فتح بوابة عقارات الدولة في الموازنة يثير رياح الجدل

Monday 25th of January 2021 10:39:24 PM ,
العدد : 4859
الصفحة : محليات ,

 المدى / حسن الإبراهيمي

تواصل الحكومة عملياتها البحثية عن موارد مالية من شأنها أن تقلص فجوة العجز المالي "الكبير" في موازنة 2021، إذ قُدرت قيمته في الموازنة بـ71 ترليون دينار.

إحدى الحلول التي تعتزم الحكومة تبنيها هي بيع عقارات الدولة، إذ خصصت مادتين في موزانة 2021 لهذا الغرض.

وأثارت المادة "47" والخاصة ببيع عقارات الدولة، الكثير من الشكوك والاعتراضات البرلمانية لما فيها من "تفريط بأصول الدولة وممتلكاتها وتقويضاً لبنيتها الاقتصادية فضلاً عن احتمالية تسببها بفتح باب من أبواب الفاسد وما ينتج عنه من فوضى اقتصادية عارمة".

وأصدرت وزارة المالية، في الثالث من تشرين الثاني 2020، أمراً وزارياً يقضي بتخويل مدير عام دائرة عقارات الدولة 9 صلاحيات تتعلق ببيع وإيجار عقارات الدولة.

التخويل الأبرز والذي أثار حفظية الرأي العام، هو "صلاحية بيع أموال الدولة المنقولة من دون النشر بالصحيفة أو مزايدة علنية وبالقيمة التقديرية وصلاحية المصادقة على قرار التقدير".

لكن مصدراً حكومياً كشف لـ"المدى" عن تراجع الحكومة عن هذا القرار بعد أيام قليلة من تسريبه لوسائل الإعلام.

 

700 مليار دينار

ويوضح عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر للمدى: "كان هدف اللجنة من فكرة بيع عقارات الدولة هو تحويلها إلى قطاعات رابحة بالنسبة الى الحكومة، فإيرادات عقارات الدولة السنوية تقدر بـ700 مليار دينار لكن أعمال صيانتها وإدامتها تكلف أكثر من ذلك".

ولا تتوفر لدى الحكومة العراقية إحصاءات دقيقة أو قاعدة بيانات خاصة بأعداد العقارات العائدة لها.

ويشدّد كوجر في تصريحات متلفزة على "ضرورة أنْ تسبق عمليات بيع عقارات الدول خطوات معينة مثل تشكيل لجنة مختصة لتقيم أسعار عقارات الدولة وقيام تلك اللجنة بتحديد فائدة بيع العقار من عدمه بالنسبة للدولة".

ويكمل: "اللجنة يجب أن تحدّد العقارات التي يمكن للدولة الاستغناء عنها"، لافتاً الى "سيطرة بعض الأحزاب السياسية على عقارات الدولة دون دفع أية مبالغ كبدلات إيجار أو شراء".

بدوره، يكشف مصدر في دائرة عقارات الدولة التابعة الى وزارة المالية، فضّل عدم ذكر اسمه عن "عدم دخول قرار بيع عقارات الدولة حيز التنفيذ بعد".

ويضيف في حديثه لـ"المدى": "لا يمكن أن يُتخذ مثل هكذا قرار بسرعة مال لم يتم دراسته بصورة صحيحة وفقاً لآليات قانونية".

ويؤكد أن دائرته تعمل "وفق قانون بيع و إيجار اموال الدولة رقم 21 لسنة 2013".

ويلفت الى أن "الكتاب الذي صدر في تشرين الثاني 2020 ألغي العمل به"، مشيراً الى أن "بعض وسائل الإعلام فهمت مضمون الكتاب على نحو خاطئ".

ويوضح: أبرز ما تعتزم الحكومة بيعه خلال المرحلة المقبلة هو العقارات والآليات الخاصة بالنظام البائد والتي تكلف الدولة مبالغ طائلة جراء الإهمال والتخزين خلال السنوات السابقة.

أما الخبير الاقتصادي صفوان قصي فإنه يقول إن "الحكومة لديها الكثير من الممتلكات العاطلة عن العمل وغير مُستغلة منذ سنوات وهي تابعة الى بعض الوزارات وبات من الضروري إيجاد حلول لها".

خطوة في الاتجاه الصحيح

ويضيف أن "خطوة بيعها او إيجارها هي خطوة بالاتجاه الصحيح ولكن بشرط أن تُقيّم وفق قيمتها الحقيقية إضافة الى تخصيص إيرادات تلك العقارات الى الموازنة الاستثمارية لتمويل بعض المشاريع التي تساهم بخلق فرص عمل".

ويكمل قصي: "الشرط الآخر؛ يجب أن يشرف ديوان الرقابة المالية الاتحادي على عمليات بيع عقارات الدولة وأن لا يقتصر البيع على قطاعات معينة".

ويلفت الى إمكانية "إدراج هذه العقارات في سوق العراق للاوراق المالية وبيعها كأسهم على المواطنين بأسعار تنافسية وبهذا نستطيع تحريك جزء من مدخرات العراقيين بإتجاه هذه المشاريع وخلق فرص عمل"، على حد وصفه.

ويؤكد أن "بيع العقارات بدون إشراف ديوان الرقابة المالية الاتحادي وكذلك بيعها الى طبقة معينة دون غيرها سيساهم بتعظيم ثروة الفاسدين".

وشدّد قصي على أهمية "شمول جميع المحافظات بعمليات بيع الممتلكات الحكومية والتمسك بالممتلكات التي من الممكن استغلالها لصالح الدولة".

الملف الأخطر

بدوره، يقول رئيس مؤسسة النهرين لمكافحة الفساد محمد رحيم في حديث لـ"المدى" إن "قرار بيع عقارات الدولة هو أخطر ملف في موزانة 2021 بسبب سيطرة جهات حكومية متنفذة عليه".

ويضيف: "بعض العقارات سرقتها أحزاب وجهات سياسية أو اشترتها بأثمان بخسة وقامت بإتلاف أوراقها الرسمية".

ويعتبر رحيم خطوة بيع عقارات الدولة بأنها "خطوة فاشلة لأنها لا تخلُ من شبهات فساد"، مبيناً أن "من الممكن استغلال بعض عقارات الدولة لصالح الكثير من الدوائر الحكومية".