قراءة تمهيدية لمصير كرتنا..ثلاث محطّات خائبة وراء التراجع والتخلّف!

Tuesday 11th of January 2022 10:14:28 PM ,
العدد : 5103
الصفحة : رياضة ,

كتب / رعد العراقي

يتفق الجميع على أن مستقبل الكرة العراقية لازال رهينة الاجتهاد الشخصي، وردود الافعال غير المحسوبة بعد كل انتكاسة ترمي بها نحو الغموض وعدم الاستقرار والمراوحة في ذات المستوى إن لم تكن تتدحرج نحو الأسوأ جعلتها تتخلّف عن نظرائها في دول العالم.

من باب التشبيه المجازي الذي ربّما يقرّب الصورة لاذهان القائمين على شؤون الكرة العراقية فإن العملية تتمثل كقطار (لاعبين) حديث يشقّ طريقه على سكّة حديد (منهاج ورؤية احترافية) تحت قيادة (كادر تدريبي) على مستوى من الكفاءة، وتوفرت لتلك السكّة مقوّمات القوّة والثبات لتسمح بانطلاق مُريح وآمن فإنه سيصل الى كل المحطّات بسرعة ولا يخشى عليه من مطبات يمكن أن تشكّل خطراً عليه، إلا أن تلك المقارنة لا تنطبق على الوضع الراهن لها لسبب بسيط أن القطار والسكّة والقيادة هي ذاتها منذ خمسينيات القرن الماضي، ولم يجرؤ أحد على تغييرها بعد أن تهالكت وأصبحت عاجزة عن تحمّل حملات الصيانة الروتينية والوقتية بعد كل خلل يصيبها!

المشكلة إذن ان تلك العوامل لابد أن تجتمع سويّة لأجل النهوض الصحيح والثبات بالانجازات لأطول فترة ممكنة، والسؤال : من هو المسؤول عن فرض وتطبيق تلك القاعدة؟ الجواب بالتأكيد هو اتحاد الكرة الذي يبدو انه لا يزال مصرّاً على تجاهل تلك الحقيقة والاستمرار بتنفيذ سياسة الحلول الترقعيّة والسقوط بنفس الأخطاء المتوارثة التي تحجب الرؤيا وتعرقل تغليب سياسته الحالية فلا ادفوكات ولا بتروفيتش ولا مورينهو يستطيع أن يحدث التغيير الحقيقي من دون أن نعالج أصل المشكلة بدءاً من القاعدة ووصولاً إلى الهرم ونحدث انقلاباً بفلسفة الإدارة والتخطيط وأجواء إعداد اللاعبين ذهنياً ومهارياً ونفسياً.

ثلاث محطّات مهمّة يحتاج الاتحاد التوقّف عندها ودراستها وإيجاد الحلول لمعالجتها ربّما تضمن له تحقيق الانطلاقة السريعة للوصول إلى أهدافه المُعلنة وتجنّب مطبّات الانتقاد والاتهام بالتقصير.

المحطّة 1

استقطاب وإعداد الفئات العمرية، وتفعيل دور الكشّافين وإعادة الدوريات لتلك الفئات وفق آليات أكثر جديّة وتنظيّمياً تلزم جميع الأندية المشاركة بها، ووضع ضوابط صارمة في توفير كل الظروف الصحية والنقل والتغذية لها واصدار كراس تعليمي يشمل التعريف بالقوانين والإعداد النفسي وغيرها من ارشادات ودروس التنمية الثقافية والفكرية، ومن ثم اعتماد الكوادر التدريبية (الأجنبية) للمنتخبات الوطنية لتلك الفئات التي لها القدرة على تنمية الجوانب الفنيّة وتغيير أسلوب الأداء بما يتناسب والتطوّر العالمي في اللعب السريع، المقرون بالثقة والاحساس، أما البقاء على نظرية اسناد القيادة الفنيّة للمدرّبين المحلّيين وخاصّة المعتزلين حديثاً فإن تلك الخطوة هي أكبر الخطايا التي سبّبت في نضوب المواهب وتراجعنا الخطير!

المحطّة 2

فكّ التداخل بين الأولمبي والوطني وحتى الشباب كونه اصاب المنظومة الكروية بعطل مزمن رافقه خلافات ومشاكل كبيرة بين المدرّبين وشتّت جهودهم، وهو ما يستوجب وضع ضوابط مُلزمة لترحيل اللاعبين وفقاً لآلية تضمن الموازنة والانسيابية والتدرّج العلمي الصحيح الذي يضمن الاستقرار ومنح اللاعبين الجرعة النفسيّة المطلوبة بمكانته من دون استخدام أسلوب التنقّل صعوداً وهبوطاً، وحصرها بمجموعة واحدة لسنوات، وبالتالي فقدان التركيز على اسماء ومواهب، يمكن أن تشكّل اضافة قوية يمكن ان تحدّ من فرض المحسوبيّات والوساطات، والضغط على مدرّبي المنتخبات في فرض اسماء معيّنة دون غيرها!

المحطّة 3

فلسفة اختيار الكوادر التدريبية لابد أن تخرج من نطاق (الكفاءة) بمعناها الغامض، فالرؤية المتوارثة قيّدت معنى (الكفاءة) بنسبة تحقيق الانجازات وهي سقطة لا تغتفر! ويمكن تحقيق الانجازات بمساعدة عوامل منها ضعف المنتخبات وضربات الحظ وظروف التحكيم وغيرها، وهنا فإن الفوز يمكن أن يخفي وراءه عيوب وضعف الكادر التدريبي، وهو ما يتطلب أن يتجه الاتحاد نحو الثبات على اعتماد اللجان المتخصّصة بتحليل ومناقشة الأداء وأسلوب المدرّب ومدى ملائمته لفكر اللاعبين ونسبة التطوّر في الأداء الجماعي والفردي حتى عند تحقيق البطولات، وحين نصل الى مستوى الإقرار باقالة مدرّب ما برغم تحقيق بطولة معيّنة بسبب عدم قناعة اللجنة بقدرته وكفاءته على إحداث تطوّر في المستقبل عند ذاك يمكن أن نطمئِن على صحّة نهج ودقّة اختيار المدرّبين بغضّ النظر عن الاسم والانجاز.