العمود الثامن: مقاومة كورونا بالصواريخ!!

Tuesday 16th of February 2021 10:17:37 PM ,
العدد : 4875
الصفحة : الأعمدة , علي حسين

 علي حسين

منذ أن قررت قبل اثني عشر عاماً أن أحتل هذه المساحة في الصحيفة، وأتحول من خلالها إلى "حاقد" على التجربة السياسية "العملاقة"!، تلاحقه الدعاوى القضائية ، وأنا لديّ مشكلة أساسية مع ما يقوله "السياسي العراقي"، وتراني أضحك كلما سمعت أحدهم يذرف الدمع على حال العراقيين، ويتهم الإمبريالية العالمية والماسونية بأنها وراء الخراب الذي يحيط بنا من كل الاتجاهات.

ومثل جميع كتاب الأعمدة أكتب عن أحوال البلاد، وأتابع خط سير "البرلمان"، وأسأل نفسي متى يعرف أعضاؤه "الكرام" بحال العراقيين؟، وكنت كلما أسمع مسؤولاً عراقياً وهو يتحدث عن التنمية والإعمار أضحك في سري مثل ملايين العراقيين الذين حصدوا ثمار تنميته: موت يسجل ضد مجهول.. وميزانية خاوية.. وغياب تام للخدمات.. ودولة تعجز عن توفير علاج كورونا، ومستشفيات لا تليق بالبشر، مع وفرة هائلة من اللصوص والانتهازيين.

وفي كل مرة تراودني رغبة في الفرار من " تقلبات " الساسة ، لكن ما يجري في هذه البلاد .. يضاعف من حالة الاسى والسخرية ، مثلما يضاعف فايروس كورونا الموت في صفوف العراقيين .في بلاد العجائب والغرائب يبدو المشهد شديد التناقض وموغلاً فى السخرية، جهات مسلحة تصر على أن من حقها أن تواصل لعبة إطلاق الصواريخ وأن تروع مدناً بأكملها، ومواطن يبحث عن علاج يبعد عنه شر وباء كورونا، لكن الدولة بشطارها وعياريها تدفع به وحيداً إلى أنفاق الموت التي لا يعرف أحد نهايتها.

سيقولون لك إن هذه الصواريخ لطرد الأمريكان، فاعلم أنهم يكذبون، ألم يخبروننا من قبل أن الأمريكان رحلوا، ألم يطلبوا منا كل عام أن نحتفل بيوم السيادة.. الصواريخ تطلق لأن البعض لم يشبع بعد من دماء العراقيين. الأمريكان هنا هم الشجرة التي تخفي وراءها الغاية الأهم، وهي الإجهاز على اي حلم ببناء دولة المواطنة والاستقرار والرفاهية، لأن المرء يحتاج ليكون ساذجاً تماماً، وربما غبياً لأقصى درجة، ليصدق "الأسطوانة المشروخة" التي يرددها البعض عن طرد الأميركان من العراق، فالناس تدرك جيداً أن معظم ساستنا لا ينامون قبل أن يطمئنوا على رضا السفير الأميركي.

كان أمام العراق نموذجان: الأول اليابان وسنغافورة والامارات ، التي نهضت ، لتصبح بلدانا للرفاهية والتنمية والعمل الجاد ، والثاني أفغانستان، التي حققت شيئًا واحدًا: جلد الفتيات في الشوارع. جماعتنا اختاروا النموذج الأسوأ. أهملوا الكفاءات، وأجلسوا خبراء الانتهازية على مقاعد المسؤولية.. وبدلا من ان يرتقوا بالعلم ويضعون العراق على قائمة الدول التي تنمي قدرات شبابها ، قرروا ان يرسلوا الصواريخ الى اربيل لانها مدينة أمنة .. وفي الوقت الذي كان العالم يحتفي بمسبار الامارات ، خرج علينا من يحتفي " بصواريخ " منتصف الليل .