العمود الثامن: كم عاكوب سنتحمل؟

Sunday 1st of August 2021 11:13:12 PM ,
العدد : 4993
الصفحة : الأعمدة , علي حسين

 علي حسين

لا أعرف على وجه الدقة ما هو العمر السياسي والوظيفي لمحافظ نينوى السابق نوفل العاكوب، ربما عشق هذه المهنة منذ ريعان الشباب، أو أنه تعلق بها في السنوات الأخيرة! لكنه حتماً لايزال يعد نموذجاً للانتهازية السياسية ولشعار الولاء وليس الكفاءة.

تصلح قصة العاكوب، مثالاً نموذجياً لكيفية تحول موظف بسيط إلى مالك لعشرات الملايين من الدولارات، وفوق هذا إلى مسؤول يتحكم بمصير ملايين الناس، العاكوب الذي كان مجرد رقم ضمن عدد نفوس العراقيين التي وصلت إلى أربعين مليون، تحول إلى خبر اول تتلاقفه الصحافة بعد ان فرضت عليه الحكومة البريطانية في عقوبات لسجله في مجال الفساد المالي والسياسي

قفز نوفل العاكوب الى قا\ئمة اصحاب الملايين بدعم وتشجيع من جهات سياسية كانت تريد من خلاله ان تنهب اموال اعمار مدينة الموصل ، وقد تمكنت من ذلك واخذنا نشاهد فديوات للعاكوب وهو يعيد لنا مقولات"حكيمة" يعيد الحياة من عيّنة "المطرك" و"التمضرط"مع الاعتذار للقارئ الكريم ، ومرة يبكي على اموال البلاد التي نهبت ، ومرة اخرى نجده في صورة "رجل الخير والتقوى"، بعدها يفاجأ المواطن العراقي الباحث عن لقمة عيشه وعن كهرباء لا تنغصها القطوعات وأمزجة المسؤولين أن العاكوب لفلف اكثر من خمسين مليون دولار امريكي عدا ونقدا من اموال المحافظة .. تحت شعار " اني والمحافظة جيب واحد " .

لا أعلم ما هو شعور مقاتل الشعبي، خاض حروبًا من أجل تحرير الموصل على عصابات داعش واستشهد رفاقه وزملاؤه، وهو يقرأ خبر سرقات العاكوب ومعه بالتاكيد قافلة من المسؤولين الذين نهبوا البلاد ، أغلب الظن أن أي مقاتل يعرف معنى الوطنية، سيشعر بالأسى على التضحيات التي قدمت والتي قطف ثمارها اشخاص من عينة نوفب العاكوب " ، فيما لا تزال عوائل الشهداء تقف في طوابير انتظار من يعيد لها الامل بالعدالة الاجتماعية .

تسخر منا الأقدار الآن، حيث تصبح صورة " نوفل العاكوب " بديلا لصورة المقاتل الذي ضحى بنفسه، لنجد أنفسنا أمام مشهدٍ أكثر سخرية، وإهانة لتضحيات العراقيين جميعا.

ألقي القبض على العاكوب ، لكن زمن " العواكيب " لم ينته بعد، وعصر خلط السياسة بالشطارة ما تزال سوقه مزدهرة، وهناك في الظل عشرات مثل "نوفل العاكوب " ممنوع الاقتراب من حصونهم المنيعة. أيها السادة ثمة شيء أكثر بشاعة من القتل في السياسة، الفساد. ولهذا نجد أن للنزاهة قاعدة واحدة لا تخطئ، إما العيش إلى جانب البسطاء، أو التحول الى ملياردير من اموال الفقراء .

وما بين سرقات العاكوب ، ودموع امهات الشهداء ، ينحشر العراق الجديد، إذ تمضي عمليات تجريفه إنسانياً، وحرقه أخلاقياً، بحيث لا يبقى فيه إلا ناعقون وناعقات من عيّنة ببغاوات البرلمان.