(هنالك رجال سيضيعون دائماً ) رواية جديدة عن العنف الأسري في فرنسا

Monday 3rd of May 2021 10:19:49 PM ,
العدد : 4936
الصفحة : عام ,

ترجمة : عدوية الهلالي

لابد وأن ( سيلين ديون ) تجهل إنها موجودة في رواية فرنسية قاسية للغاية تتحدث عن الفقر والقسوة والعنف الأسري ..

الرواية هي ( هنالك رجال سيضيعون دائماً ) للكاتبة الفرنسية إيمانويل باياماك –تام التي تنشر روايتها تحت الاسم المستعار ربيكا ليغيري..

تدور أحداث الرواية في مدينة مرسيليا ضمن عائلة فقيرة يدمن فيها الوالد ( كارل) على المخدرات ، وهو من أصل بلجيكي ، وذو شخصية عنيفة جداً ، أما الأم ( لبنى) فهي من أصل جزائري ، وهي ضحية مستسلمة لعنف الزوج ..

تبدأ الرواية بمقتل الأب ، وتدور التساؤلات عمن قتله ؟ ثم تحوم الشكوك حول أبنائه الثلاثة بعد أن يرفع طرف الملصق الذي كان يزين حجرة نومهم فتبرز تحته عبارة :" أريد أن أقتل أبي " فقد يكون القاتل واحداً منهم !!

تعود المؤلفة لتحدثنا عن التوتر المستمر الذي كان يسود الشقة البائسة في شمال مرسيليا ، فالكل يخشىون عنف الأب ، ويتجنبون إثارة غضبه قدر الإمكان .. ولأنه يحلم بالشهرة والثروة التي يسهل الحصول عليها ، فقد استخدم الأب القاسي الضرب العنيف والحيلة ليقود ابنه الأكبر ( كارل ) وابنته (هيندريكا) الى محلات تأجير الممثلين ( الكومبارس) ، إذ كان ولداه الكبيران يتمتعان بالجمال والحضور القوي ، أما ابنه الأصغر ( مهند) الذي ولد معاقاً ، فقد كان يتلقى من والده الكثير من الاهانة والتعذيب يومياً لدرجة أنه يكاد يقتله أحياناً ، ولكي يقنع ولديه بما ينتظرهما من مجد ، كان يضرب المثل بالمغنية الشهيرة ( سيلين ديون) التي ولدت ضمن عائلة متواضعة ولم تكن تملك سريراً خاصاً بها لكنها تحولت الى نجمة عالمية ، لكنه أغفل حقيقة أن ديون كانت تتمتع بحب عائلتها الكبير لها ، وهو شعور لاوجود له في هذا المنزل القذر الذي يحاول الأطفال الفرار منه باستمرار ..

كان ملجأهم الوحيد هو قبيلة من الغجر الذين يقيمون في حي فقير في أطراف المدينة حيث وجدوا لديهم العائلة والصداقة والحب والقبول فضلاً عن كتمانهم لسرهم الوحيد ..وتجري أحداث الرواية في سنوات الثمانينيات والتسعينيات في أيام انتشار الأيدز وموسيقى مايكل جاكسون الراقصة ..

بمرور السنوات ، يكتشف الأطفال الثلاثة الحب والجنس ، ويعيدون بناء حياتهم محاولين إنقاذ أنفسهم من التربة السامة التي نشأوا فيها ، وعلى الرغم من اتخاذهم ميولاً وتوجهات مختلفة ، إلا أنهم يظلون ملاحقين بنفس الخوف من انتقال العنف الى جيناتهم ..

وتختبئ المؤلفة ايمانويل باياماك – تام وراء الاسم المستعار ( ريبيكا لييغري ) لتكتب روايات تناسب المراهقين والعوائل لأنها اعتادت أن تكتب روايات سوداء وبوليسية ولاذعة باسمها الحقيقي ، فقد حازت في عام 2019 على جائزة انتر بوك عن روايتها ( اركادي) وهو الأمر الذي منحها حرية كتابة قصص أكثر قسوة وسوداوية مع القليل من الإثارة ، أما أحدث رواياتها ( هنالك رجال سيضيعون دائماً ) الصادرة مؤخراً عن منشورات (P.O.L)في 384 صفحة ، فهي أكثر من مجرد كتاب يمكن قراءته في عطلة ..إنه صورة معبرة لفرنسا الحقيقية في رواية جريئة ومبهرة ، فمايحدث في مرسيليا يمكن أن يحدث في أي مكان في فرنسا ..فهذه هي فرنسا المهمشين ، البؤساء ، والأطفال المهجورين الذين يبنون أنفسهم على هامش المجتمع .

تعمل ايمانويل باياماك – تام على تدريس الأدب الفرنسي في مدرسة ثانوية في ضواحي باريس منذ ثلاثين عاماً ، كتبت عشرات الروايات اللاذعة والمدهشة واستخدمت اسماً مستعاراً لكتابة روايات أخرى مثل ( أزواج) عام 2013 ، و( فتيان الصيف ) الفائزة بالجائزة الأدبية لمدينة اركاشون في عام 2017 ، كما حازت على جائزة فوليو بوك ستور في عام 2018 ..وترى ليغيري أن الأدب هو المهنة التي تعمل على زعزعة استقرار المرء !!