حديث نادر للمفكر الفلسطيني إدوارد سعيد

Friday 19th of February 2021 09:26:52 PM ,
العدد : 4877 (نسخة الكترونية)
الصفحة : عام ,

شكيب كاظم

في لقاء إذاعي أجراه المذيع المخضرم علي أسعد مع المفكر الفلسطيني الراحل الدكتور إدوارد سعيد (1935-2003)

وأذيع من القسم العربي لهيئة الإذاعة البريطانية BBCوفي ضمن برنامج (ذاكرة إذاعة) تحدث إدوارد المولود في مدينة القدس العربية عام 1935، والدارس في مدارسها.

حتى إذا حلت النكبة بعرب فلسطين بقرار التقسيم الذي أصدرته الهيئة العامة للأمم المتحدة خريف سنة 1947، تقسيم فلسطين إلى قسمين : فلسطيني، والثاني إسرائيلي، ومن ثم قيام الكيان الصهيوني في الخامس عشر من مايس/ أيار 1948، واضطرار أبيه (وديع) المتمكن مادياً من مغادرة القدس نحو القاهرة وافتتاح مخزن تجاري كبير، ودراسة إدوارد في كلية الملكة فكتوريا بالإسكندرية، ومن ثم أرسله أبوه إلى الولايات المتحدة عام 1951 لغرض الدراسة، وهو ما فصّله في كتابه المهم (خارج المكان) الذي أهداه إلى الطبيب (كانتي راي) طبيبه المعالج من سرطان الدم والى مريم قرطاس سعيد زوجته وصدرت طبعته الأولى عن دار الآداب اللبنانية عام 2000 بترجمة فواز الطرابلسي. في هذا اللقاء الإذاعي النادر حرصت على نقل بعض ما تمكنت من تدوينه إلى أنظار القراء والقارئات، تحدث الدكتور إدوارد سعيد الذي أكمل دراسته عام 1963 وشغل منصب أستاذ الأدب المقارن في جامعة كولومبيا منذ تلك السنة وحتى وفاته في أحد مشافي نيويورك يوم الخمـــــيس الخــــامس والعــــشرين من شهر أيلول عام 2003.

يتحدث إدوارد عن قضية الشعب الفلسطيني وما حاول عمله من أجل تبيان وجهة النظر العربية التي كانت تصطدم بشعور سلبي لا بل كاره وناكر لوجود شعب فلسطيني صاحب أرض استلبت منه ويحاول الرجوع إليها الأمر الذي دفع بـ (كولدا مائير) رئيسة الوزراء الإسرائيلية في الستينيات من القرن الماضي إلى سؤال إنكاري: أين هم الفلسطينيون؟

كانت الروابط اليهودية مؤثرة على توجهات الشعب الأميركي لذا حاولت التحدّث إلى هذا الشعب لشرح وجهة نظرنا، وكان يشفع لي كوني أستاذاً جامعياً، أستاذ أدب وفي حقل الأدب المقارن وما كنت سياسياً محترفاً، كنت جيداً في اختصاصي ونشرت مقالات وكتبت دراسات خارج النطاق الأكاديمي وأنا مختص بالإنسانيات، وأتكلم لغة غير سياسية، رفضت المسؤولية الرسمية تحدثت بمسؤولية أخلاقية هي كيف نكسب الجمهور ونقنعه برأينا ، ما كانت المهمة سهلة فضلاً على كوني أحيا في المنفى بعيداً عن أرضي وقفت أمام الرأي الآخر. أميركا ما كان فيها أعلام رسمي كان الجمهور متعطشاً لمعرفة الحقيقة ولذلك كان بعضهم يتحداني يقول لي: إنك تكذب، ما هي الدلائل على صدقك؟ وحاول بعضهم استفزازي ولكني لم أنجر للاستفزاز وظللت أتحدث بوقائع الحياة والأشياء، فلا يكفي أن تكون ابن القضية بل يجب أن تكون تلميذاً لها، لقد ساعدتني اللغة كثيراً في الوصول إلى الآخر وإقناعه بوجهة النظر الفلسطينية، كنت احذق فضلاً عن اللغة العربية اللغات الإنكليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية، اللغات الأوروبية ضرورة للدارس والباحث والكاتب، فكتبت آرائي في الصحف العالمية الكبرى مثل الواشنطن بوست ونيويورك تايمز فضلاً عن الاوبزرفر البريطانية، فالذي كنت أقوله بالإنكليزية أو اكتبه أراه مترجماً إلى اللغات الأوروبية الحية، وهذا يسهل مهمة الوصول إلى الرأي العام الأوروبي والمتلقي هناك، وكان هذا تحدياً كبيراً فصورتنا سيئة أمام الأخر الغربي، وحاولت تغيير الصورة السلبية إلى صورة إيجابية. وإذ يسأله المحاور هل كانت الصحف الأوروبية أو الأميركية تحذف شيئاً من مقالاتك؟ يجيب إدوارد سعيد، الصحافة هناك حرة ولا أحد يتدخل فيما تكتب لكن الأهم كيف تصل إلى الجريدة ومن ثم تقبل الجريدة نشر مقالك، إذ قبلت الجريدة كتاباتك فلن تكون هناك عقبة في طريق النشر وستكون المعيتك ونزاهتك ودقتك هي الشفيع لك في أن تكتب وتنشر هذا المكتوب، ومن ثم الوصول إلى القارئ والمتلقي وهو الهدف الأساس في عملية الكتابة وهذا ما كان.