نواب ومراقبون: داعش والفصائل تستعدان لـ ابتلاع الدولة فور مغادرة القوات الأمريكية

Saturday 24th of July 2021 11:21:48 PM ,
العدد : 4987
الصفحة : سياسية ,

 بغداد/ تميم الحسن

ليس واضحا حتى الان فيما لو كان في العراق "قوات قتالية" اميركية او "قواعد اميركية خالصة"، في وقت تلمح فيه أطراف بالحكومة عن انسحاب تلك القوات نهاية العام الحالي.

تصريحات المسؤولين عن موعد اجلاء القوات الأجنبية من البلاد، يقابلها عدم ارتياح وتحذيرات من نواب ومراقبين وسياسيين مع تشابه "الحالة الافغانية" التي عادت فيها الجماعات المتطرفة للسيطرة على البلاد مع بدء الانسحاب الأمريكي من هناك.

وفي العراق "داعش" مازال نشطا، وتبنى للتو تفجيرا انتحاريا في شرقي بغداد، وغالبا ما يهاجم القوات الامنية والمدنيين في القرى في ديالى وكركوك والانبار. كذلك الفصائل المسلحة التي استعرضت الشهر الماضي بأسلحة ثقيلة ومدرعات وطائرات مسيرة، تهدد بـ"ابتلاع الدولة" بعد الانسحاب، وقصفت مؤخرا قاعدة للأمريكان في شمالي البلاد. كل ذلك سيكون مطروحا من العراقيين مع استئناف جولة الحوار الرابعة وربما الاخيرة بين بغداد وواشنطن حول مستقبل وجود القوات الامريكية في العراق.

حيث من المؤمل ان يزور رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي واشنطن غدا الاثنين، لبحث "الجدول الزمني للانسحاب".

وقال وزير الخارجية فؤاد حسين الذي حل بواشنطن قبل أيام للإعداد للزيارة، إن المحادثات ستفضي بالفعل إلى "تحديد جدول زمني".

كذلك قال مستشار الامن القومي قاسم الاعرجي، وهو احد اعضاء الوفد، ان يوم 31 كانون الاول المقبل "سيكون له طعم خاص" في اشارة الى احتمال انسحاب القوات الامريكية نهاية 2021. لكن المسؤولين الأمريكيين لا يؤكدون ذلك. ويقول المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس في جوابه للصحفيين عن موعد الانسحاب بانه "لا يريد استباق الاجتماع"، مؤكدا ان قوات بلاد موجودة بـ"طلب من بغداد".

القوات القتالية

الحكومة العراقية تحدثت عن انسحاب "قوات قتالية" امريكية، لكنها كانت على طول الوقت تشير الى ان القوات الموجودة ليست كذلك وهي "استشارية". علي البيدر، الباحث في الشأن السياسي والامني، يؤكد ان "الحكومة تقوم بمناورة وكسب للشارع بالحديث عن قوات قتالية، لانه لاتوجد قوات اشتباك امريكية في العراق". البيدر في اتصال مع (المدى) اضاف ان "القوات والتي عددها نحو 2500، اغلبهم خبراء ومستشارين الى جانب بعض الحمايات والعناصر الادارية". لكن هذا الكلام تنفيه الفصائل المسلحة وبعض القوى الشيعية القريبة من الحشد الشعبي والتي تهدد بالرد على جولة المفاوضات الجديدة لانها تعتبرها "غير جادة". تلك الاطراف تصر على ان واشنطن لديها قوات قتالية في البلاد، وتصف السفارة الأميركية وسط بغداد بـ"ثكنة عسكرية". البيدر يقول ان "اي انسحاب امريكي سيكون لمصلحة الفصائل التي ستبتلع الدولة وتنظيم داعش"، الذي تبنى الاسبوع الماضي هجوما نفذه انتحاري في مدينة الصدر اوقع 30 قتيلا.

الخارجية العراقية بدروها، تؤكد انه لا يمكن الاستغناء تماما عن الشركاء الغربيين في عملية تأهيل القوات العراقية، كما تنفي وجود قواعد امريكية خالصة في البلاد.

ويقول فؤاد حسين، زير الخارجية، ان القوات الأمنية العراقية "لا تزال بحاجة إلى البرامج التي تقدمها الولايات المتحدة المتعلقة بالتدريب والتسليح والتجهيز وبناء القدرات".

وهاجمت قوى شيعية وفصائل مسلحة حسين بعد هذا التصريح، ورفض قيس الخزعلي، زعيم عصائب اهل الحق، كلام وزير الخارجية ووصفه بـ"المؤسف". وقال الخزعلي في بيان انه لا يمكـن فـهـم هـذا التصريـح إلا أنـه "تسـويق للمبـررات التـي تطرحهـا الإدارة الأمريكيـة لتبريـر اسـتمرار تواجدهـا عـلى الأرض العراقيـة". وكانت الخارجية العراقية قد المحت الى انها قد تعود الى اتفاقية 2008 مع الجانب الامريكي، والتي كان قد اشرف عليها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وتم انتقادها لوقت طويل.

ومع تزايد شكوك الفصائل، استهدفت فجر الجمعة طائرة مسيرة مفخخة قاعدة الحرير العسكرية قرب مطار اربيل التي تتواجد فيه القوات الامريكية، دون تسجيل اصابات. وكانت مايعرف بـ"الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية"، أعلنت رفضها السماح بوجود أي جندي أجنبي على أراضي البلاد تحت عناوين مستشارين أو مدربين.

المأزق العراقي

اثيل النجيفي، القيادي في جبهة الانقاذ والتنمية، يؤكد ان انسحاب القوات الامريكية من العراق "هو تحصيل حاصل لان واشنطن لا تريد التورط في المأزق العراقي". النجيفي يقول في اتصال مع (المدى) انه "بعد الانسحاب ستحدث فوضى كبيرة، لا استطيع تحديد حجمها والى متى ستبقى، لكن الحياة السياسية في البلاد دخلت مرحلة الموت السريري". ومن المفترض ان تجري الانتخابات التشريعية المبكرة في تشرين الاول المقبل، وسط مقاطعة هي الاولى من نوعها للتيار الصدري، والحزب الشيوعي الذي اعلن موقفه نهار امس من الانتخابات. ويضيف القيادي في جبهة الانقاذ التي يتزعمها شقيقه رئيس البرلمان السابق اسامة النجيفي: "واشنطن ستكون لديها وسائل اخرى للتأثير على المنطقة بعيدا عن التواجد العسكري، كما انها لاتريد التورط في الفوضى التي خلقتها طهران في العراق". النجيفي يشير الى ان الفوضى توسعت كثيرا "حيث الفصائل المسلحة في العراق لم تعد جميعها تحصل على اوامر مباشرة من طهران، فبعضها اصبحت لديه مصالح خاصة".

وتسربت عدة مرات انباء عن "تمرد" تقوم به بعض الفصائل على طهران، لصالح اهداف خاصة في العراق، ووجود انشقاق في ايران حول دعم تلك الجماعات. وكان وزير الخارجية فؤاد حسين، كشف في تصريحات عن حوارات بين بغداد وطهران حول قصف مطاري اربيل وبغداد ومناطق اخرى.

وقال أثناء الحوارات الطويلة والعديدة مع الايرانيين "سواء في بغداد وطهران طلبنا منهم التدخل لدى بعض العناصر والفئات لوقف الهجمات، قلنا لهم إن بعض هذه الفئات يدعون أنهم عقائديا مرتبطون بكم". وأشار إلى أن "بعض هذه المناقشات أثمرت في مرحلة معينة عن وقف الحملات على البعثات وأماكن أخرى(....)".

انسحاب وفق التقديرات المهنية

وكان البرلمان قد صوت في مطلع 2020 على الزام الحكومة باخراج القوات الامريكية من البلاد، لكن بمقاطعة الكرد والسُنة. ويقول ظافر العاني، وهو نائب عن حزب تقدم الذي يتزعمه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، انه "ليست لدينا قناعة كما ولانرى ان من المصلحة ان يكون هنالك انسحاب دولي متسرع من العراق خصوصا وان امامنا تجربة افغانستان". ويضيف العاني وهو عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان ان "قرار الانسحاب لا ينبغي ان يكون تحت ضغط المزايدات السياسية وانما وفقا لاحتياجاتنا في مواجهة الارهاب وتقوية المؤسسة العسكرية العراقية".

ويتفق العاني مع الخارجية العراقية ويؤكد :"نحن نرى باننا ما نزال بحاجة الى اي مساعدة دولية وان قواتنا ليست مؤهلة بعد لمواجهة التحديات لوحدها".