حسين جبار يتساءل: أين نحن من الهيئات الرياضية الدولية؟

Tuesday 12th of October 2021 11:28:42 PM ,
العدد : 5042
الصفحة : رياضة ,

 غياب التوثيق الأولمبي.. وتمثيل ضئيل في الاتحادات.. وتواجد شكلي في الآسيوي!

 بغداد/ المدى

برغم قِدم تأسيس الرياضة العراقية، وريادتها في منطقة الشرق الأوسط، والقارة عامة على جميع الصُعد الفنية والإدارية والقانونية، وحصادها من المُنجزات يثري مكتبتها لعقود طويلة قبل تسعينيات القرن الماضي، وبروز شخصيات كفوءة أسهمت في تطوير الحركة الأولمبية منذ مطلع الخمسينيات،

إلا أنها شهدت تراجعاً كبيراً أقرب الى التهميش في هيئات رياضية دولية لم تجد لها ممثلّاً واحداً يشغل موقعه فيها بصلاحيات اللجان التنفيذية صاحبة القرار العلوي، بل ظلّت ممثّلة بعددٍ قليلٍ من الاشخاص المنضوين في لجانٍ ثانوية ليس لها تأثير داخل المؤسّسة الرياضية العربية أو الآسيوية أو الدولية.
حسين جبار حربي، المختص في شؤون الانظمة واللوائح الرياضية، تساءَل عبر (المدى) في استعراضه المهم لمواقع العراق في الهيئات الرياضية الدولية، عن اسباب غياب قاعدة البيانات لمن شغل أو سيشغل تلك المواقع عن الباحثين الساعين إلى بلورة تقارير توثيقية يُمكن في ضوئها دراسة أهمية إعادة النظر في حجم التمثيل العراقي داخل تلك الهيئات، وبيان كيفية ترشيح كفاءات قوية تمتلك الخبرة والتجربة ليكون تأثير دورها في رسم سياسة المنظمة أو الهيئة الدولية بما يوازي ثُقل انتماء المرشّح للعراق تاريخياً واقتصادياً وفكرياً، وليس مثلما يجري اليوم من تسميات صورية تفتقد القرار الستراتيجي والتصويت النوعي المُحرَّر من قيود المجاملات .. وحساب التوازنات!

قاعدة البيانات

من خلال متابعاتنا لعمل الهيئات الرياضية العراقية بمــــــــختلف مسمّياتها (اتحادات بانواعها, بارلمبية, أولمبية) وحجومها وتنظيمها الإداري لم نجد قاعدة بيانات توثّق لتمثيل العراق في الهيئات الرياضية الدولية، ونعتمد لغرض توثيق ذلك ما ينشر من أخبار عبر الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي، وآخرها كان مطلع هذا الشهر بفوز نائب رئيس الاتحاد العراقي لكرة الطاولة عباس وحيد الكعبي بعضوية مجلس إدارة الاتحاد الآسيوي للعبة بدورته الجديدة.

المفترض أن يكون هذا التوثيق من أبجديات عمل اللجنة الأولمبية العراقية، ليتم بعده رفع تقرير سنوي يبيّن تفاصيل هذا التمثيل وفعّاليته ومشاركات الاتحادات الرياضية في البطولات الدولية والنتائج المتحقّقة الى الجهات صاحبة العلاقة، ومنها السلطات التشريعية والتنفيذية فضلاً عن الإعلام.

سياق العمل السنوي هذا، ليس بُدعة إدارية، بل كان عرفاً أعتمدته اللجنة الأولمبية العراقية منذ تأسيسها في العام 1948 ومشاركتها الأولى في دورة لندن الأولمبية تحت مسمّى (الجمعية الأولمبية العراقية المؤقّتة) لتصدر في العام 1962 تقريرياً شاملاً أعدَّ في حينها من قبل سكرتيرها العام محمود القيسي على غرار التقرير السنوي الذي كان يصدر عن الأولمبية الدولية، ووُصِف هذا التقرير بالشامل لأنه تضمّن تفاصيل دقيقة تصل الى حدّ توثيق أسماء الرياضيين المشاركين في الدورات والاتحادات التي مثلها والألعاب والفعّاليات التي اشتركوا فيها والنتائج التي حققوها.

الأولمبي الآسيوي

نستعرض اليوم مثالين لتمثيل العراق في المجلس الأولمبي الآسيوي والاتحاد الآسيوي لبيان حجم هذا التمثيل، فالمجلس الأولمبي الآسيوي حاله حال الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يسمّيان منظّمتان علويّتان (a meta‐organization ) وهي المفاهيم الإدارية الحديثة في توصيف المنظمات الدولية التي يكون فيها الاعضاء منظّمات وطنية وليس أفراداً، والأعضاء هنا لجان أولمبية أو اتحادات وطنية فليس للعراق تمثيل في رئاسة المجلس الأولمبي الآسيوي، وهنالك فقط منصب العضو الفخري للكابتن رعد حمودي، أما عن اللجان الدائمة والتي يبلغ عددها 15 لجنة ومجموع الأعضاء فيها 197 عضواً يمثّلون 45 لجنة أولمبية وطنية، فقد كان تمثيل العراق فيها يقتصر على عضوية هيثم علي الشمري في لجنة المعلومات والإحصاء، والغريب أنّ مهمّة اللجنة هي القيام بتوثيق سجّلات النتائج والإحصاءات والبيانات، والتي تساعد على إنشاء نواة لمكتبة رياضية آسيوية، فكيف يمكن أن نسهم بفعّالية في توثيق الانجازات الآسيوية ونحن لا نوثّق أصلاً انجازاتنا الوطنية؟

حصّة غرب آسيا

أما الاتحاد الآسيوي لكرة القدم فقد فاز عبد الخالق مسعود رئيس اتحاد كرة القدم السابق بمنصب عضوية اللجنة التنفيذية، وليس المكتب التنفيذي كما يتداول خطأ فيه للفترة 2019 -2023 ضمن حصّة غرب آسيا التي يحدّدها النظام الأساس للاتحاد الآسيوي بستة أعضاء في اللجنة التنفيذية التي تتكوّن من 30 عضواً.

هنا سنتوقّف عند تمثيل العراق في لجان الاتحاد المؤلّفة من (14) لجنة أكبرها من ناحية عدد الأعضاء هي لجنة التطوير التي يبلغ عدد أعضائها 20 وأقلّها لجنة التدقيق والامتثال بـ 6 أعضاء ليبلغ مجموع أعضاء جميع اللجان 212 عضواً يتوزّعون بين رئيس ونائب لرئيس لجنة وعضو يمثلون 47 اتحاداً عضواً في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

تمثيل العراق في لجان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يقتصر على ثلاثة أشخاص كأعضاء فقط من دون منصب رئيس أو نائب رئيس لجنة، وهُم عبد الخالق مسعود عضو لجنة المسابقات، ومحمد محسن عضو لجنة الإعلام، وكامل زغير عضو لجنة المسؤولية الاجتماعية.

ولغرض المقارنة الموضوعية من ناحية التمثيل، فهنالك دول قريبة لنا جغرافياً اتحاداتها الرياضية تمتلك أضعاف هذا التمثيل، ومنها على سبيل المثال لا الحصر اتحاد كرة القدم الإماراتي الذي لديه 13 منصباً في مختلف الهيئات الرياضية الإقليمية والدولية لكرة القدم، بل أن 45% من مسؤولي رياضة الإمارات يشغلون مناصب في اتحادات دولية وآسيوية وعربية، وكذلك الحال بالنسبة لقطر التي لها عضوية في اللجنة الأولمبية الدولية ومجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) فضلاً عن رئاسة اتحادات آسيوية بمختلف الألعاب.

تخصيصات مالية

وإن أردنا استعراض أمثلة لدول تخصيصاتها المالية للرياضة مُقاربة للعراق فستكون مصر خير مثال على رصانة وحجم التمثيل في الهيئات الرياضية الدولية والتي حقّقت رئاسة وعضوية هيئات رياضية دولية منها رئاسة الاتحاد الدولي لكرة اليد.

إن استعراضنا أعلاه للأرقام والاحصاءات غرضه طرح تساؤل مشروع مفادهُ هل يليق هذا التمثيل بحجم بلد عُمقه التاريخي 7000 سنة؟ وهل هنالك جهة مسؤولة تتولّى توثيقه ليتم تقييمه من قبل مَن يُخصّصون الأموال في السلطة التشريعية ويصادقون على البرامج الرياضية التي تضعها الحكومات المتعاقبة؟ نترك الإجابة للمهتمّ في هذا الموضوع وللقارئ الكريم.