العيادة المسرحية.. نحو مسرح بديل

Monday 10th of January 2022 12:03:35 AM ,
العدد : 5101
الصفحة : عام ,

علاء المفرجي

عن الهيئة العامة للمسرح صدر كتاب (العيادة المسرحية.. نحو مسرح بديل) من تأليف د. جبار خماط ودراماتروج دلوت زينب.

ويتناول في المؤلف يعريف العيادة المسرحية والتيتعد من أهم الأشكال الفنية احتواء للتواصل النفسي السيكولوجي على مستوى المشاكل والازمات التي تمر بها الشعوب العربية خصوصا وعبر مناطق العالم عموماً، وتمدد اطراف وجودع الذي يحيط بالانطواء والانكفاء المرضي الخفي والظاهر لذلك تموقع الابداع في هذا المجال الاكثر خصوصية، وانصهارا داخل مستجدات العصر وانعكاسه التقديري للواقع المتأزم، كما يمثل التقدير الابستيمولوجي للمفاهيم التي تهدد توصيف الفهم النظري لعملية تطوير نظرية تخص وتختص في المسرح المعالج او العياديو قد خطا الدكتور (خماط جبار) خطوة هامة في تأسيس نمط فني متشبع بالنظريات العلمية والنفسية.

ويكمن النشاط المسرحي في تحديد الاعراض وتشخيص خواص مركبة في العروض الشاخصة لموضوع المرض تتضمن دراسة العرض البحث في امرين ثقافيين هامين، فهي تقودنا اولا الى استكشاف كيفية تحول الخيال، او ما يفوق الخيال الى واقع وهي تدفعنا ثانيا الى استكشاف العلاقة بين الواقع في تحويل فكرة ما، او شخصية خيالية الى كيان حي ملموس يعني تجسيدها (incarnation) ، فهو فعل تجسيد يحول الفكرة او السطور المطبوعة الى اصوات وحركات وبهذا تتكون ادوات الاداء المسرحي حسب ما يمكن تطويره داخل العلاج والفحص في الوقت نفسه.

يكون النص من مصطلحات يستخدمها المعالج في دفع مادة خطابية لفظية تشفر حالة مرضية وتفكك عناصر الرؤية والتكامل الوصفي لتحكم في ردة الفعل اثناء التلقي المباشر وهي من ادق التفاصيل التي يهتم بها المخرج المسرحي، كما اعتمدت تجربة (د.جبار خماط) على المريض ومعاناته في تخريج النص، وتأثيث ابعاده. ان التفكير الفني عند الدكتور جبار خماك يستدعي ابراز قيم انسانية تعتمد على التوافق بين سيرورة الحياة، وقضايا العصر المتراكمة على كاهل الانسان والتي قد تؤدي للانهيار العصبي واستقزاز الذاكرة وتحطم الذاتية وفقدان السيطرة على السلوك، وقد انشطرت صور متعددة في شتى وقائع الاوساط البشرية.

كما اشترك فعل (جبار خماط) مع فئة المدمنين الذين قاموا بتمثيل مسرحي يجتث تلك المساحة المعتلة بداخلهم ويفجر الصمت المكبوت في الحس المتقهقر البليد المعتم، وتخفيف معاناتهم. هذا ما ينبني في مفهوم المسرح العيادي الذي اضحى ضرورة امتصاص اكبر قدر من الاضرار والحد من تفاقم العلل النفسية والسلوكية والجسدية التي تؤثر بشكل ما على النفس، فهي تتدفق في مسار الفن وتتماثل للشفاء واقعا يستجيب لمؤثراته.

المسرح نموذج للتشخيص واعادة التموقع في الانسان كحاجة وغاية في الوقت نفسه يؤثر ويتأثر، ثم يعيد بناء شخصية سليمة قد طرحت موادها السامة المضرة فوق الخشبة وانصهرت مع الاخر كفاعل مشترك دون مضاضة تعامل ومفارقة لغة، ان البعد الذي يستقر فيه المريض ويؤسس طبيعة لغته كمعجم محيط بواقعية وسلوكية وخلفية تفكيره “فإن هذه اللغة المسرحية العارية، (وهي لغة حقيقة لا تقديرية) باقترابها من المبادئ التي تستطيع تحويل قوتها اليها شاعريا لا بد لها ان تسمح باستخدام الجاذبية العصبية للانسان، من تجاوز الحدود الاعتيادية للفن واللغة بغية التجسيد الواقعي، السحري لنوع من الابداع الكامل، حيث يتخذ الانسان فيه مكانته بين الحلم والاحداث بتعابير الحقيقة” فالمسرح العيادي هو التجاوز الفني لفعل التطهير الارسطي من الفنان الى نفسية المريض وتصوير عالمه الخبير بظنونه وشكوطه نحو الحياة وما ترسب منها، وتقدير حجم المعاناة وما يمكن ارتجاله وتخليصه من ازماته وهالة السواد التي تسكنه وتعيق وجوده.