الرأسمالية المعولمة وعسكرة العلاقات الدولية

Tuesday 4th of May 2021 10:27:57 PM ,
العدد : 4937
الصفحة : آراء وأفكار ,

لطفي حاتم

1

حملت السيادة الدولية لأسلوب الإنتاج الرأسمالي حزمة من المصاعب السياسية -الاجتماعية وما رافقها من توتر في العلاقات الدولية.

- سياسة التوتر المتصاعدة في العلاقات الدولية تنبثق من روح المنافسة الاقتصادية بين مستويات تطور دول التشكيلة الرأسمالية العالمية بطوابقها الثلاث - دول الرأسمالية المعولمة - دول الرأسمالية الاحتكارية - الدول الوطنية.

- ترتكز الصراعات الدولية بين طوابق التشكيلة الرأسمالية العالمية المتطورة على كيفية استغلال الدول الوطنية والهيمنة الاقتصادية على ثرواتها الوطنية.

- تترافق الصراعات الدولية بين مستويات التشكيلة العالمية الرأسمالية مع نزاعات وطنية اجتماعية تقودها طبقات فرعية تسعى لبناء تحالفات دولية - وطنية هادفة الى تعزيز السيطرة الخارجية على الدول الوطنية.

- نزاعات الدول الرأسمالية الكبرى تتجلى بكثرة من الأساليب السياسية – الاقتصادية نحاول استعراض أبرزها –

أ-- إثارة التوترات الدولية الهادفة الى إعادة سيطرة المراكز الدولية المتنازعة لغرض الهيمنة والتوسع.

ب-- فرض الدول الرأسمالية المعولمة الحصارات الاقتصادية لغرض خنق الخصوم الدوليين غير مكترثة بتجويع وتخلف شعوب الدول المحاصرة.

ج— اعتماد سياسة العزل الدبلوماسي بهدف تقليص العلاقات الدبلوماسية مع الدول المستهدفة.

د-- تمويل المليشيات المناهضة للنظم السياسية (المتمردة) ودعم أنشطتها الارهابية المعادية لسلطات بلادها الوطنية.

ه-- إثارة ضجيج الإعلام الدولي والقيام بحملات الدفاع عن (حقوق الإنسان) لغرض تبشيع صورة الخصوم الدوليين.

و- القيام بالتخريب التكنولوجي واستخدامه للتدخل السياسي في الشؤون الداخلية للبلدان المناهضة لسياسة الدول الرأسمالية الكبرى.

الضغوطات الدولية المشار إليها تسعى الى التأثير على البلدان المناهضة للهيمنة الدولية استناداً الى --

-- إضعاف الدول المستهدفة بهدف إلحاقها بالتكتلات الرأسمالية الكبرى.

-- إنهاك الطبقات الاجتماعية المناهضة للهيمنة الدولية.

-- احتضان فعالية الطبقات الفرعية وتعزيز سيطرتها على سلطة الدولة السياسية.

-- مساندة النظم الإرهابية في الدول الوطنية وإضعاف قوة الأحزاب والتيارات السياسية الديمقراطية.

2

- استخدام العقوبات الاقتصادية في العلاقات الدولية تترافق ونهج التوتر بين الدول الرأسمالية واحتدام تناقضات طبقات تشكيلتها الاجتماعية المنبثقة من قانون التطور المتفاوت الذي يفضي الى ظهور مراكز رأسمالية جديدة وانحدار دول رأسمالية أخرى.

-- يتجلى قانون التطور المتفاوت في العلاقات الدولية في الظروف التاريخية المعاصرة بـ

-- تبوّء الاقتصاد الصيني مواقع متقدمة في الأسواق العالمية معتمداً على امتداد السوق الصينية الى دول قارات العالم المختلفة.

- تراجع هيمنة السوق الأميركية على الأسواق العالمية وصعوبة احتفاظها بالسيادة الاقتصادية الدولية.

- استعادة الدولة الروسية لمكانتها السياسية ومشاركتها في حل النزاعات الدولية وتحجيم

القوى الإرهابية.

- - تجذّر الروح القومية والوطنية في الصين الشعبية وروسيا واعتمادها في مكافحة الروح الكوسموبولتية للعولمة الاميركية.

-- تزايد استقلالية القارة الأوروبية عن الولايات المتحدة وتطور علاقاتها البرغماتية مع الصين وروسيا الوطنية.

- تنامي فعالية التجمعات اليمينية في الدول الرأسمالية المتطورة وتزايد معاداتها للأجانب والوافدين الجدّد.

- اشتداد النزعات الإرهابية لليمين الإسلامي المتطرّف ومساندته من قبل المراكز الرأسمالية.

- تشير السياسية الدولية المتّسمة بالتوتر الى أن العالم يرفض سياسية التبعية والتهميش ويسعى الى بناء علاقات دولية جديدة يسودها التعاون الدولي واحترام الخصوصية الوطنية.

3

-- تغييرات السياسة الدولية وتطورها وفق مصالح الكتل الدولية أنتجت آثاراً سلبية على التعاون الدولي بين طوابق التشكيلة الرأسمالية العالمية الامر الذي يتطلب تحديد الكتل الدولية المتنافسة في السياسية الدولية والمتمثلة بـ:

أولاً – كتلة رأسمالية معولمة تسعى الى الهيمنة الدولية تتمثل بالولايات المتحدة الاميركية -كندا - بريطانيا العظمى.

ثانياً - كتلة رأسمالية احتكارية تتجسد بتحالف الدول الأوروبية وانقسامها بين طابقين الأول منهما رأسمالية احتكارية تتكون من المانيا - فرنسا – إيطاليا -اسبانيا وأخرى تتشكل من دول أوروبية شرقية ناتجة عن انهيار دول الكتلة الاشتراكية.

- رغم الوحدة الأوروبية المعلنة إلا أن الاتحاد الأوروبي تسوده انقسامات حادة منبثقة من درجة تطور دوله وتبعيتها للرأسمالية الأميركية المعولمة.

ثالثاً- كتلة دولية تتركز بالتعاون الروسي - الصيني مرتكزاً على عجلتين رئيستين الأولى منهما تعاون اقتصادي متنامي بين الدولتين الكبريين، وثانيتهما قوة عسكرية نووية ضاربة لدى الطرفين.

إن التعاون بين الكتل الدولية الثلاث أصبح أمراً ضرورياً لصيانة السلام العالمي وضمان تطور المصالح الوطنية لدول التشكيلة الرأسمالية العالمية.

اعتماداً الى ذلك ولغرض تحقيق تعاون دولي لابد من اتباع سياسة دولية ترتكز على عدة توجهات أهمها --

-- التعايش السلمي والحد من المنافسة الضارية بين الكتل الدولية الثلاث وتطوير تعاونها الدولي المشترك.

-- اعتماد المنافسة السلمية ونبذ العقوبات الاقتصادية وسياسة العزل الدبلوماسي وما تنتجه من احتكاكات وصراعات سياسية.

-- احترام سبل التطور الاجتماعي وإدانة التدخلات الخارجية في الشؤون الوطنية.

-- تبني دبلوماسية الحوار والتعاون بين الكتل الدولية الثلاث ونبذ استخدام القوة في النزاعات الدولية.

-- بناء تفاهمات دولية تهدف الى صيانة السلام الدولي وتطوير اللقاءات والمؤتمرات الدولية الهادفة الى تحجيم التوترات الدولية.

- بناء سياسة وطنية تعتمد موازنة المصالح الاجتماعية بين طبقات التشكيلة الاجتماعية الوطنية.

إن الموضوعات المشار إليها ترتكز على وحدة العالم الرأسمالي المعاصر بعوالمه الثلاثة هادفة الى حصر التناقضات الدولية بإطارات سلمية ساعية الى صيانة دول العالم من التبعية والتهميش والإلحاق.