باختصار ديمقراطي: الوزير في فوّهة النار!

Sunday 27th of December 2020 07:28:18 PM ,
العدد : 4840
الصفحة : الأعمدة , رعد العراقي

 رعد العراقي

منذ مُدّة ليست بالقليلة، ووزير الشباب والرياضة عدنان درجال يتعرّض الى هجمة إعلامية شرسة عبر بعض البرامج الرياضية ومواقع (السوشيال ميديا) منها ممنهجة بتخطيط ودراية مقصودة، أو تمثّل سرحاناً فكرياً غير مقصود لشخوص لا يدركون تأثير كلماتهم في المساس بمكانة الوزير الاعتبارية إدارياً وجماهيرياً.

أصل الحكاية بدأت لحظة إعلان استيزار درجال بانفلات هستيري لبعض البرامج الرياضية التي كانت تتبنّى موقفاً مضاداً له في قضية اتحاد الكرة حين وجدت نفسها أمام خيارين: إما التنازل عن نهج التصعيد والوعيد والاعتراف بالهزيمة أو الاستمرار في محاولة الانتصار لموقفهم المضاد، وإن تطلّب الأمر إظهار العَدَاء والعِناد حتى قبل إمضائه أول ورقة رسمية في منصبه الجديد! 

هكذا .. وبكل بساطة، تظهر النوايا، وتتعرّى المواقف وتتجلّى الحقائق في فلسفة بعض وسائل الإعلام والصحافة التي لا تنظُر للأداء على أرض الميدان بقدر ما تربط العلاقات الشخصية والمصالح والاصطفافات لهذا الجانب أو ذاك في تحديد توجّهها ورسالتها في سياق دخيل على الصحافة الرياضية العراقية، مُستغلّة وجود فراغٍ لمرجعية القيادة والسيطرة التي من المفترض أن تكون هي الموجّهة والحاكِمة لكل أبناء البيت الصحفي الرياضي.

لم يتوقف الأمر عند حدود العلاقة المتوتّرة بين بعض أبناء الصحافة والوزير الذي يُحسب له أنه حافظ على طبيعة شخصيته الواثقة دون أن يتأثر بمحاولات ثنيه في مسايرة طروحاتهم العلنية، وربّما الخفية منها، لكن المفاجأة هو ما يَصدُر من بعض رفاقه في الوسط الرياضي من نقدٍ وتلميحات ترمي الى اتهامه بإهمالهم أو التأخير في الرد على اتصالاتهم الهاتفية في خطوة توحي للجماهير والمشاهدين بأن درجال أصبح بغير حال!

قبل أيام شاهدتُ لقاء للعُمدة عماد محمد في إحدى القنوات الفضائية، وهو يتحدّث بلغة العتب الدبلوماسي عن تجاهل الوزير في الاتصال به وبقحطان جثير عند تواجدهم في دورة ( برو ) في قطر لمدة 40 يوماً برغم زيارة درجال للدوحة لأكثر من مرّة، مُبرّراً عتبه بأنهما من مدرّبي المنتخبات الوطنية وأنهما كانا يمثلان الوطن، وكان من المفترض أن يلتقي بهما ويَطمئن على أحوالهما! 

العُمدة المعروف بخلقهِ العالي، ربّما خانهُ التعبير بين التصريح الرسمي والحديث الودّي، فليس من المنطق أن نحمِّل الوزير مسؤولية الاتصال بكل مَن يتواجد من رياضيين في أي بلد يزوره أو يقضي إجازته بين أهله! كما إن اشتراك العمدة بدورة تطويرية للحصول على شهادة تدريب لا تمثل مَهمّة وطنية حسّاسة تتطلّب متابعتها من أعلى سلطة في الوزارة! وبالتالي فإن الإيحاء بهذا الموقف وإن كان غير مقصود، لكنه يَحمِل إشارة سلبية تنال من قيمة الجنرال كقامة رياضية قبل أن يكون قيادياً! 

هناك حقيقة لا بدّ أن يدركها جميع الرياضيين، وخاصة من يعتبر أنه كان مُقرّباً من درجال بحكم مزاملته في الوسط الرياضي، وهي أن السلطة القيادية والمسؤولية تفرض أجواءً وظروفاً تتحكّم بخيارات الوزير وتَحِدْ من مساحة الوقت الذي يُتيح له التحرّك به بحريّة بحكم اِنشغالهِ بإدارة وزارته والاجتماعات والزيارات وغيرها! وبالتالي فإن مسألة مطالبته بأن يكون متاحاً وسريع الاستجابة لأي طلب أو اتصال من زملائه الرياضيين الذين ربّما يتجاوز أعدادهم المئات قد تكون مبالغة وغير منطقية، ولا يمكن أن تكون سبباً مقنعاً يتيح لأي شخص في انتقاده علناً والتشكيك بميزة الوفاء لزملائه أو اعتبارها انتقاصاً له ولشخصيته!

إن أجواء الوسط الرياضي القلِقة والرؤية المشوّشة عند البعض قد تسبّب إعادة النظر في خيار تولي النجوم الرياضيين لمناصب وزارية مستقبلاً طالما أن هناك من ينظر لأداء الوزير وفق قياسات العلاقات الشخصية وتأثيرها أو ردّة فعله بالاستجابة لأي طلب أو مقترح منه في حين يتم التغاضي عن أي انجاز أو تصحيح يقوم به على أرض الواقع.

باختصار.. لا نريد أن يكون الوسط الرياضي أداة تتحكّم به أيادٍ خفيّة تدفعه نحو محاصرة الوزير بنيران الانتقاد والإساءة، وتُسقِط جدار الثقة والأخوّة التي كانت تميّز علاقتهم بدرجال الانسان والرياضي، بل على العكس فإنهم أمام مسؤولية المساهمة في نجاح مَهمَّته عبر تجاوز التقاليد الاجتماعية وحسابات المقارنة في العلاقات الشخصية معه قبل وبعد توليه الحقيبة الوزارية.