ، فقد فاز المنتخب الأولمبي بكأس الصداقة بمدينة أبها ليمهد بذلك الطريق أمام عدنان حمد كي يتسلم زمام المنتخب الأول ويضع على أرض الواقع ما كان يراه مناسباً لاستمرار المنتخب ولتمكينه من تحقيق الانتصارات! 

كان الفريق الاولمبي يضم نخبة مهمة من لاعبينا.. يونس محمود ، نور صبري ، باسم عباس ، سعد عطية ، مهدي كريم ، عماد محمد ، نشأة أكرم ، قصي منير ، هوار الملا محمد وغيرهم .. وبالمقابل كانت شمس بعض لاعبي المنتخب الأول تميل إلى الغروب بعد أن قدموا خدمات كبرى وعلى مدى سنين عديدة ، ولكن كان لابد من إقناعهم بضرورة أن يخلوا أماكنهم للجيل القادم في متوالية منطقية بحكم مقتضيات العمر .. فلم يحدث في التاريخ أن رهن منتخب آماله ومصيره بعدد محدود من اللاعبين على مدى مفتوح من عمر الزمن! 

حدث التغيير في ذلك الوقت وبقيت النخبة تلك من لاعبينا أساساً للمنتخب في نجاحاته وفي إخفاقاته أيضاً ، لكنها شكلت خلال سنوات عديدة مضت الملامح الأساسية للمنتخب وقد لعبت الدور الأبرز في حصولنا على المركز الرابع في أثينا ثم فوزنا بكاس آسيا وهما أهم انجازين عرفهما العراق خلال التاريخ الحديث .. 

لكن السؤال الذي يبرز هنا : ما دمنا نقر بسنة التغيير في كرة القدم ، فهل سنغلق كل الأبواب أمام الزجّ ببعض لاعبينا الشباب في تشكيلة منتخبنا الأول ؟؟ هل إن وصول لاعب أو عدد من اللاعبين الشباب يضرّ بالمنتخب أم سيكون الأمر تجديداً للدماء وتعزيزاً للصفوف وتحسباً للمستقبل الآتي بلا ريب؟! 

نحن نشجع هنا على التغيير في خيارات مدربنا كاتانيتش ، خصوصا حين تتاح له المباريات التجريبية ، ولكن لا يجب أن يكون هذا التغيير جارفا أو طاغيا ، وهذا ما يجب أن يكون عليه حال المنتخب كلمّا لاحت في حسابات المدرب موهبة عراقية واعدة تستحق الضم إلى المنتخب .. وبغير هذا المنهج ستتحول العملية إلى (تخريب) إذا سارت وفقاً كل الأهواء والمطالبات .. والمصالح!