المليشيات المسلحة والنزعة الإرهابية

Wednesday 3rd of March 2021 09:46:07 PM ,
العدد : 4888
الصفحة : آراء وأفكار ,

 لطفي حاتم

تمر الدولة العراقية بحالة من الضعف والتعثر في إنجاز وظيفتها الأمنية المتمثلة بأمن المواطن وخياراته السياسية والحد من انتشار المليشيات المسلحة التي أضحت حارساً أمنياً مسلحاً لقواها الطائفية ومشاركاً في الوظائف (القمعية) لسلطة الدولة العراقية.

-- انطلاقاً من مشاركة المليشيات المسلحة في وظائف الدولة (الأمنية) أتعرض الى ترابط وظائف المليشيات المسلحة والنزعة الإرهابية المرافقة لأنشطتها السياسية مشيراً الى أن هذه الإحاطة لا تشمل العديد من المليشيات المسلحة كونها تشكل جزءاً من فعالية المؤسسة العسكرية المناهضة للإرهاب لكننا نشير الى تلك المليشيات التي تمارس الأدوار الأمنية بالضد من حرية المواطن السياسية وحقوقه الديمقراطية.

على أساس ذلك التمايز نتابع أنشطة المليشيات المسلحة السياسية (الأمنية) بموضوعات عامة مكثفة –

- 1 -

- بداية نشير الى أن النزعة الإرهابية للمليشيات المسلحة تترابط وكثرة من السمات الناظمة لمواقعها ووظائفها العامة المتسمة ب --

أولاً – هامشية تمثيلها الاجتماعي.

تتحدد سمة الهامشية انطلاقاً من أن المليشيات المسلحة لا تمثل طبقة اجتماعية من طبقات تشكيلة العراق الوطنية، بل هي أجنحة عسكرية تمثل أحزاباً طائفية هامشية.

ثانياً – روحها الطائفية.

تمتاز المليشيات المسلحة بنهوج طائفية تمثل شرائح اجتماعية ذات توجهات سلفية -إقصائية مناهضة للروح الديمقراطية وللتعددية السياسية.

ثالثاً –نزعتها الإرهابية

تقوم المليشيات المسلحة بوظائف قمعية منها الاعتقال التعسفي والتعذيب الوحشي في سجون سرية تابعة لأنشطتها القمعية بالضد من سياسة الدولة الوطنية.

رابعاً – معاداتها للحركات الشعبية.

تتصدى المليشيات المسلحة لأنشطة القوى السياسية والاحتجاجات الشعبية بوسائل إرهابية منها إشعال الحرائق في خيم المحتجين وتفجير مقرات الأحزاب الوطنية والاغتيالات السياسية لقادة المعارضة الشعبية.

خامساً -- مناهضتها للروح الوطنية.

تترابط فعالية المليشيات العسكرية – السياسية التخريبية مع المرجعيات الخارجية وتعمل على تنفيذ أجندته السياسية بالضد من مصالح البلاد الوطنية.

إن ترابط النزعة الإرهابية والمليشيات المسلحة جرى تفعيلها في الآونة الأخيرة حيث شهدت ساحات الكفاح الشعبي الكثير من أعمال الاختطاف والسجن وحرق الخيم ومقرات الأحزاب المناهضة للطائفية السياسية الأمر الذي يتطلب وضع أنشطتها تحت الجرائم الجنائية.

- 2 -

- بات معروفاً أن هيمنة الدولة على وظائفها العسكرية – والأمنية يعتبر شكلاً من أشكال سيادتها الاحتكارية على حدودها الوطنية.

- الاحتلال الأميركي للعراق أنتج كثرة من المشاكل السياسية والاجتماعية نتعرض لها عبر الموضوعات التالية—

1 -تعيش الدولة العراقية ومنذ الإطاحة بالنظام الديكتاتوري والاحتلال الأميركي صراعاً مستمراً مع القوى الإرهابية الوافدة وارهاب القوى المسلحة الطائفية المناهضة لقوانين الدولة وأمنها الوطني.

2 - الاحتلال الأميركي للعراق أدى الى ظهور فئات طبقية جديدة ناتجة عن تشكل شرائح كمبورادورية فرعية تُعنى بالاستيراد والتصدير.

3 - ترابط الطبقات الفرعية بتحالفات سياسية اقتصادية مع الجار الطائفي ومع الرأسمال الدولي.

4 - بسبب هامشيتها وتحالفاتها الدولية – الإقليمية تخلت الطبقات الفرعية عن وطنيتها وتطور بلادها الاجتماعي.

5– لغرض حماية مصالحها الطبقية ولضيق قاعدتها الاجتماعية اعتمدت القوى الطبقية الناشئة على مليشيات طائفية مسلحة.

6 - تلازمت التغيرات المشار إليها وبناء سلطة سياسية محاطة بكثرة من الثغرات أهمها -

أ—جرى بناء سلطة الدولة الجديدة اعتماداً على المساومة الطائفية -السياسية ومساعدة أميركية – إقليمية.

ب- اقتسام أجهزة الدولة السيادية العراقية بين الكتل والأحزاب الطائفية.

ج-- تقاسم السيطرة على الثروة الوطنية عبر بناء مشاريع تحت حراسة وتمويل القوى والشرائح المالية الطائفية.

د- إنشاء قوى مسلحة رديفة للمؤسسة العسكرية بهدف استخدامها ضد القوى الوطنية وحماية مصالح الطبقات الفرعية الطائفية.

ه- إنشاء مظلة من التحالفات الإقليمية - الدولية بهدف حماية القوى الطائفية السائدة في تشكيلة العراق الاجتماعية.

إن السمات المشار إليها أعاقت بناء دولة وطنية مستقلة فاتحة الطريق أمام أخطار جسيمة تتجسد ب –

– سيادة الفوضى السياسية والعسكرية في بناء دولة العراق الوطنية.

-انتشار المليشيات المسلحة الحاملة للإرهاب السياسي والجاهزة لصراعات عسكرية- أهلية.

- مشاركة المليشيات المسلحة لوظائف الدولة العسكرية – الأمنية ومساهمتها في جباية واردات المنافذ الحدودية.

إن التغيرات الاقتصادية – السياسية الجارية في تشكيلة العراق الوطنية أعاقت بناء الأحزاب السياسية وأشاعت كثرة من الأحزاب والتجمعات الوهمية.

- 3 -

نحو بناء تقاربات وطنية - ديمقراطية

إن مخاطر تفكيك الدولة العراقية وشيوع الفوضى في حياة البلاد السياسية يتطلب من القوى الوطنية الديمقراطية التعاون والاتفاق على ضوابط وطنية - ديمقراطية تساهم في انتشال العراق من محنته الشاملة عبر إجراءات سياسية اقتصادية ملحة يتصدرها كما أرى --

أولاً – -- بناء الدولة العراقية على أسس وطنية - ديمقراطية مستندة على توازن مصالح طبقاتها الفاعلة اقتصادياً.

ثانياً—حماية الدولة الوطنية لحرية نشاط الأحزاب الوطنية – الديمقراطية ومساءلة القوى المعتدية على حرية المواطن وخياراته الفكرية- السياسية.

ثالثاً –بناء المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية على الروح الوطنية بعيداً عن المحاصصة الطائفية والتركيز على مهامها الأساسية المتمثلة بالدفاع عن هوية العراق الوطنية.

رابعاً – حل كافة المليشيات المسلحة وحصر السلاح بيد الدولة الوطنية وإنهاء فعالية المليشيات القمعية.

خامساً– إلغاء السجون السرية التابعة للمليشيات المسلحة وإطلاق سراح سجناء الرأي والاحتجاجات الشعبية.

سادساً – بناء سياسة خارجية تحترم سيادة العراق وحماية مصالحه الوطنية.

إن الموضوعات الفكرية السياسية المشار إليها تبعد دولة العراق الوطنية عن النزاعات الأهلية وتفضي الى بناء مؤسساتها السيادية على الروح الوطنية - الديمقراطية الراعية لكل الطبقات الاجتماعية والعاملة على احترام معتقدات أديانها السماوية وطوائفها الدينية .