انتخابات ناجحة تحت مظلة الكاظمي.. وأبرز نتائجها تراجع كتل السلاح

Monday 11th of October 2021 11:54:41 PM ,
العدد : 5041 (نسخة الكترونية)
الصفحة : سياسية ,

 خاص/ المدى

بالاعتماد على الأجواء التحضيرية التي كانت تحيط بانتخابات تشرين، ثمة إقرار واسع بأنها عملية انتخابية مميزة ومتفردة عن نظيراتها خلال السنوات الـ18 السابقة التي شهدت 4 عمليات انتخابية برلمانية.

كان هذا الإقرار مدفوعا بالأجواء التحضيرية وقبل اجراء الانتخابات.. ومن بعد يوم الاقتراع، اكتملت الصورة الإيجابية، لناحية التنظيم والاجواء الآمنة والسلسة، فضلا عن تقليل أو انعدام فرص التزوير الواسعة، خصوصا "التزوير الفني".

لم تأتِ تلك الميزات الانتخابية غير المسبوقة بهذا الشكل المطمئن من فراغ، بل كانت مدفوعة بالجهود المبذولة والحرص الشديد من قبل رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي وفريقه، الذي شكل علامة فارقة لا تقتصر فيها مكاسب الانتخابات على ما أفرزته من نتائج متمثلة بتقليل مقاعد "كتل السلاح" بحسبما يصف مراقبون، بل تتعدى مكاسبها الاشياء العينية الملموسة، إلى مكاسب معنوية متمثلة بقدرة الحكومة على إعادة جزء كبير من الثقة للشعب العراقي بالديمقراطية والعمليات الانتخابية لأول مرة منذ 2003، وتغيير قناعة راسخة بـ"استحالة" تغيير القوى الكبرى، وقلب موازين القوى في البرلمان والعملية السياسية.

وجاءت النتائج الاولية "صادمة ومفاجئة"، والتي تتضح بشكل كبير على نتائج تحالف الفتح، ثاني أكبر كتلة في انتخابات 2018، قبل ان ينخفض عدد مقاعدهم بشكل كبير، حتى لا يكاد يظهر في النتائج الاولية حتى الآن أكثر من 20 مقعدا نيابيا لهم.

فيما تصاعدت حظوظ المرشحين المستقلين، ومرشحي القوى التشرينية إلى ما يقارب الـ20 مقعدا، وهو ما يشكل تغيراً جديدا لموازين القوى.

ومن بين العوامل المميزة التي انفردت بها الانتخابات الخامسة في العراق (انتخابات تشرين) بوصفها أجريت من قبل رئيس حكومة غير مرشح ولا ينتمي لكتلة او حزب مشترك في الانتخابات، وهذا يحدث لأول مرة بعد عام 2003.

عودة الثقة للناخب

من جانبه يرى المحلل السياسي خالد عبدالإله، إن ما شهدناه من نتائج، غير نسبياً من موازين القوى، وكانت تلك التغيرات ستكون أكبر وأوضح لو أن نسبة المشاركة كانت أكثر من 41%، إلا أن المقاطعة فوتت الفرصة على تغيير المشهد السياسي بشكل أفضل من الحالي.

إلا أن عبدالإله يتوقع أنه "بفعل ما عملته مفوضية الانتخابات والحكومة من اجراءات، فأن انتخابات 2025 ستكون افضل بكثير وتقلب المشهد السياسي، بفعل الاجراءات الحالية والانتخابات الناجحة التي أعادت ثقة الناخب بالعملية الانتخابية".

وحول الحضور الدولي الواسع في الانتخابات، أكد أن "الحكومة العراقية قدمت طلبا الى مجلس الامن وصدر قرار بذلك اعطى للأمم المتحدة دورا في العملية الانتخابية، حيث أن اكثر من 790 مراقبا من الامم المتحدة معظمهم خبراء بمجال الانتخابات كانوا شاهدين على الانتخابات، وهناك بعثة لدول الاتحاد الاوروبي فضلا عن مذكرة تفاهم وقعت بين المفوضية والجامعة العربية ووجود مؤسسات مجتمع مدني عراقية محلية، فهذا الجانب الرقابي المتنوع يعطي نصرا كبيرا جدا وشاهدا على شفافية ونزاهة وعدالة الانتخابات الاخيرة".

وحول تراجع عدد مقاعد الكتل المرتبطة بفصائل مسلحة، يبين عبدالإله أن "المواطن العراقي يبحث عن الامن والاستقرار والمصلحة الوطنية، حيث أن السلاح خارج إطار الدولة شكل هاجسا مخيفا لدى العراقيين منذ العام 2014، وبدأ المواطن يشعر برغبة في العيش باستقرار وحياة كريمة"، متوقعا أن "هذه التغييرات في المشهد السياسي ستكون أوضح وأكبر في المستقبل المنظور بعد الدفعة التي اعطتها نتائج الانتخابات الحالية وترسيخ قناعة في نظر الجميع بأن الاصلاح يجب ان يكون منظورا وليس شكليا".

بغداد جسر للتفاوض

كل هذه الميزات جاءت تراكمية بفعل سلسلة من النجاحات العراقية في الفترة الأخيرة. فالكاظمي الذي رفض الترشح في الانتخابات، أو تشكيل تحالف يعبر عنه قام بزيارات ناجحة لدول الجوار، منها الامارات والسعودية، واستضافت بغداد ولأول مرة منذ 18 عاماً، القمة الثلاثية المصرية- العراقية- الأردنية، فضلا عن نجاح الكاظمي في جمع 9 دول في قمة بغداد للتعاون والشراكة في آب الماضي، التي شاركت فيها دول الجوار، وقيادات فاعلة أخرى، لتتحول بغداد من ساحة لتصفية الحسابات، إلى جسر للتفاوض والنقاش وتهدئة المنطقة، من خلال استضافتها لعدة جولات من الحوار السعودي- الإيراني، ونجاح في تنظيم وتأمين زيارة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، والنجاح برسم شكل العلاقة مع الولايات المتحدة الامريكية بعد أن كانت متوترة وغير واضحة، والمتمثلة بنتائج الحوار الستراتيجي العراقي – الأمريكي.

فرصة الولاية الثانية

ويرى مراقبون أن الكاظمي أحد أقوى المرشحين التوافقيين حظوظا، لنيل الولاية الثانية وتشكيل الحكومة الجديدة ما بعد الانتخابات.

ويقول مهند الجنابي أستاذ العلوم السياسية، في تصريحات تابعتها (المدى): "من الناحية الدستورية والقانونية وحتى التطبيقية السياسية، ليس هناك ما يمنع من تكليف رئيس وزراء غير مرشح في الانتخابات، وبالتالي غير منتخب، وهناك سابقة في هذا الصدد، بتكليف رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، الذي شكل الحكومة ما قبل الحالية".

ويرى الجنابي أنه "لو أتيحت الفرصة لحكومة الكاظمي، بمعنى لو أن التحديات والقوى السياسية الداخلية كانت أقل حدة ورعونة، لكنا قد شهدنا انجازات كبيرة تحققت خلال عهده"، مشيرا إلى أنه "كانت لديه النوايا الحسنة، لكن التحديات كانت أكبر وأقوى".

أكاديميون: من حق الكاظمي الفخر

يرى أستاذ الإعلام في جامعة أهل البيت الدكتور غالب الدعمي أن "من حق رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أن يفتخر بحكومته وبالمفوضية العليا للانتخابات ومن حقنا نحن كشعب أن نفتخر بحكومة استطاعت أن تدير العملية الانتخابية بنجاح منقطع النظير حيث أن الإجراءات سارت بانسيابية عالية ولا يمكن التزوير في هذه الانتخابات".

ويرى رئيس مركز التفكير السياسي في العراق الدكتور إحسان الشمري أن "تحرر رئيس الوزراء من قائمة انتخابية أو خوض العملية الانتخابية جعله أكثر قدرة وإمكانية على إجراء انتخابات ناجحة، كما أن وقوفه على مسافة واحدة من كل القوى السياسية المشتركة في العملية الانتخابية، فضلا عن كونه مستقلا أعطى دفعا كبيرا لهذه الانتخابات".

الكاظمي يحقق وعده

وكان رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، قد أعلن وهو خفيف الحمل، بعد أن تخلص من ثقل الأمانة المتمثلة بالانتخابات، أعلن إتمام واجبه ووعده بإجراء انتخابات نزيهة آمنة.

وقال الكاظمي، في تغريدة له اطلعت عليها (المدى)، "أتممنا بحمد الله، واجبنا ووعدنا بإجراء انتخابات نزيهة آمنة ووفرنا الإمكانات لإنجاحها"، مقدما شكره لكل من ساهم بهذا النجاح من الشعب والمرشحين والقوى السياسية والمراقبين الدوليين والمرجعية الدينية العليا.