تسريح الموظفين ليس نكتة.. العراق يأكل أموالًا قد لايحصل عليها مستقبلًا

Monday 10th of January 2022 09:07:17 PM ,
العدد : 5101
الصفحة : اخبار وتقارير ,

خاص/المدى

تنبأ وزير المالية علي علاوي، ليستبق الأحداث بعشر سنين كاملة، بنضوب الحاجة العالمية للنفط واضطرار الحكومة لتسريح الموظفين لعدم قدرتها على دفع مرتباتهم في ذلك الوقت، الأمر الذي أثار ردود أفعال مختلفة، في الوقت الذي يرى فيه مراقبون أن هذا المصير حتمي، أكدوا على أن التوظيف الفائض الذي استخدم كدعايات انتخابية و"رشى للناخبين"، منع تطوير الاقتصاد وأدى لصرف كل إيرادت البلاد للموظفين. 

 

 

وكان علاوي قد تحدث عن انهيار سوق النفط وتسريح الموظفين بعد عشر سنين من الآن، وقال في مؤتمر للطاقة عقد ببغداد، إن "قطاع النقل يستهلك نحو 60 بالمئة من النفط العالمي، غير أن الاعتماد على ذلك سيتوقف بحلول عام 2030 بعد أن ينتقل العالم إلى صناعة السيارات الكهربائية، وطي صفحة الوقود".

وتواجه الدولة العراقية الكثير من التحديات، في مقدمتها الترهل الوظيفي والإفراط في أعداد الموظفين بمؤسسات الدولة، فسياسة التعيين الحكومي المفرط وغير المدروس تسببت بزيادة كبيرة في أعداد موظفي الدولة، إذ كان عدد الموظفين الحكوميين في العراق قبل 2003 يقارب 850 الف موظف، بينما قارب اليوم الـ5 ملايين موظف في إحصائية لعام 2020.

 

 

 

الترهل الوظيفي

الترهل الوظيفي أو البطالة المقنعة كما يسميها مختصون، تزايدت في العراق بعد سنة 2003، وتصرف الكثير من المؤسسات الحكومية أجور ورواتب لمنتسبيها دون تأدية عمل وظيفي، فيما ويرى الخبير في الشأن الاقتصادي نبيل جبار خلال حديثه لـ(المدى) أن "هناك مجموعة من الأسباب التي أدت إلى الترهل الوظيفي منها سياسية من خلال التوظيف لغايات انتخابية".

وأضاف جبار أن "المشهد السائد منذ 2003  هو استخدام القوى السياسية ورقة التوظيف للحصول على مكاسب انتخابية خصوصا في التوظيف الأمني، والتي ساهمت في رفع فاتورة الرواتب، فضلاً عن أن التوظيف غير مدروس وتحت ضغوط سياسية، مما حمل العراق فاتورة أكثر من 50 مليار دولار يدفعها سنوياً كرواتب موظفين".

 

 

 

الموارد البشرية

عضو اللجنة المالية في مجلس النواب السابق عبد الهادي السعداوي، قال إن "إدارة الموارد البشرية في وزارة المالية إدارة غير مدروسة، و هناك فائض وظيفي في بعض الوزارات والدوائر، فضلاً عن وجود قلة في الموارد البشرية لوزارات أخرى"، فيما ارجع ذلك  الى "سوء التخطيط في وزارتي التخطيط والمالية في توزيع الموارد البشرية على وزارات الدولة ودوائرها والمحافظات".

 وأكد السعداوي أن "فائض التوظيف المتراكم أدى إلى إرباك كبير لأن المصاريف التشغيلية أصبحت تساوي 80 بالمئة من الموازنة الاتحادية رغم أن الموارد الإستثمارية قليلة جداً، والمشاريع  الاستثمارية تصل إلى 20 بالمئة".

 

 

 

سوء الإدارة

وأشار عبدالهادي السعداوي إلى أن الأزمة المالية التي شهدها العراق وخاصة بعد سنة 2014 اضطرت الدولة إلى الاقتراض الداخلي الخارجي، حيث أرهق كاهل الدولة بشكل كبير جداً بسبب سوء الإدارة.

وبين السعداوي أن الجانب الاستثماري معطل في العراق ويحتاج إلى دراسة شاملة للنهوض بالواقع التنموي وتحقيق تنمية شاملة في جميع المجالات، معتبراً أن ضعف الجانب الاستثماري يعود إلى ضعف الأمن والاستقرار منع الاستثمار الخارجي الدخول الى العراق، داعياً إلى "إعادة النظر ببعض القوانين وضرورة تفعيل قانون التقاعد في القطاع الخاص رغم وجوده في وزارة العمل، لإتاحة الفرص للقطاع الخاص بتالي يقل الإقبال على القطاع الحكومي".

 

 

 

التأثير الحزبي

من جانبه، يرى الصحفي العراقي إيهاب الركابي أن "الترهل الوظيفي له عدة أسباب، منها المحاصصة الحزبية التي دخلت في إدارة أغلب الأقسام والشعب والإدارة المؤسسات"، مؤكداً أن "هناك جهات تعمل بالاعتماد على إدارة أشخاص غير معنيين وليس ذوي اختصاص، مما ادى إلى حدوث الترهل الوظيفي".

وأكد الركابي لـ(المدى) أن "هذا الترهل ترك انعكاسات كثيرة في مقدمتها قلة الإنتاج وضعف الطاقة الانتاجية في المصانع التي تم إيقاف الكثير منها بشكل متعمد، وعدم إعادة تأهيلها بشكل الصحيح"، موضحاً أن "حديث وزير المالية عن عدم امكانية دفع الرواتب حديث قديم، لأن العراق يعتمد كلياً على النفط وليس له واردات أخرى سوى المنافذ الحدودية، ويجب إعادة النظر في القوانين التي تحد من عمليات الاستثمار وتفعيل القطاع الخاص للنهوض بالواقع الوظيفي وتشغيل الموارد البشرية وفق الموارد المتاحة".

 

 

 

جيوش من العاطلين

وفي إحصائية رسمية حصلت عليها الـ(المدى) فإن عدد العاطلين عن العمل في العراق المسجلين لدى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بلغ 1,717,988 مواطن، فيما كشفت البيانات الرسمية ارتفاع معدلات البطالة في العراق إلى مستويات غير مسبوقة منذ ثلاثة عقود، بالرغم من الثروة النفطية الهائلة التي يملكها العراق، و تحقق ايرادات كبيرة يمكن أن تعالج الكثير من المشاكل وفي مقدمتها البطالة والفقر.

وفي آخر الإحصاءات الصادرة عن البنك الدولي فأن مستوى البطالة في العراق بلغ 13.7 في المئة، وهو المعدل الأعلى منذ عام 1991، ما ينذر بتفاقم معاناة المواطن العراقي.