في أمسية أدبية بالمركز الثقافي بلندن:محمد هادي يوقِّع روايته الأولى، ويقرأ نصوصه الشعرية الإنكليزية

Tuesday 13th of November 2012 08:00:00 PM ,
العدد : 2648
الصفحة : عام ,

نظّم المركز الثقافي العراقي بلندن أمسية ثقافية للشاعر والروائي البريطاني من أصول عراقية محمد هادي في محاولة جدية من "المركز" لاستقطاب المواهب العراقية الشابة التي تكتب باللغة الإنكليزية بوصفها اللغة الأُم لهم، لأنهم يكتبون ويتكلمون بها بطلاقة، بينما يتعثرون حينما يتكلمون باللغة العربية ويعانون من احتباس لغوي واضح يدفعهم غالباً للاستعانة ببعض العبارات والجمل الإنكليزية التي تسعفهم في التعبير عما يجول في خلَدهم وأذهانهم.
محمد هادي شاعر وروائي بريطاني من أصول عراقية، حاصل على شهادة البكالوريوس في الفلسفة وعلم النفس، وعلى درجة الماجستير في علم النفس أيضاً. يمزج محمد هادي بين هذه المعارف العلمية التي حصل عليها بالدراسة والأبحاث العلمية المتواصلة وبين موهبة الكتابة التي يطوِّرها يوماً بعد يوم. ومنذ ذلك الوقت أصبح محمد هادي كاتباً غزير الإنتاج حيث أنجز عدداً من الكتب والسيناريوهات السينمائية، وسوف تصدر له قريباً مختارات شعرية تحمل عنوان "همسات مقدّسة". وقد حفّزه الغزو الأميركي للعراق على كتابة روايته الأولى "الأفعى البرّاقة" التي استوحاها من الحرب الأخيرة التي شنّتها القوات الأميركية والدول المتحالفة معها على العراق. قبل اندلاع شرارة الحرب كانت "سارة" تعيش حياة هادئة وادعة، لكن كل شيء انقلب رأساً عقب حينما اختفى ابنها، وبينما هي تفكر بالانتحار نهارا رأت عوالم غريبة في الليل، إذ شاهدت أفعى سوداء وعدتها بتقديم المساعدة، وعلى أساس هذه القناعة الجديدة تنطلق "سارة" في رحلة البحث عن ابنها المفقود الذي اختفى من دون سابق إنذار. لكن ما هو هذا الكيان الغامض، وهل ستكون "سارة" قادرة على تجاوز المخاطر الجدية التي تصادفها في هذه الرحلة التي يلفها الضباب، ويتسيّد فيها المجهول؟ هذه هي الثيمة الرئيسية التي تدور حولها رواية "الأفعى البرّاقة" للشاعر والروائي محمد هادي.
قرأ الشاعر محمد هادي ست عشرة قصيدة نذكر منها "رسالة الحكماء"، "ظل ساطع"، "تحت شجرة التوت"، "إرهاب وجودي"، " المسيح"، "إذا لم تقف"، "رجل ميتافيزيقي"، "ناسك" و "كلمات أخيرة للشاعر". يستشف السامع من هذه القصائد التي قرأها الشاعر محمد هادي بلُكنة بريطانية صرف أنه أفاد كثيراً من دراسته للفلسفة وعلم النفس، فلا غرابة أن يبني بعضاً من قصائده بنية فلسفية تحتدم في التساؤلات الفكرية التي تقوم على ثنائية السبب والنتيجة. وربما تكون قصيدة "إرهاب وجودي" هي خير مثال لما نذهب إليه.
يستمر النفَس الفلسفي على الرغم من بساطه بنائه اللغوي في قصيدة "إذا لم تقف أنتَ؟" التي استوحى مناخها العام من "الأتكيت" الغربي الذي يعلّم الناس على آداب السلوك، والمعاشرة، وطريقة التواصل مع الناس بشكل مهذّب لا يجرح المشاعر الإنسانية للناس الذين تصادفهم في حياتك اليومية. لا أريد الغوص في تفاصيل قصائد الشاعر محمد هادي لأنها واضحة، لكن مُبدعها ليس شخصاً مغروراً، ولا تعاني أناه الداخلية من التضخّم كما هو دأب الكثير من الشعراء العراقيين أو العرب بدرجة أخف.
يخرج الشاعر محمد هادي من أسار الذاتية إلى الموضوعية في قصيدة "تحت شجرة التوت" وقصائد أخرى أيضاً، ويا حبذا لو يطوِّر هذا الاتجاه في تجربته الشعرية الواعدة، وعلى الرغم من بعض الشواهد المكانية مثل "الجنائن المعلّقة" و"مهد الحضارات" اللتين تحيلان إلى العراق مباشرة، وربما أزيز الرصاص، ودوي القنابل يأخذنا إلى الحروب العبثية التي دارت رحاها في العراق سواء مع بلدان الجوار أو مع القطعات الأميركية والأوروبية التي عبرت آلاف الأميال بحجة وجود أسلحة الدمار الشامل تارة أو تحت ذريعة إسقاط النظام الدكتاتوري، ونشر الديمقراطية تارة أخرى. وربما تكون اللمسة الإنسانية حاضرة بقوة في هذا النص الشعري حينما يصف شجرة التوت واقفة بين أزيز الرصاص، ودوي القنابل، ولا تستطيع أن تبارح المكان لأنها ثابتة وجذورها ضاربة في أعماق الأرض.