تصريف المجاري وملوحة المياه يبعدان سوق الشيوخ عن الخطة الزراعية

Monday 19th of April 2021 10:22:53 PM ,
العدد : 4926
الصفحة : سياسية ,

 ذي قار/ حسين العامل

منذ اكثر من 18 شهرا وأهالي قضاء سوق الشيوخ (29 كم جنوب الناصرية) يحتشدون في الساحات العامة وميادين التظاهر للمطالبة بتوفير الخدمات وفرص العمل واستئناف العمل بعشرات المشاريع المتلكئة.

كما يطالبون بالإصلاح الاداري والكشف عن مصير 11 مليار دينار كانت مخصصة لمشاريع خدمية في القضاء الذي ترتفع فيه معدلات البطالة الى 60 بالمئة من الخريجين والقوى العاملة.

ويواجه قضاء سوق الشيوخ الذي يضم اكثر من 350 الف نسمة جملة من المشاكل من بينها المشاريع الوزارية والتنموية المتلكئة وشحة وتلوث وملوحة المياه وانحسار المساحات الزراعية ومناطق الاهوار، كما يعاني من مشكلة ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتعاطي المواد المخدرة والنزاعات العشائرية التي نجم عنها ارتفاع في معدلات الجريمة.

ويعزو المواطن عقيل الحربي، اسباب تردي واقع الخدمات الى عدة اسباب جوهرية، ويقول ان "تلكؤ المشاريع الوزارية والتنموية يعد السبب الرئيس في تردي الواقع الخدمي فهناك مشاريع للطرق والمدارس ومشاريع اروائية متلكئة منذ اكثر من 7 سنوات". واضاف "مشروع المجاري متلكئ منذ عام 2008 وتعرض للاندثار من جراء ذلك".

واوضح الحربي ان "تلكؤ مشروع المجاري - وهو احد المشاريع الوزارية - فاقم من مشكلة نقص الخدمات اذ حال دون المباشرة بأعمال التبليط في الشوارع المشمولة بالمشروع المذكور ناهيك عن اعمال الحفريات التي تعيق حركة المرور"، منوها الى ان "اليأس من انجاز مشروع المجاري جعل الحكومة المحلية تلجأ الى اهماله وطمره والمباشرة بتنفيذ اعمال التبليط المطلوبة في المناطق التي يشملها المشروع".

واشار الحربي الى "وجود عشرات المدارس المتلكئة في قضاء سوق الشيوخ ونواحيه، ناهيك عن مشاريع خدمية اخرى متلكئة نتيجة سوء الادارة ونقص التمويل"، لافتا الى ان "اعمال التنظيف والتي تقوم بها البلدية مازالت هي الاخرى دون مستوى الطموح".

يشار الى ان المتظاهرين في قضاء سوق الشيوخ سبق وان طالبوا الحكومة المحلية وهيئة النزاهة بفتح تحقيق بمصير 11 مليار دينار كانت مخصصة للنهوض بالواقع الخدمي في القضاء المذكور، مشيرين الى ان الواقع الخدمي لم يشهد أي تحسن رغم ادعاء المسؤولين بإنفاق تلك الاموال.

وطالب عدد من الناشطين بإحالة المسؤولين في قضاء سوق الشيوخ الى القضاء على خلفية سوء تنفيذ مشاريع التبليط.

واوضحوا في حديث مع (المدى) "اننا نطالب بإحالة جميع المسؤولين الى التحقيق في قضية الفشل في اكساء شوارع سوق الشيوخ والتلكؤ في إنجازها". وبينوا ان "ذلك وجه من وجوه الفساد والتهاون والإهمال في المشاريع الخدمية".

واشاروا الى ان "عددا من مشاريع التبليط تفتت فيها طبقات التبليط بعد نحو شهر من انجازها واصبحت فضيحة مدوية وهو ما اضطر الشركة وادارة القضاء لقلع التبليط واعادة تنفيذه"، مشددين على "ضرورة فتح ملف تلك المشاريع من قبل هيئة النزاهة".

وعن اثر شحة المياه وتلوثها على النشاط الزراعي والاقتصادي يقول عقيل الحربي ان "رمي وتصريف مياه المبازل والصرف الصحي باتجاه الانهر المغذية لقضاء سوق الشيوخ جعل من القضاء مثانة لمحافظة ذي قار فالقضاء بات لا يحصل على حاجته من المياه الصالحة للشرب وحتى مياه نهر الفرات باتت ملوثة ومالحة ولا تصلح حتى للزراعة"، مبينا ان "القضاء محروم من الزراعة منذ عدة اعوام نتيجة ذلك ولم تشمل معظم أراضيه بالخطة الزراعية سواء الشتوية منها او الصيفية رغم ان القضاء كان معروفا بزراعة اجود انواع رز العنبر".

وكشف الحربي غن ان شحة المياه وملوحتها تسببتا كذلك بانحسار مناطق الاهوار في قضاء سوق الشيوخ وكرمة بني سعيد والعكيكة والفضلية بنسبة 70 بالمئة وهذا "ما انعكس على مجمل النشاط الاقتصادي للسكان المحليين وادى الى ارتفاع معدلات البطالة الى اكثر من 60 بالمئة بين الخريجين والقوى العاملة".

ومن جانبه يعزو مدير زراعة ذي قار السابق المهندس فرج ناهي اسباب تراجع الزراعة في قضاء سوق الشيوخ وحرمان اراضيه من الخطة الزراعية لا تعود فقط الى ملوحة المياه وشحتها وانما الى آلية التعاقدات الزراعية في القضاء المذكور، مبينا ان "معظم التعاقدات الزراعية في سوق الشيوخ لا تشمل مساحات واسعة من الاراضي وانما مساحات صغيرة بحدود دونمين او ثلاثة لكل عقد وهذا ما يحول دون ادراج تلك المساحات المحدودة ضمن الخطة الزراعية".

وبدوره يرى المواطن حسن السعيدي، ان تقليص المساحات الزراعية وشحة المياه لم يقتصر تأثيرهما على النشاط الاقتصادي فقط وانما اسهم بارتفاع معدلات الفقر والبطالة وكذلك الجريمة في قضاء سوق الشيوخ.

واوضح قائلاً ان "انحسار مهنتي الصيد والزراعة الناجم عن شحة المياه وملوحتها تسبب بارتفاع معدلات البطالة والفقر"، مبينا ان "الشحة جعلت من النشاط الزراعي ومهنة الصيد تقتصر على عمود نهر الفرات وجداوله فقط بعد ان كانت تشمل مناطق واسعة من الاهوار التي انحسرت عنها المياه في الاعوام الاخيرة".

وعزا السعيدي ارتفاع معدلات الجريمة الى ثلاثة اسباب اخرى غير العوامل الاقتصادية وهي تتمثل بالنزاعات العشائرية وتعاطي المواد المخدرة والمشاكل الناجمة عن النزاعات الالكترونية وسوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي"، مبينا ان "8 مشاجرات من اصل عشرة سببها نزاعات ومشاكل تحصل في مواقع التواصل الاجتماعي".

وحدد السعيدي جملة من الشروط الواجب توفرها للارتقاء بالواقع الخدمي والاقتصادي والاجتماعي في قضاء سوق الشيوخ من بينها تحسين الاوضاع المعيشية للسكان المحليين وتوفير فرص العمل المناسبة للشباب العاطلين عن العمل والخريجين وتنفيذ حملة اعمار واسعة للنهوض بواقع البنى التحتية وتوفير فرص العمل ناهيك عن تفعيل سلطة القانون كون القضاء محكوم حاليا بسلطة العشيرة وليس بسلطة القانون على حد تعبيره".

وعن المطالبات المستمرة بالتغييرات الادارية قال السعيدي ان "الجهاز الاداري في قضاء سوق الشيوخ يخضع للهيمنة الحزبية وهو محكوم بتجاذباتها"، منوها الى ان "الخلل لا يقتصر على شخص المسؤول وحده وانما يتعلق بمجمل المنظومة الادارية والسياسية المتحكمة بالبلاد".