العمود الثامن: العراق الذي في قلوبهم

Monday 5th of April 2021 10:44:43 PM ,
العدد : 4916
الصفحة : الأعمدة , علي حسين

 علي حسين

قلت في نفسي وأنا استمع إلى حديث ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد يقول إن: "فضل العراق وأهل العراق كبير، وهناك الكثير من العراقيين بنوا وعملوا وطوروا وساعدوا في بناء الإمارات"، أن العرب يريدون العراق دائماً كبيراً وعزيزاً،

وأن هذه الكلمات التي قيلت لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي هي صوت المحبين الحقيقيين، وهو صوت أكثر رقياً من الأصوات التي لا تريد لهذه البلاد الاستقرار والتنمية .إنه حديث يقول للجميع أتحدى أن يكون هناك من لا يحب العراق الذي هو في " القلوب دائماً"، على نحو تصبح أمامه كل ادعاءات أن هناك من يطمح لخطف دور العراق معها مجرد نكتة ساذجة، تلوكها ألسنة لا تقدر حجم وقيمة بلاد الرافدين.

هذا العراق الذي بني بمشقة رجال كبار من أجل أن يكون جرماً مضيئاً في مدار الأُمم، كان مطرب بغداد الكبير محمد القبانجي يقول "عُراق" بضمّ العين، وحين سُئل لماذا؟ قال مبتسماً من يجرؤ على أن يكسر عين العراق! اليوم نجد من يستكثر على العراق أن يحتل مكانته الحقيقية .

ما قيل في الإمارات وقبلها السعودية وما يقوله جميع الأشقاء هو نوبة حنين إلى العراق كما ينبغى له أن يكون، كبيراً، فتياً، شامخاً، مرفوع الرأس، متدفقاً بالحيوية والعطاء، لا يتحسس رأسه طوال الوقت، ولا ينشغل بالنظر في المرآة طويلاً ذعراً من التجاعيد وعلامات الترهل.

إن صورة العراق الذي يصافح الجميع، هي الصورة التى يحتاجها العراقيون الآن، وينبغى أن نبحث عنها ونثبتها ونجذرها فى أعماق الجميع، العراق بلد التسامح، وبلاد الالتقاء الحميم بين كل الأديان والثقافات والحضارات، ومن ثم فنحن الآن أمام استحقاق وطني وحضاري واجتماعي، في لحظة تبدو مواتية للغاية لكي يتصالح العراق مع نفسه، ويسترد شخصيته التي ضاعت وانمحت بفعل سلسلة من الجرائم السياسية والطائفية، التي تريد لهذه البلاد أن تدور في فلك دول الجوار، بلاد الرافدين الآن عليها أن تقوم من تحت ركام الطائفية.

رجال الدولة في هذا العالم ، هم الذين يدركون أن الانتصار في الحياة ، هو بث الخير والعمل والرفاهية في نفوس جميع ابناء البلد ، عندما قرر الراحل الشيخ زايد تأسيس الامارات العربية عام 1971 كان العراق يسمى آنذاك المانيا الشرق ، يقدم خبراته الى الجميع ، وعقوله تسعى لتعمر البلدان ، وبعد خمسة عقود تحولت الامارات الى واحة من الجمال وورشة للعمل ، فيما لا يزال العراق حائرا في عدد الاحزاب وتوزيعها بين السنة والشيعة ، ونسبة البطالة فيه اقتربت من الاربعين بالمئة .