في حوار مع مخرج فيلم (نثار امرأة): الفيلم محاولة لكسر حاجز الصمت

Wednesday 20th of January 2021 10:51:23 PM ,
العدد : 4856
الصفحة : سينما ,

ترجمة : عدوية الهلالي

في فيلمه الصادم ( نثار امرأة ) الذي انتجته شركة نيتفليكس ، يعرض المخرج الهنغاري كورنيل موندروشو قصة مفجعة عن زوجين فقدا طفلهما عند الولادة ، وهي مستوحاة جزئياً من الدراما التي عاشها المخرج وزوجته ..

وكانت بطلة الفيلم الممثلة البريطانية فينيسيا كيربي قد فازت بجائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية عن هذا الفيلم حيث تجسد فيه شخصية الزوجة مارثا التي تفقد طفلها أثناء ولادة منزلية مؤلمة بسبب إهمال القابلة مما يعرضها لصدمة نفسية وعاطفية كبيرة، وتتأثر علاقتها سلبياً بزوجها وأمها وتتعرض علاقاتها الاجتماعية لاختبار قاس...وفي لقاء أجرته مجلة مدام فيغارو مع المخرج موندروشو توقع أن يحصل فيلمه على جائزة الأوسكار ، وجاء في الحوار :

 ولد فيلم ( نثار امرأة ) من تجربتك الخاصة مع زوجتك "كاتا" ويبر التي قامت بكتابة السيناريو ..كيف تحوّلت هذه المحنة المؤلمة الى هذا الفيلم المتميز ؟

- فقدت زوجتي طفلها أثناء حملها ، وهذا لايعني أن قصة الفيلم هي قصتنا تماما لكنها ألهمتنا لنصنع هذا الفيلم ، فبعد مرور بعض الوقت على فقدان طفلنا ، اكتشفت مصادفة دفتراً كتبت فيه "كاتا" حوارات بين أم وابنتها بعد فقدان طفلها ..كان عنوان مذكراتها ( نثار امرأة )..في تلك المرحلة ، أدركت أننا لم نتحدث مطلقاً عما حدث لنا ، ومع ذلك لم نعترف أبداً بالصمت الذي كنا نصنعه حول الحدث ..كان ذلك بمثابة صدمة لي ، فقد شعرت أننا جعلناه من المحرمات ، وأننا كنا خائفين منه.. في ذلك الوقت ، طلب مني مسرح ( بولسكي) في وارسو العمل في مشروع من اختياري وشجعت زوجتي على الكتابة حول مذكراتها . لذا أجرت الكثير من الأبحاث ، والتقت بالعديد من الأشخاص الذين عانوا أيضاً من الفجيعة في الفترة التي تلي الولادة ، وأصبح الأمر أكثر أهمية بالنسبة لها ، وجعلته نوعاً من العلاج.حققت المسرحية نجاحاً حقيقياً في بولندا.وكان الناس يأتون لرؤيتنا في نهاية العروض ، ويرسلون لنا رسائل بريد إلكتروني ، ويخبروننا بقصصهم الخاصة. لقد أدركنا مدى تأثيرها على الناس ، ولكن لم يكن هناك فيلم عنها. لذا شعرنا بالحاجة الملحة لمناقشة الموضوع بشكل أوسع ، وهكذا ،ولد الفيلم ..

 هل كان الهدف من الفيلم كشف الألم الذي يعقب فقدان الطفل أثناء الولادة ؟

- نعم ، كان الهدف هو كسر حاجز الصمت لتشجيع الناس على الحديث عنه. وأن نقول أيضاً إنه ليس من العار أن تعيش الخسارة ، كما هو الحال في جميع تجارب الحياة ، فهي فرصة لتصبح شخصاً أفضل ، ولتكتشف حقيقة نفسك على طريقتك الخاصة ، متناسياً ضغط مجتمعاتنا ، وعائلاتنا. هذا الفيلم عبارة عن طريقة لنقول للأم "تغلبي على عواطفك ، وافهمي أنك أم هذا الطفل الميت ، وأن هذا الحق في أن تكوني والدة ، لا يمكن لأحد أن يأخذه منك".

 يدورهذا الفيلم حول الفقد ولكن أيضاً عن الأمومة وإعادة البناء. قلت في مهرجان البندقية السينمائي إن مارثا (فانيسا كيربي) كانت بالنسبة لك بطلة. ما نوع البطلة التي تتحدث عنها؟

- إنها بالتأكيد بطلة استفزازية ولكنها بارعة للغاية. اختارت مارثا إنهاء الجدل الأسري ، فلديها الشجاعة لتجد صوتها ، وتنأى بنفسها عن زوجها في هذه اللحظة الحاسمة. إنها تسمح لنفسها أن تشعر بما تشعر به ، رغم كل شيء. ولهذا فهي بطلتي. إنها تبحث عن حقيقتها الخاصة ، والتي قد تبدو تافهة ولكنها في الواقع معقدة للغاية ، وقبل كل شيء غنية جداً من الناحية العاطفية. الشيء الرئيس بالنسبة لها هو أن تكون أماً ، وأن تكون أماً لهذا الطفل الذي لم يعد موجوداً اليوم.

في الخيال الجماعي ، لدينا فكرة أن المرأة هي التي ستطرد عواطفها أكثر من غيرها في حالة فقدان طفل. لكن في الفيلم ، تكاد مارثا تكون صامتة بشكل شبه كامل ، وشون (شيا لابوف) ، رفيقها ، هو الذي يبكي ...

في البداية من الصعب جدًا فهم مارثا. اذ يجب أن تبكي في تصورنا ، ومن الواضح أنها تتألم ، لكن شون هو الوحيد الذي يبدو قادرًا على "الشعور" والتعبير عن مشاعره. في الواقع ، من خلال عدم فهم مشاعر مارثا ، فإنه يمنعها من الشعور بها. إنه لا يفهم أن الشيء الرئيسي بالنسبة لها هو أن تكون أماً ، وأن تكون أماً لهذا الطفل الذي لم يعد موجودًا اليوم ، وأن تشعر بالأمومة ، وأن تستوعب ما مرت به. وهوسلوك متكرر للغاية بين الأمهات اللائي فقدن أطفالهن للتو ، وقد رأيناه كثيرًا خلال بحثنا. فما تشعر به مارثا يصعب تفسيره ، ولكنه أيضًا أكثر تعقيدًا مما تشعر به.

 يقول العديد من علماء النفس أنه عندما يموت طفل صغير جدًا (في الفيلم لا يعيش سوى بضع ثوان خارج والدته) ، بالنسبة للكثيرين لم يكن الطفل موجودًا ، وهو أمر يصعب على الوالدين التعايش معه. هل كان صنع هذا الفيلم وسيلة لجعل هذا الطفل الذي فقدته موجودًا؟

- بصراحة نعم. كانت طريقة لجعل الطفل الذي فقدناه موجودًا ، وليس قتله على الفور. كما تعلم ، من السخف أن تفقد طفلًا ، فهذا يجعلك تتساءل لماذا نحن وليس الزوجين الآخرين ، فهذا أمر لا يمكنك التحكم فيه. ولكن في أعماقك ، غالبًا ما تجعل الخسارة حياتك أكثر ثراءً وجمالًا إذا كنت تعرف كيف تمنح نفسك الحق في رؤية ما وراء الدراما.

 قال العديد من النقاد إنه كان من الصعب مشاهدة الفيلم. ما رأيك في الاستقبال الذي حصل عليه؟

- إنه فيلم يجعلك بالتأكيد تشعر أنك مليء بالعواطف. اليوم ، الشعور بالعاطفة هو في حد ذاته من المحرمات ... وفي السينما ، هناك حقيقة ووضوح وواقع ، وأعتقد أن الجمهور أحب الفيلم. في الواقع ، يعيد هذا الفيلم الحق للمرء في أن يكون لديه مشاعره الخاصة.