عندما تجعل الغربة الإنسان في حالة قلق وخوف دائم وعدم استقرار

Wednesday 21st of April 2021 10:23:33 PM ,
العدد : 4928
الصفحة : سينما ,

علاء المفرجي

غادر الممثل والمخرج جمال أمين العراق مضطراً بداية تسعينيات بعد أن شارك في عدد من الأعمال العراقية، وأبرزها ممثل في فيلم (بيوت في ذلك الزقاق) ، وعمل في التلفزيون في مسلسلات عديدة منها (الذئب وعيون المدينة) ، وبعيداً عن وطنه قدم عدداً من (أفلام قصيرة) شاركت في مهرجانات سينمائية عديدة مثل (صائد الضوء) و (لقالق) و (ياسين يغني) و(فايروس) و(نباح) وغيرها.

تناولت أفلامه هذه هموم المهاجرين في أوطانهم البديلة.. وعمل أيضاً ممثلاً في عدد من الأفلام، آخرها فيلم (وراء الباب) للمخرج عدي مانع، ضيفته كلاكيت ليتحدث عن تجربته التي امتدت لأكثر من ثلاثين عاماً.

 عملت في التلفزيون والسينما قبل مغادرتك الى دول العراق ، وخاصة في مجال التمثيل.. ما هو أثر الغربة عليك؟

- في فترة الدراسة قبل ذلك حيث كنتُ صاحب حظ كبير في اختيار قاسم حول لي أحد أبطال فيلم بيوت في ذلك الزقاق وبعد ذلك تم اختياري من قبل كارلو هارتيون في فيلمي اللوحة ثم فيلم تحت سماء واحدة من إخراج منذر جميل وبعدها اتجهت الى التلفزيون ممثلاً في مسلسل الذئب وعيون المدينة مع الراحل إبراهيم عبد الجليل ، ولكن كل هذه الأحلام والطموحات في أنه أصبح نجماً قد هوت مع بداية الحرب العراقة الإيرانية وذهابي للكويت وهناك عملت مخرجاً مع أكبر الشركات منها النورس والبيت الإعلامي وغيرها وهنا صقلت تجربتي مخرجاً لأني قمت بالعمل على عشرات لأفلام الوثائقية والدراما الموجهة على شكل رسائل للعديد من الشركات والمؤسسات ، فقد ذهبت بي الأولى للكويت ورجعت بي الثانية الى العراق فعملت مخرجاً في تلفزيون بغداد كما عملت ما يقرب من 100 ساعة تلفزيونية

 أخرجت عدداً من الأفلام القصيرة ، هل فكرت بإخراج فيلم روائي طويل في المستقبل القريب.. وما الذي يمنعك من ذلك؟

- نعم أخرجت الكثير من الأفلام الوثائقية الطويلة وأفلام روائية قصيرة الى منتجين دنماركيين ، وأنا كما تعرف أحمل الجنسية الدنماركية وأعيش في لندن وفي الدنمارك، قامت عدة مؤسسات بإنتاج أفلام روائية قصيرة ووثائقية كذلك . هذا بناء على ما يتوفر من مبالغ لدى هذه المؤسسات لإنتاج الفيلم القصير حيث إن إنتاج الفيلم القصير مكلف أيضاً فما بالك بإنتاج فيلم روائي طويل. لدي عدة سيناريوهات لأفلام روائية طويلة وأغلبها تتكلم عن الهجرة والمهاجرين وتحتاج الى مبالغ كبيرة لإنتاجها لم تتوفر لدى هذه الشركات على مبالغ كبيرة حيث انها مؤسسات صغيرة وليست كبيرة كما أن سيناريوهات الأفلام لا تثير المنتج الأوروبي لأنها تعالج قضايا غير تجارية أو لنقل إنها ذات مواضيع جادة ، هنالك مخرجون من أغلب دول العالم أغلبهم يبحث عن ممول لإنتاج أفلامه ونراهم يعيشون أيضاً نفس المحنة التي نعيشها ، أتمنى أن أعمل على إنتاج فيلمي الذي كتبته منذ حوالي 5 سنوات وهو الشيوعي الأخير وهو اسم مؤقت ،لأن كل عناصر تنفيذ الفيلم متوفرة عدا المال وهو الأهم. .

 بدأت فنياً في التمثيل ثم غادرته الى الإخراج، أين يجد جمال أمين نفسه ، أمام الكاميرا أم خلفها؟

- نعم بدأت ممثلاً وبعمر صغير جداً مع فرقة النشاط المدرسي في وزارة التربية حيث عملت مع كبار الفنانين مع الراحل وجدي العاني والراحل قاسم صبحي وبعدها انتقلت للدراسة في المعهد وكانت عندي فرصة كبيرة للعمل في فيلم بيوت في ذلك الزقاق واستمريت بذلك طيلة فترة دراستي وفي دراستي للسينما تخصصت في فرع الإخراج السينمائي وأصبحت مخرجاً في الكويت بفضل واكتشاف الفنان فيصل الياسري ، وقد حصلت على فرص كثيرة في التمثيل حيث إني قد مثلت في أكثر من 10 أفلام سينمائية عراقية ما بين العراق والدنمارك وتركيا وبريطانيا إنها تجربة لذيذة جداً بالنسبة لي أن أقف أمام الكاميرا ممثلاً لكني أنا ممثل هاوٍ ومخرج محترف حيث أني عملت في الكثير من المؤسسات الفنية سواء في العراق والكويت والأردن والدنمارك وبريطانيا . التمثيل بالنسبة لي عشق والإخراج هيام وكما ترى أني أعيش الهيام والعشق لأرقى وأعظم فن في تاريخ الكون إلا وهو السينما

 ما الذي أضافه إليك المنفى ، وما أثره على مسيرتك الفنية؟

- أنا منفي ومسافر ومهاجر ولاجئ وسائح في رحاب الكرة الارضية منذ 36 عاماً، أي إني عشت أحمل كل هذه الصفات أكثر من حملي الى صفة مواطن . الغربة الجغرافية صعبة جداً والأصعب منها الاغتراب ، نحن جيل مهزوم وهارب ومنفي ليس بإرادتنا بل لأسباب معروفة نحن جيل الحطب الذي بنت الديكتاتوريات عروشها على أحلامنا وأرواحنا، إن الغربة تجعل الإنسان في حالة قلق وخوف دائم وعدم استقرار ، لقد جعلتني الغربة إنسان آخر قوي متسلح بالعزيمة والإرادة القوية ومن ناحية أخرى جعلتني منكسراً من الداخل غريب الروح ومهمشاً من قبل الآخر ومسكيناً من قبل الآخر وبطلاً من ورق لبعض قصص اللاجئين ، كل هذه الظروف والمشاعر جعلتني أذوب في عالم الدفاع عن المهمشين اللاجئين ، للغربة ثمن كبير دفعنا نحن الآباء القسط الأول وسيدفع أبنائنا الأقساط المتبقية ولسنوات وأجيال كثيرة . . الإنتاج في أوروبا ليس ريعياً بل مدروس ومحسوب كل دولار يرجع بعشرة دولارات وهنالك قواعد إنتاجية تعتمد على اسماء لها سوق ، أما نحن قد نمنح هنا أو هناك فرصة وتنجح لكنها ليست قاعدة .يجب عليَّ أن أقدم أفكاراً تتلاءم مع شركات الإنتاج وهذا صعب لأن الذين يعملون في هذا المجال يعدون بالآلاف والفرصة صعبة جداً ونبقى نحن أصحاب السينما المستقلة ننتظر الهبات والعطايا من قبل المهرجانات وبعض المؤسسات التي تمنح لك جزءاً يسيراً من ميزانية الإنتاج وعلى سبيل التقدير حوالي 15 ألف دولار وتبدأ بعدها بالبحث عن ممول ثانٍ وثالث ، وهكذا والحقيقة في هذا الجانب من الإنتاج يقف أيضاً الآلاف من الشباب الطامحين بعمل فيلمهم الأول أو الثاني ، أوروبا الستينيات والسبعينيات وحتى الثمانينيات تختلف عن أوروبا الآن ، كان هنالك الكثير من المنتجين أصحاب الضمير وأصحاب المواقف الإنسانية ، أما الآن فالموضوع أصبح كارثياً ، إذا ما علمنا بأن السينما أصبحت تسوق للفكر الرأسمالي والى إسقاط شعوب كاملة ومجتمعات كاملة وأصبحوا يزوّرون الحقائق وبشكل سافر وأمامنا تجربة اسمها فيلم الموصل وكل هذا بحجة الحرية. العراق في كل هذه المعادلات خارج التغطية وغير مشمول بالرعاية سوى فتات

 كيف ترى المشهد السينمائي العراقي الآن ؟

-أما مشكلة الحلول في الإنتاج السينمائي في العراق فهي أولاً إبعاد من يحمل لقب دكتور في السينما في لجان معالجة المشكلة لأن الدكتور مكانه في الجامعة والمعهد، والمفروض أن يحضر من عمل في السينما للأخذ برأيهم.. يجب أن نعترف بان السينما صناعة ويُمنح صانع الفيلم قرضاً لإنتاج فيلمه، الابتعاد عن (دائرة السينما والمسرح) العراقية لأنها محطمة لأي فعل سينمائي ، وهنالك أفكار كثيرة جداً يمكن الحديث عنها لكن (دكاترة) السينما لا يدعون الى حلها، ولا الحديث عنها لأنهم متصدرو المشهد وأسهموا في تأزيم السينما العراقية.