العمود الثامن: كورونا بين مشعان وابو مازن

Wednesday 24th of February 2021 10:14:10 PM ,
العدد : 4882
الصفحة : الأعمدة , علي حسين

 علي حسين

مرّ عام بالتمام والكمال على أول إصابة بفايروس كورونا في بلاد الرافدين، وخلال هذا العام كان هناك من حاول أن يستثمر هذا الوباء لصالحه، فخرج علينا بخطب وقرارات "قرقوشية" لا تنفع ولكنها تضر، فيما اعتبر البعض أن فايروس كورونا مؤامرة أمريكية ولابد من عقاب الإمبريالية من خلال إطلاق أكبر عدد ممكن من الصواريخ ، ولو على حساب المواطنين الأبرياء.

عندما بدأت أزمة فايروس كورونا تدافع المحللون على الفضائيات: مؤامرة للنيل من العراق خوفاً من تجربته الديمقراطية، وآخرون اعتبروا الأمر محاولة للضغط على إيران دبرتها المخابرات الأمريكية، ولم يتردد الخبير البكتريولوجي النائب كريم عليوي في توجيه الاتهامات إلى الإمبريالية العالمية لأنها تريد أن تسرق العراق من خلال تصدير لقاحات أشبه بالماء على حد قوله!!.

منذ أيام، وكعادتنا، تركنا كوارث كورونا وعجزنا عن توفير لقاح لمواجهة الوباء ، وانشغلنا بمعركة كسر العظم بين مشعان الجبوري وأبو مازن، اختلفنا حول أيهما أكثر وطنية، ونسينا أن الاثنين حصلا على عشرات الملايين من الدولارات، عداً ونقداً، ثمنا لجلوسهما على كرسي البرلمان، فيما لجأت طفلة عراقية إلى حاكم دبي لكي ينقذها من موت محقق ، في الوقت الذي " لفلف " فيه النائب حمد الموسوي على اكثر من مليار دولار ثمنا لصفقات مزادالعملة .

أمضينا السبعة عشرَ عاماً الماضية في معارك سميت سياسية، بينما هي في الحقيقة معارك تدور داخل سيرك كبير ، غايتها تغيير الوجوه والأصباغ والألوان.. هل هي مؤامرة؟ بالتأكيد، وتقودها الإمبريالية التي غاظها أننا كتبنا ولحنا نشيداً حول البروفيسورة عديلة حمود.

بعد عام على انتشار وباء كورونا في هذه البلاد ، لا يزال البعض يرى في الأزمة فرصة مواتية يجب استثمارها بكل الطرق والوسائل لترويج بضاعة الأوهام والأكاذيب عن الإصلاح والسلاح بيد الدولة ، وفي ظل هذا الوباء الذي يحصد بأرواح الناس، لا يزال هناك من يعتقد اننا شعب يحتاج الى الفضيلة والاخلاق ، ولا بد من السير به في الطريق المستقيم حتى لو تطلب الأمر زرع عبوات وتفجير محلات ، فمن اجل الفضيلة وربعها يهون كل شيء .

بعد عشرات السنين سوف يذكر التاريخ أن بلداناً خاضت ملاحم إنسانية كبرى لإنقاذ مواطنيها من الوباء، ليقولوا للعالم أن لا قيمة أغلى وأهم من حياة الإنسان، من دون الاعتبار للدين والطائفة، وليذكر الإنسان العراقي أن في هذه البلاد عاش مدّعو السياسة والباحثون عن المنافع والمصالح، تركوا الوباء، وانشغلوا بالدفاع عن مصالحهم الشخصية .

للأسف هناك أمور كثيرة تنغّص على حياة المواطن العراقي، بعضها يمكن احتماله، أملاً في أن يتكفل الزمن بحلها، وبعضها أشبه بالقدر الذي لا فكاك منه، مثل الظهور المتواصل لنجاح محمد علي .