الوطنية الديمقراطية والانتخابات التشريعية

Tuesday 8th of June 2021 10:04:47 PM ,
العدد : 4961
الصفحة : آراء وأفكار ,

 لطفي حاتم

تستعد بلادنا لدورة انتخابات تشريعية جديدة ، ورغم حداثة الشرعية الانتخابية لبناء الدولة العراقية بسبب هيمنة النظم الاستبدادية في قيادتها، الا ان هذه الانتخابات تتمتع بأهمية كبيرة استناداً الى ما تعانيه الدولة العراقية من نهوج طائفية وإشكالات قومية وما أنتجه ذلك من ضياع الامن السياسي والاجتماعي في تشكيلة العراق الاجتماعية.

انطلاقاً من تلك الاشكالات يتعين على الباحثين والسياسيين الوقوف عندها ودراسة تأثيراتها على مستقبل بناء الدولة الوطنية ودورها في تشكيلة البلاد السياسية.اعتماداً على تلك الإشكالات اسعى الى تناولها من زوايا متعددة أهمها-

أولا - سمات الدولة العراقية الراهنة.

ثانيا –التشكيلة الاجتماعية العراقية والطائفية السياسية.

ثالثا –الوطنية الديمقراطية وبناء الدولة العراقية.

اعتمادا على الموضوعات المثارة نحاول التقرب منها برؤية نقدية قابلة للإضافة والتطوير.

- سمات الدولة العراقية الراهنة.

تمر الدولة العراقية بفترة سياسية من أصعب فتراتها التاريخية وذلك بسبب كثرة من العوامل الناخرة في بنيتها السياسية -القانونية- الإدارية والتي يمكن تحديدها بالعناوين التالية –

اولاً - ازدواجية المؤسسة العسكرية

تواجه الدولة العراقية تحديات سيادية من مصادر متعددة تتصدرها القوى الإرهابية التي تعيث بالبلاد فوضى سياسية- أمنية، إضافة الى المليشيات الحزبية المسلحة وقيامه ابأعمال امنية تتمثل بالاعتقال والتحقيق والتصفية الجسدية. وتشترك الفصائل الإرهابية والمليشيات الحزبية بمعاداة الديمقراطية السياسية وسيادة القانون انطلاقاً من رؤى سلفية اقصائية.

ثانياً -ازدواجية المهام الأمنية

تمارس المليشيات الحزبية المسلحة عنفاً سياسياً ضد القوى الوطنية – الديمقراطية من خلال امتلاكها لسجون سرية، وممارستها لمهام أمنية تتمثل بالاعتقال السياسي، التحقيق مع المعتقلين، الاغتيالات السياسية، ناهيك عن كسر التظاهرات الشعبية المطالبة بإرساء الأمان والقانون في تشكيلة العراق الوطنية.

ثالثاً -تقاسم المنافذ الحدودية

- رغم ان المعابرالحدودية جزء من سيادة الدولة الوطنية الا انها أصبحت شكلاً من أشكال المساومة الطائفية بين المليشيات المسلحة والدولة الوطنية باعتبارها- المعابر- موردا ماليا للقوى المسلحة وما يحمله ذلك من اهدار حق الدولة في امتلاك مصادرها المالية.

ثانيا –التشكيلة الاجتماعية العراقية والطائفية السياسية.

تعيش التشكيلة الاجتماعية العراقية تراجعا في بنائها السياسي وتدني قدرتها الفعلية على مواجهة التحديات التي تكتنف مسيرة بناء هيمنتها الوطنية.

لتأشيرعوامل تراجع بنية وفعالية التشكيلة الوطنية العراقية يمكننا حصرهافي السمات التالية-

1—سيطرة الطبقات الفرعية السياسية في تشكيلة العراق الاجتماعية.

2—اعتماد الطبقات الفرعية على برامج سياسية – طائفية.

3- هيمنة الأحزاب الطائفية على سلطة الدولة العراقية.

4- تدني مساهمة الأحزاب الديمقراطية في تحديد سبل تطور الدولة الوطنية وصيانتها من التبعية والتهميش.

5 -تقسيم البلاد الى أقاليم طائفية بين الاحزاب الطائفية السياسية وقواها الحزبية.

ان السمات الناظمة لمسار تطور التشكيلة الاجتماعية الوطنية إضافة الى حيازة القوى الفرعية لمليشيات مسلحة أفضت الى التشكيك بالشرعية الديمقراطية وسلامة نتائجها الانتخابية.

- تعكس الانتخابات التشريعية سمات القوى السائدة في التشكيلة الاجتماعية والتي يمكن تقسيمها الى محورين–

- يتمثل الأول منهما بالقوى السياسية الطائفية التي تتمتع بالهيمنة الفعلية على أجهزة الدولة العراقية مؤكداًان هذهالهيمنةلا تعتمد على برامج وطنية -اجتماعيةشاملة، بل ترتكزعلى رؤى أيديولوجية تتمسك بالماضي وسيادة الروح الانقسامية.

اما المحور الثاني فيتمثل بقوى اليسار- الديمقراطي المساند من القوى الوطنية الديمقراطية الرافضة لهيمنة الطائفية السياسية والمطالبة بإجراء انتخابات على اساس برامج سياسية – اجتماعية وطنية بعيدة عن منطلقات وأهداف طائفية سياسية.

استناداً الى ذلك يتمتع برنامج الوطنية الديمقراطية بأهمية تاريخية تنبثق من دفاعه عن البناء الديمقراطي للدولة العراقية وترسيخ وحدتها الوطنية وتمكينهامن مناهضة الخارج الرأسمالي الهادف الى تقسيمها الى أقاليم طائفية وتعويم الروح الوطنيةلتشكيلة العراق الاجتماعية.

ثالثا –مشروع الوطنية الديمقراطية.

يتمتع مشروع الوطنية الديمقراطية بأهمية تاريخية في ظروف التوسع الرأسمالي لعدة اسباب لعل أهمها-

-ترسيخ الوطنية العراقية.

بعكس الطائفية السياسية المتدثرة بمسلمات سلفية ترتكز الوطنية العراقية على الدفاع عن مصالح طبقات بنيتها الاجتماعية بغض النظر عن انتماءاتها الدينية ساعية للدفاع عن سيادة البلاد الوطنية.

- الشرعية الديمقراطية.

تميل أحزاب الطائفية السياسية الى المنافسة الطائفية الامر الذي أفضى الى تحجيم مشروعها الوطني بعكس مشروع الوطنية الديمقراطية الذي يسعى الى اشاعة الديمقراطية لكل الشرائح الاجتماعية والدفاع عن حقوقها بأساليب شرعية ديمقراطية.

- بناء الدولة الوطنية.

يسعى مشروع الوطنية الديمقراطية الى استقلال البلاد وصيانة وحدها الوطنية وتطور اقاليمها بما يتناسب والمصالح القوميةلأممها المتعايشة، بينما تسعى الطائفية السياسية الى تقسيم الدولة الوطنية الى أقاليم طائفية متعارضة والمصالح القومية الامر الذي يدفع المشاكل القومية الى تخوم الحروب الاهلية.

--مناهضةالتبعية والتهميش.

تميل الطائفية السياسية الى التبعية والتحالف مع القوى الإقليمية المتشاركة ورؤيتها الطائفية بينما يميل مشروع الوطنية الديمقراطية الى التحالف مع الدول المناهضة للتبعية والالحاق ويعمل على صيانة الدولة الوطنية من التبعية والتهميش.

أخيرا أشير الى ان شرعية الانتخابات التشريعية تتأتى من قوة الدولة الوطنية وقدرتها على ترسيخ هيمنتها السياسية في التشكيلة العراقية استناداً الى–

أولاً- وحدانية سيطرة الدولة على أجهزتها السيادية -الامن، المؤسسة العسكرية، العلاقات الخارجية.

ثانياً- تحريم حيازة السلاح خارج الشرعية الوطنية وصيانة روح المواطن من الاغتيال – الاعتقال ومحاصرة روحه الوطنية.

ثالثاً- اعتماد البرامج الاجتماعية - السياسيةالمتنافسة الهادفة الى صيانة مصالح تشكيلتها الاجتماعية وصيانةوحدة البلاد الوطنية.

ان توفير بيئة امنية – سياسية بعيدة عن لغة السلاح والهيمنة الطائفية كفيلة بأجراء انتخابات حقيقية تسعى الى بناء دولة وطنية – ديمقراطية تتعايش في ظلهاالقوى السياسية والطوائف الدينية –والقومية المتأخية.