نافـذة من موسـكو..بصدد الخلاف بين إيران والمليشيات المسلحة في العراق

Sunday 6th of June 2021 09:30:09 PM ,
العدد : 4959 (نسخة الكترونية)
الصفحة : آراء وأفكار , د. فالح الحمراني

 د. فالح الحمـراني

بحسب عدد من التقارير، طلب الجنرال الإيراني حيدر الأفغاني، المشرف على الملف العراقي في الحرس الثوري الإيراني، الاستقالة من هذا المنصب ونقله إلى مجال عمل آخر، لأن الفصائل شبه العسكرية المتحالفة مع إيران تتجاهل مواقف طهران. وقال قادة عدة جماعات مسلحة عراقية وسياسيون مقربون من رئيس الوزراء إن المسؤولين الإيرانيين يشعرون بخيبة أمل متزايدة من تشدد المليشيات المسلحة العراقية المتحالفة معهم، وأن الأفغاني، المكلف بالتواصل معها، يغادر منصبه احتجاجا على ذلك.

شرط عدم الكشف عن هويته وزير العراق مصطفى الكاظمي. جاء ذلك في تقرير نشره معهد الشرق الاوسط في موسكو. وما يلي نقدم، في إطار رصد ما ينشر عن التطورات في العراق في الساحة الروسية، عرضا ملخصا لعدة تقارير للمعهد حول نفس الموضوع. والمعهد يتحمل مسؤولية صحة المعلومات الواردة.

ومع اقتراب إيران والولايات المتحدة من المحادثات بشأن اتفاق فيينا النووي، يعتقد بعض الخبراء المقربين من الحكومة العراقية أن الميليشيات العراقية تسعى إلى النأي بنفسها عن طهران خوفًا من استخدامها كورقة مساومة. وتحاول هذه الفصائل إجبار الحكومتين الأمريكية والعراقية على التفاوض مباشرة معها حول القضايا الأمنية والسياسية، بدلاً من مناقشة هذه القضايا مع الإيرانيين فقط. وتردد عن أن ايران أنها فقدت السيطرة في الأشهر الأخيرة الجماعات، على الجماعات المتحالفة معها، وإن نفوذها عليها بات الآن محدودا، والذي ظهر في المناقشات معها، التي من المحتمل أن تغير قواعد اللعبة مع الولايات المتحدة ودول اقليمية.

ويأمل الإيرانيون في إقناع الولايات المتحدة بتخفيف العقوبات والعودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015.كما يسعى الإيرانيون من السعودية العمل على إنهاء الحرب في اليمن وإخراجها من الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان. وقال مسؤولون إيرانيون وأمريكيون إن كلا المفاوضات حتى الآن تبدو واعدة، فقط. وتقع الجماعات المسلحة العراقية واليمنية واللبنانية المرتبطة بإيران في قلب هذه المناقشات، ويمكن استخدام الدعم الإيراني لها في المستقبل، كورقة في المفاوضات مع واشنطن والرياض.

ووفقا لعدد من التقارير فقد تسبب ذلك في استنفار طبيعي بين القادة الميدانيين لعدد من الفصائل الشيعية العراقية. وردا على ذلك، صعدوا هجماتهم خلال الأسابيع العديدة الماضية على القواعد العسكرية العراقية التي تستضيف القوات الأمريكية، وعلى أهداف تتعلق بالدعم اللوجستي لقوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة. ولم تعلن أي من الجماعات المسلحة العراقية المعروفة مسؤوليتها عن الهجمات، لكن قادتها ومسؤوليها العراقيين أوضحوا بشكل غير رسمي أن وراء الهجمات مجموعات مرتبطة بما لا يقل عن اثنتين من أبرز الميليشيات الشيعية وأكثرها نفوذاً. ومع ذلك، لم تتم الموافقة على هذه الهجمات من قبل إيران. وبحسب بعض المصادر، نشأت في الواقع خلافات بين قادة الفصائل العراقية والمستشارين الإيرانيين خلال اجتماع عقد في بغداد في 3 أيار. وحضر الاجتماع أبرز قادة الجماعات الشيعية المتحالفة مع إيران. وكان من المقرر أن يبحث الاجتماع "تداعيات هذه العمليات وانعكاساتها على الوضع في العراق، وكذلك المفاوضات الجارية التي تجريها إيران مع الولايات المتحدة، وضرورة الحفاظ على الهدوء في المنطقة حتى إشعار آخر". وأصر بعض القادة في هذا الاجتماع على عدم اهتمامهم بالمفاوضات الجارية، ورأوا ضرورة الفصل بين الموقفين العراقي والإيراني في هذه المرحلة. وتهدف الهجمات إلى ان توضح لجميع الأطراف أن الجماعات المسلحة العراقية ليست معنية بنتائج أي محادثات بين إيران والولايات المتحدة، ومن يسعى لوقف هذه الهجمات سيتعين عليه التعامل معها بشكل مباشر. ويقول قادة بعض المنظمات إنهم لا يعتقدون أن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والولايات المتحدة اتفقا على خطة لسحب القوات الأمريكية، وأن الهجمات تهدف إلى الضغط عليهما وإجبار القوات الأمريكية لسحبها. كما أوضحوا للإيرانيين أنهم لن يحرجوهم ويتحملوا المسؤولية عن هذه الهجمات، لكنهم لن يوقفوها، وأن أي طرف يسعى لوقف هذه الهجمات يجب أن يتفاوض معهم مباشرة.

وحاولت الحكومة العراقية والولايات المتحدة كسب الوقت في الشهر الماضي بالإعلان عن اتفاق لسحب القوات الأجنبية من العراق في غضون عام. إلا أنه لم يتم تحديد جدول زمني للانسحاب، ورغم أن الجانب العراقي حاول الإسراع في تشكيل اللجان الفنية المكلفة بإعداده، إلا أنه منذ ذلك الحين، بحسب مقربين من السيد الكاظم، لم يتم إحراز أي تقدم.. وشكك بعض المسؤولين والسياسيين العراقيين في جدية هذا الاتفاق. وقال مسؤول عراقي كبير مطلع على تفاصيل المحادثات في هذا الصدد ان "الاتفاق تم عرضه".

ويدعو بعض قيادات المليشيات المسلحة الى الالتزام بالقواعد وإجبار بغداد وواشنطن على الاعتراف بهم كلاعبين سياسيين شرعيين ومستقلين على البرنامج السياسي الإيراني. بينما تعهدت هذه المنظمات بإنهاء الهجمات (ليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها ذلك) بمجرد تأكيد الموعد النهائي للانسحاب، ويتم استخدام عدم وجود جدول زمني مفصل لاستئناف الهجمات على الأهداف الأمريكية التي تم تعليقها لفترة وجيزة. وقالت مصادر في قوات الأمن العراقية، في إطار وقف غير رسمي لإطلاق النار. شهدت الفترة الأخيرة زيادة ملحوظة في الهجمات الصاروخية على القاعدة قرب مطار بغداد الدولي وقاعدة بلد الجوية شمال محافظة صلاح الدين. كما وقعت هجمات على القوافل اللوجستية شبه اليومية للقوات العراقية وقوات التحالف على الطرق السريعة جنوب وغرب العاصمة. وتنفي الجماعات المسلحة في العراق مسؤوليتها بشكل كامل وتعيد تأكيد التزامها بوقف إطلاق النار الذي أبرمته مع القوات الأمريكية من خلال وساطة الحكومة العراقية. وبدلاً من ذلك، أعلنت جماعات لم تكن معروفة من قبل مسؤوليتها عن الهجمات، والتي تعتبر غطاءً لمنظمات بارزة قد تكون مدعومة من إيران. وتعرضت القاعدة قرب المطار وقاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار وقاعدة بلد في صلاح الدين خلال الأسابيع الخمسة الماضية لعشرة هجمات صاروخية. ونتيجة لذلك، أصيب جنديان عراقيان بجروح ولحقت أضرار جسيمة بالمنشآت العسكرية. ولا توجد قوات أمريكية في قاعدة بلد الجوية، كما أن الخسائر البشرية والأضرار في المنشآت العراقية بالقرب من القاعدة بالقرب من المطار آخذة في الازدياد حيث تفشل معظم الهجمات في الوصول إلى أهدافها. في الوقت نفسه ترى بعض القيادات للجماعات المسلحة بعدم ضرورة هذه الهجمات. وتلاقت ثلاثة عوامل في هذه الألعاب: الجماعات المسلحة العراقية لم يعد لديها قيادة موحدة. ويشعر الكثير منهم بالتهديد الكامن من إيران التي تتفاوض مع السعودية والولايات المتحدة. وهناك مخاوف كبيرة بين قيادات عدد من المنظمات من ان تتخلى ايران وحكومة الكاظمي عنهم. ويرى بعض الخبراء العراقيين في هذا الصدد، لهذه الأسباب الثلاثة، أن عدد الهجمات سيزداد إذا استمرت واشنطن وبغداد في تجاهل قادة الجماعات والتعامل مع طهران بدلاً من ذلك. وتريد بعض الجماعات أن يكون لها صوت في صنع القرار السياسي للبلاد، ولا يمكن تجاوزها في أي موضوع يتعلق بالشؤون العراقية. و في هذا الصدد، يقصر الإيرانيون أنفسهم على النداءات العلنية، لكن هذا لا يعني على الإطلاق أنهم لا يملكون القوة لوقف الهجمات. ومن المحتمل أن تستمر هذه الهجمات حتى تتلقى الجماعات المعنية تأكيدات كافية بالاعتراف بحضورها السياسي، أو حتى تصبح نتيجة المحادثات الأمريكية الإيرانية واضحة وضوح الشمس.