اليسار الاشتراكي وبناء الدولةالديمقراطية

Sunday 25th of July 2021 10:53:29 PM ,
العدد : 4988
الصفحة : آراء وأفكار ,

 لطفي حاتم

حمل الفكر السياسي المعاصر كثرة من الشعارات الأيديولوجية والرؤى الاستراتيجية لبناء الدولة الوطنية وبهذا المسار حمل التيار القومي العربي شعارات الوحدة العربية كما يدعو التيار الإسلامي الى بناء دولة الخلافة الإسلام وبذات السياق يسعى التيار الاشتراكي الى بناء دولة المشاركة الوطنية.

انطلاقاً من رؤى التيارات الثلاث الهادفة الى بناء الدولة الوطنيةأحاول التوقف عند مضامينها عبر العناوين الفكرية-السياسية التالية:–

اولاً- التيار القومي ودولة الوحدة العربية.

ثانيا -الإسلام السياسي ودولة الخلافة الإسلامية.

ثالثاً – التيار الاشتراكي ودولة العدالة الوطنية.

استناداً الى المحاورالثلاث أحاول تحليلهاعبر دالات سياسية تساهم في تقديم رؤية مكثفة لمضامينها السياسية -الاجتماعية.

اولاً- التيار القومي ودولة الوحدة العربية.

اثبتت التجربة التاريخية المنصرمة فشل رؤية التيار القومي الرامية الى بناء دولة الوحدة العربية لأسباب كثيرة أهمها تغليب المهام الاستراتيجية على المهام الوطنية وتكاثرالتناقضات الاجتماعية في منظومة البلاد السياسية المتسمة ب-

-- سيادة الحزب القومي العربي الواحد في إدارة سلطة البلاد السياسية.

- اعتماد الإرهاب السلطوي الشامل ضد القوى الوطنية - الديمقراطية.

- تلازم الإرهاب السياسي وانعدام شرعية عمل الأحزاب السياسية الوطنية.

- اهدار الحقوق القومية للقوميات غير العربية وانتهاج سياسة الصهر القومي.

-- انهيار التنمية الوطنية وتراجع قاعدة الأحزاب الاجتماعية.

- التدخل في الشئون الداخليةللدول العربيةبهدف الهيمنة السياسية.

- سياسة الحروب الإقليمية وما رافقها من خراب الدولة الوطنية وتشكيلتها الاجتماعية.

- إقامة الترابطات السياسية والاقتصادية مع المعسكرين الدوليين.

--الاصطفاف مع العالم الرأسمالي بعد انهيار المعسكر لاشتراكي.

- اغتراب الدولة عن قاعدتها الاجتماعية ساعد على تطور الشرائح البيروقراطية– الطفيلية الحائزة على ثروة البلاد الوطنية والمتحكمة بالقرارات السياسية.

ان اخفاق التيار القومي في بناء دولة الوحدة العربية أثرعلى تطور الدولة الوطنية المستقلة وعرضها للتبعية والتهميش في المرحلة الجديدة من التوسع الرأسمالي.

ثانيا -الإسلام السياسي ودولة الخلافة الإسلامية.

بسبب الإرهاب الشامل ضد القوى الوطنية واحزابها الديمقراطية تشكلت لوحة سياسية جديدة في البلدان العربية تمثلت بالسمات التالية –

-- بسبب هيمنة الطبقات الفرعية على الوظيفة الاقتصادية للدولة الوطنيةتعطل تطور القوى الطبقية الفاعلة.

- هيمنة الشرائح الطبقية الفرعية -البيروقراطية الطفلية والبرجوازية الكمبورادورية، والشرائح المالية- على الوظائف الاقتصادية للدولةاعاق تطور الطبقات الاجتماعيةالمنتجة في التشكيلات الاجتماعية العربية.

- تراجع بنية الأحزاب الاجتماعية المناهضة لسياسة الإرهاب والهيمنة الدولية.

- إشاعة الإرهاب السلطوي ضد الأحزاب الوطنية وتحجيم كفاحها المناهض للتبعية والتهميش.

-- انتشار أحزاب الإسلام السياس كونها ملاذا نفسيا ضد الفقر والعوز الاجتماعي.

ان التغيرات المترافقة وهيمنة الطبقات الفرعية تلاقت وفكر الإسلام السياسي وأمست غطاءً أيدولوجي لكفاحه السياسي.

استنادا الى موضوعة هيمنة فكر السياسي أتوقف عند ملامح الأيديولوجية الناظمة لحركة الاسلام السياسية والمتمثلة بـ:-

1–تفكيك الدولة الوطنية وتحويلها الى أقاليم طائفية – قومية.

2– استبدال الكفاح الطبقي الملموس برؤية غيبية مرتكزة على أفكار سلفية غيبية.

3- استبدال النزاعات الطبقية بصراعات طائفية محاطة باجتهادات فقهية.

4– سيادة الفتاوي الفقهية- الطائفية في تحديد مسار النزاعات الاجتماعية.

5- الدعوة الى دولة الفقيه الاسلامية واعتبارها صيغة معدلة عن الإمبراطورية الإسلامية المتعددة الأقاليم.

- ان الاستراتيجيات الكبرى المتمثلة بالوحدة القومية ودولة الفقيه الإسلامية أدت الى تراجع تطورالدولة العراقية واعاقة بناء انظمتها السياسية الديمقراطية الامر الذي يتطلب اعتمادعدة فكرية متجاوبة وتطور التشكيلة الاجتماعيةعاكسة لتطلعات قواها الطبقية بما يتلاءم ومناهضة قوانين التوسع الرأسمالي الهادفة الى تشظية وتفتيت الدول الوطنية وتشكيلاتها الاجتماعية والحاقها بالتكتلات الدولية الكبرى.

ثالثاً -التيار الاشتراكي ودولة العدالة الوطنية

انطلاقاً من ذلك لابد من اعتماد سياسة وطنية قادرة على بناء الدولة الوطنية الديمقراطية

والتي اجدها في مشروع الوطنية الديمقراطية والتي تتمثل مضامينه في الموضوعات التالية--

أولاً-- بناء دولة وطنية ديمقراطية مرتكزة على مبدأ المواطنة.

ثانياً-- اعتماد الشكل الفدراليفي بناء الدولة الوطنية بهدف صيانة المصالح القومية للقوميات المتأخية.

ثالثاً-- البناء الديمقراطي لشكل النظام السياسي المنبثقمن شرعية وعلنية عمل الأحزاب والحركاتالسياسية.

رابعاً- اعتماد شكل النظام السياسي الديمقراطي المنبثق من الشرعية الانتخابية والتداول السلمي للسلطة السياسية.

خامساً-- استناد الشرعية الديمقراطية الانتخابية على البرامج السياسية للأحزاب المتنافسة وليس على البرامج الطائفية.

سادساً-- بناء شبكة الضمانات الاجتماعية الهادفة الى دفع العوز الاجتماعي عن الشرائح الاجتماعية الفقيرة والمعدمة.

سابعاً-- بناء سياسات عربية هادفة الى تقارب المصالح القومية بين الدول العربية.

ثامناً-- بناء علاقات دولية على أساس احترام المصالح الوطنية وعدم المساس بالسيادة الوطنية.

تاسعاً-- إقامة علاقات دبلوماسية مع الخارج الرأسمالي على أساس صيانة المصالح المشتركة والمنافع الاقتصاديةالمتبادلة.

عاشراً-- مكافحة قوانين التبعية والتهميش المصاحبة لسياسةالمراكزالرأسمالية الكبرى.

ان مشروع الوطنية الديمقراطية يستبعد الهيمنة الحزبية الواحدة على سلطة الدولة السياسية ويبني بدلاعنها تحالفات سياسية بين الأحزاب الديمقراطية ويشكل ضمانة وطنية لمكافحة التبعية والتهميش.

ان الآراء والأفكار السالفة تشترطها قوانين حركة التوسع الرأسمالي وسيادة المنافسة الرأسمالية بين المراكز الكبرى فضلا عن الروح الأممية للعولمة الرأسمالية العابرة لمذاهب الوطنية والقومية.