أهمية الغباء في البحث العلمي

Wednesday 14th of April 2021 10:13:36 PM ,
العدد : 4923
الصفحة : آراء وأفكار ,

 د. محمد الربيعي

استهواني مقال مارتن شوارتز حول أهمية الغباء في البحث العلمي كما استهويت قراءته الملايين حول العالمK مقال مناسب ليومنا هذا مثل ما كان مناسباً وقت نشره قبل 12 عاماً، يقترح شوارتز في مقاله أنه ليس من المقبول أن تشعر بالغباء كباحث فحسب، بل إنه أمر ضروري بالفعل، لأنك إذا عالجت فقط أسئلة معروفة إجاباتها بالفعل، فقد يجعلك ذلك تشعر بالذكاء، لكنك لن تساهم في تحقيق اختراقات علمية كبيرة.

يقول شوارتز: “العلم يجعلني أشعر بالغباء. لقد اعتدت على ذلك - لقد اعتدت عليه. في الواقع، أنني كنت طِوال حياتي العلمية أبحث بنشاط عن فرص جديدة لأشعر بالغباء، لن أعرف ماذا أفعل بدون هذا الشعور، حتى أنني أعتقد أنه من المفترض أن يكون الأمر على هذا النحو».

بالنسبة لشوارتز ولربما أيضاً لكل من درس العلوم، أحد الأسباب التي جعلته يحب العلم في الجامعة هو أنه كان بارعا فيه، لا يمكن أن يكون هذا هو السبب الوحيد – لربما الانبهار بمعرفة العالم المادي والحاجة العاطفية لاكتشاف أشياء جديدة كانت من الأسباب التي جعلته يحب العلم. لكن الدراسة الجامعية الأولية تتطلب العمل المضني، والأداء الجيد في الامتحانات، إذا كنت تعرف الإجابات في الامتحان، فهذا سيشعرك بالفخر وبالذكاء.

لكن الدكتوراه كانت شيئاً مختلفاً تماما لشوارتز. يتساءل: “كيف يمكنني تأطير الأسئلة التي من شأنها أن تؤدي إلى اكتشافات مهمة؟ تصميم وتفسير تجربة بحيث تكون الاستنتاجات مقنعة تماماً، توقع الصعوبات ورؤية الطرق للتغلب عليها، أو في حالة فشل ذلك، حلها عند حدوثها؟” كان مشروع الدكتوراه الخاص بشوارتز متعدد التخصصات إلى حد ما، ولفترة من الوقت، كلما واجه مشكلة، أزعج بأسئلته بقية أعضاء هيئة التدريس في قسمه من الذين كانوا خبراء في مختلف التخصصات التي كان يحتاجها، يتذكر اليوم الذي أخبره فيه هنري توبي (الحائز على جائزة نوبل) أنه لا يعرف كيفية حل المشكلة التي كان يواجهها في موضوع اهتمامه، كان طالب دراسات عليا في السنة الثالثة واعتقد أن هنري توبي يعرف حوالي 1000 مرة أكثر مما كان هو يعرفه. اعتقد أنه إذا لم يكن لدى هنري الجواب، فلا أحد لديه.

عندها صدم شوارتز: لم يفعلها أحد، لهذا السبب كانت مشكلة بحث، ولأنها مشكلة بحثية، كان الأمر متروكاً له لحلها، بمجرد أن واجه هذه الحقيقة، قام بحل المشكلة في غضون يومين، كان الدرس الحاسم هو أن نطاق الأشياء التي لم يكن يعرفها لم تكن مجرد نطاق واسع. وعلى حد قوله كانت، جميع الأغراض العملية، لانهائية، هذا الإدراك، بدلاً من أن يكون محبطاً، كان محرراً له، إذ اعتبر أنه لو كان جهله لانهائياً، فإن المسار الوحيد الممكن للعمل هو الخوض في الأمر بأفضل ما يستطيع. وكلما أصبحنا أكثر راحة مع كوننا أغبياء، كلما تعمقنا في المجهول وزادت احتمالية تحقيق اكتشافات كبيرة.

- استنتاجات مهمة

* الشعور بالغباء لا يرتبط مباشرة بالغباء، إنه شعور شائع في البحث العلمي، إذا شعرت بهذا الشعور، فأنت لست الوحيد.

* السؤال الغبي الوحيد هو الذي لم يُطرح سابقاً.

* إن طرح أسئلة جيدة أصعب بكثير من إعطاء إجابات جيدة.

كما قال ألبرت أينشتاين:

إن مجرد صياغة مشكلة هو في كثير من الأحيان أكثر أهمية من حلها، والذي قد يكون مجرد مسألة مهارات رياضية أو تجريبية، لطرح أسئلة جديدة، والنظر في المشاكل القديمة من زاوية جديدة يتطلب الخيال الإبداعي وهي علامات التقدم الحقيقي في العلم.