نظام سبورت: التخطيط الرياضي .. ترفٌ أم ضرورة؟

Tuesday 4th of May 2021 10:37:47 PM ,
العدد : 4937
الصفحة : الأعمدة , حسين جبار

 حسين جبار

التخطيط والستراتيجية مفردات تتردّد على ألسن الكثير من المختصّين بشؤون الاقتصاد والسياسة وغيرها من القطاعات, أما بالنسبة لقطّاعنا الرياضي فنسمعُ هذه المفردات خلال اللقاءات التلفازية أو في الندوات والمؤتمرات من خلال مطالبات الأكاديمين والمختصّين،

ومنهم كاتب هذا السطور، بضرورة تبنّي ستراتيجية شاملة لتطوير القطّاع الرياضي، والتي باتت تشكّل ضرورة حتمية لِمَن يُريد مواكبة التقدّم المتسارِع في آليات إدارة الرياضية والتعامل مع جوانبها الاقتصادية والاجتماعية وأبعادها التربوية والوطنية، فضلاً عن تحقيق الإنجاز والقدرة على المنافسة.

فهل أن تبنّي التخطيط الستراتيجي هو حالة ترف فكري أم أنها ضرورة مُلحّة لمن يريد الاستمرار والتنمية والتطوّر لقطاعهِ الرياضي؟

وإجابة هذا التساول نبدأها من اشتراطات الهيئات الرياضية الدولية، وفي مقدمتها الأولمبية الدولية التي تضع ضمن لوائح أخلاقيتها المُلزمة للجان الأعضاء مواد وفقرات تشترط أن يكون للمنظمات الرياضية رؤية شاملة لما تريد الوصول إليه من غايات، وما تسعى لتحقيقهِ من أهداف، وأن تضع ستراتيجيات عمل واضحة ومحدّدة تتماشى مع هذه الرؤية.

أما على مستوى الدول المتحضّرة التي تسبقنا بأشواط طويلة، ومدّيات بعيدة في مجال التخطيط الرياضي فتختلف درجة إلزام الهيئات الرياضية بتبنّي التخطيط الرياضي، فمنها من يصل الى درجة الإلزام القانوني مثل فرنسا التي يشترط قانون الرياضة فيها أن تكون خطّة الهيئات لرياضية متوافقة مع خطط التنمية الشاملة للدولة استناداً الى قانون تنمية وتطوير الجمهورية للعام 1995ويكون واجب وزارة الرياضة الفرنسية متابعة تنفيذها أما استونيا فإن وزارة الثقافة فيها هي المسؤولة عن الهيئات الرياضية وخطّة تمويلها يضعها الوزير وخطط الهيئات الرياضية توضع ضمن إطار خطة التنمية الحكومية، وفي هولندا تقوم اللجنة الأولمبية الوطنية الهولندية كل أربع سنوات بتطوير وثيقة سياسة جديدة (خطة رياضية) مع أعضائها وغيرهم من أصحاب المصلحة المعنيين.

ممّا تقدّم يتضح للقارئ اللبيب أن العالم المتحضّر يعتمد في تشريعاته وقوانينه وضع إلتزامات على الهيئات الرياضية بتبنّي خطط تتوافق مع الخطط العامة للدولة مع مراجعات مستمرّة لهذه الخطط وتقييم مدى تحقيقها لأهدافها والموارد التي تحتاجها لتحقيق هذه الأهداف، بل إن هذه الدول تضع ضمن خُططها برامج لتطوير الموارد البشرية المؤهّلة للإدارة والتخطيط الرياضي.

هذا الأمر، أي موضوع تطوير الموارد البشرية العاملة في الإدارة الرياضية، ليس منهجاً للدول الأوروبية فقط، بدأت دول عدّة في قارّات مختلفة، منها قارتنا الصفراء، بإنشاء اتحادات وروابط مختصّة بالإدارة الرياضية التي يُشكّل التخطيط الرياضي حجر الزاوية فيها، ومنها الرابطة الآسيوية للإدارة الرياضية (AASM) التي تشكّلت على يد مختصّين من تايوان وسنغافورة وتايلاند والصين واليابان وكوريا في العام 1999 ليتم تأسيسها بشكل رسمي في عام 2002.

وقد يكون تبنّي هذه الدول للتخطيط الستراتيجي الرياضي هو السرّ وراء تطوّر مستوياتها والانجازات التي تحققها أولمبيا وكروياً في الأعوام السابقة.

وعلى مستوى الدولة العراقية عامة، وليس القطّاع الرياضي خاصة، فقد كانت آخر الخُطط الستراتيجية الشاملة للنهوض بالعراق في مختلف القطّاعات هي الخطّة التي وقِّعَتْ في العام 1959 مع شركة (دوكسيادس) البولونية، وتبعتها خُطط على مستوى الوزارات، لكنّها لم تكن بمستوى واقعية وجدية الستراتيجية الشاملة.

وعقب العام 2003 فإن الخطط الستراتيجية لتنمية وتطوير القطاع الرياضي توضع ضمن البرامج الحكومية التي يصوّت عليها البرلمان وتكون الحكومة مُلزمة بتنفيذها خلال الأربع سنوات من عمرها، وقد أختلفت رصانة ومهنية هذه البرامج بإختلاف الظروف السياسية التي واكبت تشكيل هذه الحكومات ومن خلال المقارنة الموضوعية بينها نجد أن أنضج الخطط وأكثرها واقعية وقابلة للتطبيق كانت ضمن البرنامج الوزاري لحكومة عادل عبد المهدي، لكن حالها حال بقية برامج الحكومات السابقة ظلّت في أغلب فقراتها حِبراً على ورق!

كل ذلك بسبب عدم وجود برنامج رقابي لدى السلطة التشريعية يوضَع بالتعاون مع الوزارة القطاعية لمتابعة الموارد المالية التي تُخصّص من الدولة للقطاع الرياضي أسوة بدول العالم، فظلّت هذه الموارد ولسنوات مضت تُصرَف وتُبذّر أحياناً في إيفادات وسفرات ومشاركات في بطولات لا وزن قاري ولا قيمة فنية لها، دون أي تطوير في البُنى التحتية للهيئات الرياضية أو تحقيق رياضيينا لانجاز مُتميّز إلا ما ندر.

فهل أن عملية وضع خطط ستراتيجية في القطّاع الرياضي صعبة أم أن إعداد برامج لمراقبة تنفيذها مستحيل علينا أو أن هناك من يُعطّل هذه التوجّهات ليستمرّ في افساده وفساده؟!

نترك الإجابة لقُرّائِنا الأفاضل.