سكان من العشوائيات : لسنا سوى أصابع بنفسجية لمرشحي الانتخابات

Monday 3rd of May 2021 10:40:31 PM ,
العدد : 4936
الصفحة : ترجمة ,

 متابعة: المدى

«تحجُ إلينا وفود الأحزاب السياسية، في كل موعد انتخابات، طمعاً بأصواتنا، لكننا نُنسى، ولا أحد يبالي بوجودنا هنا، بعد إعلان النتائج”، هكذا يختصر حامد محمد، علاقة الحكومات المتعاقبة بسكان العشوائيات في العاصمة بغداد وغيرها من المحافظات.

ووفقاً للجنة الخدمات والإعمار النيابية، فإن نحو 5 إلى 6 ملايين شخص يسكنون العشوائيات، المتوزعة بين أنحاء متفرقة داخل المحافظات العراقية.

لواء العبودي (67 عاماً) من سكان عشوائيات مناطق شرقي العاصمة، ويعمل في مجال بيع الدور والأراضي الزراعية والعشوائيات، يقول إن “العمل ببيع العشوائيات فيه ربح مريح، فهو عادة ما يكون بلا ضرائب، وتلجأ اليه العوائل دون أن تكون لها شروط محددة، فهي تبحث عن سقف يحميها من البرد شتاءً ومن الصيف اللاهب صيفاً، وينقذها من هاوية السكن في المنازل بالإيجار الشهري».

ويضيف، فيما يشير بإصبعه إلى العشوائيات، أن “الملايين تتخذ هذا النوع من السكن سواء في بغداد أو غيرها من المحافظات مسكناً، هرباً من غلاء العقارات الرسمية، وحتى الزراعية، كما لا تُفرض أية ضرائب عليهم».

“نبيع ونشتري كما نشاء وكل شيء بالتراضي، فكل من هنا محطم ويحاول إنهاء يومه بسلام”، يتابع العبودي.

وعند محل لبيع الوجبات السريعة، بالقرب من حي الغريري الواقع خلف “السدة”، بمنطقة الشعب شمالي بغداد، يجلس حامد محمد (28 عاماً)، العامل في مشتل زراعي.

يقول “منذ عام 2003، أتينا إلى هنا مع والدي، واتخذنا من العشوائيات على أطرافها محلاً للسكن، كنا محظوظين إذ جئنا قبل تقسيم المنطقة من قبل جهات متنفذة، لتباع بأسعار متفاوتة».

ويبيّن محمد أن العشوائيات “تتحول إلى مرتع للأحزاب ووفود النواب، منذ أول انتخابات جرت في العراق، حيث يتصارع على أصواتها من لديه زيارات أكثر، ومن يدخل عجلات محملة بالملابس والأغذية والتجهيزات الرياضية، وهو موسم يفضله الكثيرون من سكان العشوائيات في بغداد».

ويقول بحسرة “نحن سكان العشوائيات المغلوب على أمرنا، لسنا سوى أصابع بنفسجية بنظرهم، يحتاجون إلينا مع قرب كل انتخابات، ومع ظهور النتائج، وتقاسم السلطة، نتحول إلى شعب لا يعجبه العجب، ونُضرب بالرصاص الحي والقنابل المسلية للدموع، ونُطارد ونُعتقل ونختطف، إذا خرجنا للمطالبة بحقوقنا».

ويرى محمد أن “الكثيرين من سكنة المناطق العشوائية، بسطاء، يُخدعون بالبطانيات وأجهزة تنقية المياه، التي تمنحها الأحزاب السياسية، مقابل التصويت لهم، مع وعود بالتعيينات للشباب، والمضي بقانون العشوائيات، داخل مجلس النواب».

ويشير إلى أن المرشحين يعدون سكان العشوائيات في في كل دورة برلمانية، بتنفيذ “قانون العشوائيات”، لكن ذلك لم يحدث قط.

ويوضح محمد “عددنا حوالي 6 ملايين نسمة، وهذا رقم انتخابي كبير، تحاول كل جهة أن تتبنى إنجاز القانون، وتعرقله الأخرى حتى لا يحسب لها، وبذلك نكون ضحايا صراع على المصالح، بينما نعيش مأساة متجددة كل يوم، مع واقع العاصمة بغداد».

أين وصل قانونهم؟

ولم يبق بعمر مجلس النواب، سوى خمسة أشهر، قبل أن يحل نفسه، تمهيداً لإجراء الانتخابات المبكرة، المقرر إجراؤها في العاشر من تشرين الأول المقبل.

وفي جلسات البرلمان السابقة “قرِئ مشروع قانون العشوائيات قراءة أولى واتفُق على قراءته قراءة ثانية، لكن لم يتم إقراره والمصادقة عليه، أو إنهاء الإشكالات حوله إلى الآن».

وتشير الإحصائيات الرسمية، إلى أن نحو 10% من سكان العراق يعيشون في العشوائيات.

ويتساءل المواطن، عباس عبدالحسين (49 عاماً): “أين ذهبت مئات المليارات من الدولارات التي خصصت لإنقاذ سكان العراق من أزمة السكن منذ 18 عاماً، وأين هي المدن الجديدة التي وعدتنا بها الحكومات السابقة، لماذا تفاقمت العشوائيات بعد 2003 وتحولت إلى أزمة إنسانية؟».

ويرى عباس، المقيم في العشوائيات، أن السياسيين “لا يريدون حل هذه المشكلة الجذرية، لأنها ستفقدهم إمكانية الحصول على الأصوات في الانتخابات بوعود بسيطة، وبخدمات متواضعة، وبصناديق من الفواكه والمعلبات، وتنظيم سفرات إلى الأماكن الدينية المقدسة».

ووفقاً لبيان رسمي، “، يؤكد وزير التخطيط خالد بتال النجم، أن العشوائيات “تمثل أحد الملفات المهمة والخطيرة، التي يجب إيجاد الحلول المناسبة لها».

ويشير إلى أن عدد العشوائيات في مختلف محافظات العراق تجاوز أربعة آلاف، وتضم أكثر من 500 ألف وحدة سكنية.

ويؤكد النجم على “المضي في إيجاد الحلول المناسبة، على وفق ما تسمح به الظروف في البلد، مع ضرورة الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذا الجانب».

بدورها، قالت لجنة الخدمات البرلمانية، في وقت سابق، إن قانون العشوائيات “مجمّد لأسباب غير معروفة”، مشيرة إلى أنها “تعمل على إعادته للنقاش داخل قبة البرلمان؛ أملاً بالتصويت على صيغة مناسبة، وتمريره قبل انتهاء عمر البرلمان الحالي»