كوفيد 19.. هل يُعد نقطة تحول للتكنولوجيا ؟

Monday 1st of February 2021 09:30:27 PM ,
العدد : 4864
الصفحة : ترجمة ,

 التنافس التكنولوجي كشف الفجوة بين الصين وأوروبا ..

 الحلول التكنولوجية هي المفتاح لاستجابتنا الجماعية للوباء

ترجمة : عدوية الهلالي

في ليلة رأس السنة الجديدة لعام 2019 ، ، أرسلت شركة ( بلودوت) الكندية تنبيهاً إلى عملائها وشركاتها وحكوماتها بشأن ظهور حالات غريبة من الالتهاب الرئوي مصدرها سوق الحيوانات الأليفة في ووهان. وبفضل الخوارزمية التي تستعرض المقالات الصحفية وبيانات الحركة الجوية يومياً، اكتشفت الشركة الناشئة خطر انتشار الفايروس. وكان ذلك قبل تسعة أيام من أول وفاة لمريض بكوفيد 19 ..

في ذلك الوقت ، لم يلاحظ أحد تحذير شركة بلودوت على الرغم من أن الشركة التي تتخذ من تورونتو مقراً لها ،كانت قد توقعت البلدان التي سينتشر فيها الفايروس. ولم يكن هذا ليس أول عمل لها في هذا المجال. ففي عام 2016 ، توقعت بلو دوت أن فايروس زيكا في البرازيل سيصيب جنوب فلوريدا وحدث ذلك بالفعل ..

لقد فرضت الأزمة الصحية تسريع الابتكار في مجال الصحة. ففي فرنسا ، على سبيل المثال ، تعاونت شركة ( ووكن) الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي مع مركز أبحاث ( غوستاف روسي) ومستشفى ( بيسيتغ) على استخدام التكنولوجيا للتنبؤ بخطر تفاقم المرض لدى مريض مصاب بـكوفيد 19 ..ففي مواجهة تعقيد الفايروس ، كان يمكن أن تغير الخوارزميات وقوة الحساب قواعد اللعبة. فقد قال ريمي دانغلا ، رئيس شركة ستيللا للتكنولوجيات: "بفضل تسلسل الجيل التالي ، استغرق الأمر بضعة أيام فقط للمجتمع العلمي لوصف التركيب الجيني للفايروس". وتعمل شركة ايل دو فرانس ، التي جرى تأسيسها في عام 2013 ، على جيل جديد من اختبارات PCR باستخدام التحليل الجيني الدقيق والذي تم استخدامه في كانون الثاني من قبل المستشفيات الصينية،بينما تعمل نظيرتها بيفور كيور، ومقرها في مونتروي ، والتي عملت سابقاً مع الإدارة العامة للتسليح (DGA) على إيجاد حلول لتحديد عوامل الإرهاب البيولوجي ، على تطوير نظام الكشف السريع عن كوفيد 19.

مراقبة عن بعد

ويلجأ العلماء الى الابتكار أيضاً ضمن سباق اللقاحات إذ تختبر المعامل أساليب مبتكرة يعمل بعضها على جعل جسم المريض ينتج شظايا مناعية من الفايروس كما يشرح فرانك ماوثون ، رئيس شركة (بيوتش ) الفرنسية ، وإذا نجح ، فسيكون إنجازاً تقنياً كبيراً ومبتكراً في العالم.

وعلى الرغم من بعض الأمثلة المقنعة ، كان الذكاء الاصطناعي (AI) متحفظاً نسبياً منذ بداية الوباء. ولسبب وجيه، كان التعلم الآلي ، الذي يتضمن ربط كميات كبيرة من البيانات ، بطيئاً في مواجهة فايروس جديد ومعقد.

ويرى ريمي دانغلا رئيس شركة ستيللا للتكنولوجيات أن من الوهم الاعتقاد بأن الذكاء الاصطناعي سيأتي بحل سريع ، ذلك إن نمذجة عمل جسم الإنسان ، في تعقيده وتنوعه ، أمر معقد للغاية. فسيكون للتكنولوجيا الرقمية ميزة واحدة واضحة على الأقل ، وإن كانت أقل إثارة وهي المراقبة عن بُعد لملايين المرضى المصابين بأمراض مزمنة مثل السكري أو السرطان.ويقول فرانك ماوثون رئيس شركة بيوتش الفرنسية : "في فرنسا ، اقتربنا من مليون استشارة هاتفية أسبوعية في ذروة شهر نيسان ".كما كشفت الأزمة الصحية عن الفجوة التكنولوجية التي اتسعت بين الصين وأوروبا، ففي العديد من المدن الصينية ، قامت طائرات بدون طيار مزودة بكاميرات حرارية بقياس درجة حرارة السكان أثناء الحجز ؛ وقام آخرون برش المطهرات في الأماكن العامة.وحلت الروبوتات محل طاقم المستشفى لتنظيف الممرات وتوزيع الوجبات، وهكذا تمضي بكين قدما في الذكاء الاصطناعي على الرغم من وجود قدرات هائلة في المملكة المتحدة -على سبيل المثال – في هذا المجال خاصة في عام 2016 ، عندما تغلبت شركة ( ديب مايند) البريطانية ، التابعة لشركة غوغل، على بطل العالم في لعبة Go. وكانت هذه" لحظة فريدة "في تاريخ التكنولوجيا". واليوم ،تريد الصين الانتقام من الولايات المتحدة. ففي الوقت الحالي ، لا يزال عمالقة الويب في الولايات المتحدة يتقدمون بخطوة. بينما تستخدم شركة ( ديب مايند) مرة أخرى ، الذكاء الاصطناعي الخاص بها لتحديد البنية ثلاثية الأبعاد للبروتينات المرتبطة بفايروس كورونا مايمكن أن يساهم في اكتشاف الأدوية..

نقطة تحول للتكنولوجيا

يعمل وباء كوفيد 19على تغيير أنماط العمل وإرهاق البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات في المؤسسات ، خاصة وأن المزيد من الناس يضطرون إلى العمل عن بُعد. في الوقت نفسه ، تظهر مخاوف جديدة بشأن مرونة التقنيات وخطر هجمات البرامج الضارة ..وتُظهر هذه المشكلات كيف يمكن أن تؤثر الاضطرابات المجتمعية على الصحة التشغيلية وبنية تكنولوجيا المعلومات ، ولكنها توضح أيضاً كيف تستخدم المؤسسات ذات النهج الستراتيجي للتكنولوجيا هذه الأخيرة كعامل مرونة وكميزة تنافسية ..

وأثبتت الإجراءات التي تم وضعها حول العالم للحد من انتشاركوفيد 19 اختباراً جديداً لفعالية العديد من الشركات. إذ يدور جزء كبير من الاستجابة للأزمة حول الاستخدام الواسع للعمل والدراسة عن بعد ، الأمر الذي وضع إطار العمل التكنولوجي التشغيلي للشركات في قلب الاستجابة الاستراتيجية للأزمة. إن مجرد السماح للعمال بالاتصال بشبكات مؤسساتهم بشكل جماعي قد أخضعها لمستويات غير مسبوقة من حركة المرور عبر الانترنت ..

لقد وضعت العديد من الشركات هيكلاً جعل من السهل نسبيًا على معظم القوى العاملة لديها العمل من المنزل. ويأتي هذا النهج ، مع ذلك ، بمخاطر جديدة. كما تحث بعض الوكالات المركزية ، مثل البنك المركزي الأوروبي ، والبنوك أيضاً على الاستعداد لتصاعد الهجمات في مواجهة النقص المحتمل في توافر الموظفين الفنيين للحفاظ على القدرات التشغيلية، وهو خطر حقيقي للغاية ، فعندما نعلم بأن تقريراً حديثاً من حكومة المملكة المتحدة يشير إلى أن ما يقرب من نصف الشركات في المملكة المتحدة تعاني من نقص في مهارات الأمن السيبراني الأساسية في مجالات مهمة. وتفيد التقاريربالفعل عن وجود متسللين يلعبون على مخاوف فيروس كورونا عبر الاستغلال الخبيث للبيانات المتعلقة بتفشي فايروس كورونا ..

أهمية النهج الستراتيجي

إذن كيف تقوم الشركات بتحويل كفاءة البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات الخاصة بها من رد الفعل إلى الفعل؟ تشير الدراسات إلى أنه ينبغي النظر إلى الأمن السيبراني على أنه عنصر مركزي لاستمرارية الأعمال والمرونة ، وليس مجرد مقياس للحماية من جرائم الكمبيوتر المجهولة. فالشركات التي لديها نهج ستراتيجي وليس تشغيلي للأمن السيبراني أكثر مرونة في مواجهة ضغوط التهديدات السيبرانية. وبالنسبة للمؤسسات ، حان الوقت الآن لتوخي اليقظة في مواجهة المخاطر السيبرانية نظراً للإمكانيات المتزايدة المقدمة للقراصنة واستخدام العمل من المنزل بمستويات غير مسبوقة. وتعد الشبكات الآمنة ونظافة تقنية المعلومات الجيدة ، كما هو الحال دائماً ، ضرورية للمساعدة في الحد من المخاطر السيبرانية.

ولاتعتمد مرونة الشركات على مدى سرعة إعادة نشر المواهب وإعادة تأهيلها فقط ، ولكن أيضاً على مدى كفاءة دمج التكنولوجيا مع مجموعة واسعة من فرص العمل (للعاملون بدوام كامل ، والعاملين بدوام جزئي ، والمقاولين من الباطن ، والمستقلين ، ووكالات التوظيف ، والاستشاريين ، إلخ.). وتعد وتيرة التغيير والتطور وظهور العروض التكنولوجية الجديدة مصدر فخر للكثيرين، كما يؤكد الوباء مرة أخرى الحاجة إلى أمن البيانات والذكاء الاصطناعي (AI) للعديد من المنظمات ,وتحفز الفرصة التكنولوجية وحجم التحدي أشكالاً جديدة من التعاون. وتفيد بأن خمس منظمات قد وافقت على نشر مجموعة بيانات تضم أكثر من 29000 مجلة علمية تتعلق بفيروس كورونا للمساعدة في تحفيز التطورات في استخراج البيانات وتقنيات الذكاء الاصطناعي ، وعلى سبيل المثال ، القوة التي قد تكون لها مكانة ستراتيجية في وضع التكنولوجيا لتطوير كل من الاستجابات المباشرة لـكوفيد 19والمرونة بشكل عام.

وفي الأشهر المقبلة ، ستكون الحلول التكنولوجية للحفاظ على استمرارية الخدمات وتشغيل الأعمال وصحة الناس هي المفتاح لاستجابتنا الجماعية. كما تعد قدرة التكنولوجيا على تقديم حلول مبتكرة بسرعة وكفاءة في صميم العديد من الخطط التشغيلية في عالم الأعمال. ومع ذلك ، قد تكتسب الشركات ذات الرؤية الإستراتيجية لدور التكنولوجيا ميزة أكبرفي الأوقات الصعبة المقبلة ، حيث يجب علينا اكتشاف طرق جديدة للعمل. كما يوضح الذكاء الاصطناعي ، على سبيل المثال، القوة التي يمكن أن تتمتع بها التكنولوجيا المتمركزة استراتيجيًا لتطوير كل من الاستجابات المباشرة لـكوفيد 19 على نطاق أوسع ، وقد حان الوقت الآن أيضاً للنظر في أن التحول غير المسبوق إلى قوة عاملة متنقلة مع الطلب المفاجئ والمتزايد على المهارات التقنية للتعامل مع التهديدات السيبرانية الجديدة يبشران باتجاه طويل الأجل في مستقبل العمل.