نظام سبورت: هدف درجال الجديد

Tuesday 11th of May 2021 11:31:45 PM ,
العدد : 4942 (نسخة الكترونية)
الصفحة : الأعمدة , حسين جبار

حسين جبار

أتذكّر مقالاً سابقاً كتبتهُ مع نشوة وفرحة التغيير الذي قادهُ الكابتن عدنان درجال وأسفر عن استقالة الاتحاد السابق، ذلك التغيير الذي لم يكن يحلم به أكثرُ المتفائلون في الوسط الرياضي، وكان يحمل عنوان (درجال يُعيد تصويب صاروخ جديد وبإتقان شديد) استذكاراً لهدفه في مرمى منتخب كوريا الجنوبية عام 1984 والذي جعل معلّق المباراة يصرخ :عدنان يوجه صاروخ من خارج منطقة الجزاء.

واليوم مع مرور عام على توليه منصبه الوزاري، ومن خلال متابعتي للنقاط المضيئة في عمله، وما رافقها من انجازات أحياناً، وسلبيات أحياناً أخرى، ومع ما أثير عن توجّهه للترشح لرئاسة اتحاد كرة القدم، وما قابلها من دعم للمؤيدين ورفض للمعارضين، بذريعة مخالفة اللوائح الدولية للفيفا, سنتوقف هنا عند هذا الإدعاء لنبيّن للقارئ الكريم حقيقته، وهل أن الهيئات الرياضية الدولية تمنع ترشيح أصحاب المناصب في لوائحها وأنظمتها؟

إن تدقيق الفيفا على ترشيح أصحاب المناصب الحكومية، بدأ عقب الثورة الإصلاحية لهذه المنظمة الرياضية عام 2016 وتطبيقها مبادئ الحكم الرشيد أو الحوكمة، وموضوع ترشيح من هو بمنصب وزير تناولتهُ وبشكل حصري لجنة الحوكمة والمراجعة في فيفا ضمن مذكّرة توجيهية إلى الاتحادات القارية والاتحادات الوطنية الأعضاء تم تعميمها بالعام نفسه.

وأصل الموضوع ليس منع الترشح لرئاسة الاتحادات القارية أو الوطنية، بل تحفظّات أبدتها لجنة الحوكمة والمراجعة على ترشيح رئيس للفيفا استناداً للمادة 27 الفقرة 1 أو لمنصب الأمين العام استناداً الى المادة 37 الفقرة 3 من النظام الأساسي للفيفا.

وجاء ضمن فقرة الحياد السياسي ومنع أي شكل من أشكال التدخّل الحكومي (إرتأت لجنة المراجعة أن أي مسؤول في  FIFA والذي يشغل أيضاً منصب وزير في الحكومة  government minister   أن ينحي   recuse  نفسه أو نفسها عن أي قرار يؤثر على بلده) .

أي في حالة كون رئيس أو أمين عام الفيفا أو رئيس وأعضاء لجنة التدقيق والامتثال وغيرها من المناصب داخل الاتحاد الدولي التي حدّدتها المذكرة يشغل منصب وزير فعليه أن ينسحب من أي جلسة يكون فيها التصويت على قرار يخصّ الدولة التي ينتمي اليها، وذلك يتطابق تماماً مع لائحة أخلاقيات الفيفا.

أما من ناحية التشريعات العراقية فإن قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 وقانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل النافذ، كلاهما لا يمنعان الجمع بين رئاسة الاتحاد أو النقابة أو منظمة المجتمع المدني وبين الوظيفة العامة.

وقد كانت هنالك تجارب عدّة لرئاسة الهيئات الرياضية، ومنها الأندية لأشخاص في مواقع المسؤولية، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر تولي الدكتورة ثريا نجم عبد الله رئيسة لجنة الشباب والرياضة البرلمانية رئاسة نادي العلوم، وتولي الدكتور سركون لازار صليو وزير البيئة منصب رئيس نادي البيئة، وكذلك تولي قائد القوة الجوية منصب رئاسة نادي القوة الجوية.

وإن أردنا الحديث على الصعيد القاري أو الدولي، فإننا نجد وصف صاحب السمو أو  الأمير يسبق اسم الكثير من الأعضاء الذين يتولّون المناصب في الهيئات الرياضية الدولية وأفضل الأمثلة بريطانيا لكونها شهدت ولادة اتحاد كرة القدم (الفيفا) حيث تشغل الأميرة آن أبنة الملكة إليزابيث رئاسة الرابطة الأولمبية البريطانية (BOA) وهي اللجنة الأولمبية الوطنية (NOC) لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية.

ممّا تقدّم يتبيّن للقارئ اللبيب أن اللوائح الدولية للفيفا وكذلك التشريعات العراقية لا تمنع ترشح من هو بدرجة وزير لمنصب رئاسة اتحاد وطني.

لكن مع توجه الكابتن عدنان درجال للترشح للانتخابات البرلمانية القادمة، فالتساؤل الذي يطرح نفسه وبقوة من محبيه قبل معارضيه: أين سيجد وقتاً لإدارة الاتحاد ومعالجة تراكمات سنوات من الفساد والأخطاء والعمل العشوائي في ظلّ مهام عمله البرلماني إن شاءت الظروف وفاز بثقة المصوّتين؟ وهو الذي جرّب العمل الوزاري وعاش التزاماته وزحمة عمله والتي تكون لمن يريد خدمة الناس بصدق وإخلاص على حساب أولويات كثيرة وتضحيات جسيمة أحياناً لأن من يسعى لأن يكون تاريخه أطول من فترة بقائهِ في المنصب يكون مُلزماً بالتضحية.